أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 11 أكتوبر 2018

الأخوة الثلاثة (1-2)




ساعتي البيولوجية، دقت على الرابعة والنصف فجرًا، بالنسبة لآخرين، من أهالي الأسرى ربما يكسبون ساعة أو أكثر من النوم. قبل ساعات وبعد السهر مع ضيفنا من حيفا الناشر صالح عباسي، وأبو بشير، والعم جورج، وعزة، عدت إلى المخيم مشيا، وقررت النوم باكرًا، ولكن النوم لا يأتي.
لا أعرف كيف كان الأمر مع الإخوة الأطفال الثلاثة، أكبرهم في العاشرة من عمره، ومتى استيقظوا؟ ولأن باقي أفراد العائلة صنفهم الاحتلال ضمن خانة المنع الأمني، كان عليهم الاضطلاع بمهمة زيارة الشقيقين في سجن عوفر.
ركبوا في حافلات الصليب الأحمر، مثل باقي أهالي الأسرى، وذاقوا مرارة عذاب ما يعرف باسم معبر ترقوميا، دخلوا أبواب ومعاطات وعلب تفتيش من الصعب عدها، وعاشوا مرارة التفتيش، والانتقال من غرف إلى أخرى، والوقوف أمام جهاز الكشف أو التصوير وهم يفرشخون بين أرجلهم، ويرفعون أيديهم، وعندما وصولوا الخطوة النهائية، سمعوا قرار الشرطية المتأنفة من خلال زجاح: لن يسمح لكم بالمرور، انتم أيضا تشكلون خطرا على أمن الدولة..!
سيربك جميع الأهالي، ولكنهم لن يتمكنوا من فعل شيء، سيقول أحدهم مواسيا عجزهم: كل الدول العربية لن تستطيع فعل أي شيء لهؤلاء الأطفال، وستطلع التي أتت لتزور ابنها وكان الأطفال، وفق ترتيبات الصليب الأحمر، في كفالتها، بإعادتهم إلى مندوب الصليب، وستتأثر لبكائهم، وسيكون عليها من جديد أن تسير في درب آلام المعاطات والأبواب والتفتيش والتصوير والذل المقيم..!
يوم أمس وفي معرض الكتاب في التراسنطة، ستقول أمل بان الصليب الأحمر أخبرها بأنها لن تتمكن من زيارة ابنها، لأنه معاقب وممنوع من الزيارة.
وإسماعيل الذي عاقبوه في الزيارة الماضية ولم يسمحوا له بحضن رضيعه، هو الآخر ممنوع من الزيارة، ولم يتمكن ليس فقط من حضن ابنه آرام، ولكنه لن يراه حتى ولو عبر زجاج.
ولعله سيتمكن من تقبيل صورة رضيعه، التي حملتها العائلة للتي سُمح لها بزيارة شقيقها، إذا كانت الصور ستصله بأمان خلف قضبان سجن غير آمن..!
ويستمر الاحتلال..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق