أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 29 أبريل 2018

زيتونة الدومية..ديمومة الصمود...!







مثل غيرها من مفردات الإنسان والطبيعة في ريف بيت لحم الغربي، تتصف زيتونة معمرة في قرية حوسان، غرب بيت لحم، بكلمة (الصمود)، فيتم الإشارة إلى هذه الزيتونة التي لم يحدد عمرها بدقة بالزيتونة الصامدة.

يسمي بعض أهالي حوسان، الزيتونة، بزيتونة الدومية، نسبة إلى الديمومة، والتي كان كبار السن يجلسون تحتها مستظلون بظلها، وهم يراقبون النظام المائي الذي يروي مزروعاتهم، ومرتبط بشبكة من عيون الماء القديمة والمثيرة، ومن بينها عين العمود، التي لا تبعد كثيرا عن زيتونة الدومية، وأخذت العين اسمها من عامود روماني كان موجودًا في مدخلها الذي بني على شكل نفق، وتم سقفه بقطع حجرية كبيرة يطلق عليها محليا (مرابع).

ويصل النفق إلى حيث تنبع المياه من الصخور الصماء، وكانت تصب في بركة رومانية قديمة، ولكن أعمال ترميم نفذتها إحدى المؤسسات للعين قبل سنوات، غيرت من طبيعة البركة، وحولتها إلى بركة إسمنتية، وتم رمي جزء من المرابع الحجرية في الحقول المجاورة للبركة.
وخلال أعمال الترميم، عثر تحت بلاطة في المكان الذي تصب فيه المياه، على بقايا متآكلة من قطع نقدية فضية، يعتقد بان بناة العين الأوائل الرومان، وضعوها تبركا بعد إنجاز أعمال بناء العين.
وتم نقل العمود الروماني من مكانه، ووضعه خارج البركة الحديثة، وتنقل المياه من هذه العين قناة قديمة محفورة في الصخور، إلى الحقول المجاورة.
وبالقرب من هذه العين، توجد منشأة حجرية، لم يحدد أحد طبيعتها، ولكنها يمكن أن تكون معصرة عنب أوّ نبيذ، ويمكن ترجيح ذلك من الأحواض والقنوات المحفورة في الصخور، وتعتبر هذه المنشاة مثيرة للاهتمام بدقة صنعها.
في هذا الفضاء المثير للمشاعر، تنتشر حقول الزيتون الروماني، وفي إحداها تنتصب زيتونة الدومية، التي يقدر المزارع حيدر حمامرة عمرها بنحو 900 سنة، ولكن قد يكون ذلك بالنسبة للبعض فيه مبالغة، في ظل غياب دراسة علمية حول الزيتونة يمكن أن تحدد عمرها.
ومن المؤسف بان توسيع شارع زراعي محاذ للزيتونة المعمرة،، أدى إلى تضرر جذورها، وهو ما أثار انتقادا لعدد من المهتمين كيوسف الشرقاوي، الذي أكد على أهمية الانتباه إلى ما يسميه كنوز الطبيعة الفلسطينية، ودعا إلى تدارك ما حدث.
وحسب حيدر حمامرة، فانه سيتم بناء جدار على طول الشارع، من شانه أن يوفر حماية لزيتونة الدومية، مشددا على أهمية توسيع الشارع لخدمة المزارعين في المنطقة الذين يواجهون مصاعب جمة من قبل سلطات الاحتلال.
وتقع الزيتونة في مسار يشمل عدة عيون من قرية حوسان إلى قرية بتير، يسمى مسار وادي جامع، نسبة لعين جامع في قرية بتير، أو وادي العيون، وهذا الموقع مسجل على لائحة التراث العالمي المهدد. 
ويطلق المستوطنون على المسار (وادي بيتار) وينظمون جولات منتظمة لإسرائيليين يأتون من مختلف المناطق، ليسمعوا رواية احتلالية عن المكان.
وبسبب موقع حوسان، قريبًا من الخط الأخضر، كانت عرضة للإجراءات الإسرائيلية العدوانية، وأشهرها في عام 1956، عندما هاجمت قوات كوماندوز إسرائيلية المخفر الأردني في القرية، وارتكبت مجزرة ذهب ضحيتها العديد من المواطنين.
والقرية مستهدفة الآن من قبل المستوطنين، وتنبه تقارير مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (اوتشا)، إلى تأثير النشاط الاستيطاني، على الوضع الإنساني لقرى الريف الغربي لبيت لحم، بما فيها قرية حوسان.
وحذر تقرير لـ (اوتشا)، نُشر عام 2010، من نية الاحتلال الإعلان عن ضم منطقة الريف الغربي لما يعرف بالمشروع الاستيطاني القدس الكبرى، وأوضحت أن الوضع الديموغرافي في غرب بيت لحم انعكس بشكل دراماتيكي حيث يوجد 60 ألف مستوطن يهودي مقابل 22 ألف فلسطيني.
ووسط هذا العصف بالأرض والإنسان، تستمر زيتونة الدومية بالصمود.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق