أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 26 فبراير 2018

زخرفة الوسائد في كنيسة القيامة









يعتبر باب مريم، أحد أبواب كنيسة القيامة المتوارية عن الأنظار، بسبب موقعه غرب الكنيسة، ولعدم استخدامه من فترة طويلة.
يعود الباب المغلق والذي لا يظهر غير نصفه، إلى الفترة الصليبية، والتي خضعت فيها كنيسة القيامة إلى تغيرات، وما يظهر من الباب يسمى قوس مريم، تحمله أعمدة من الحجر المحلي وزين المهندسون مقدمة القوس بما يعرف بالوسائد المزخرفة، وهي عبارة عن تشكيلات حجرية على شكل وسائد صغيرة رصت بجانب بعضها البعض، وخلفها حجارة طويلة منحنية مع انحناءات القوس.
الباب الذي استخدم في العصور الوسطى، لا يعرف متى أغلق أو السبب في إغلاقه، وقد يكون حدث ذلك في مرحلة لاحقة، بعد تحرير صلاح الدين الأيوبي للمدينة المقدسة وطرد الصليبيين منها، حيث شهدت المرحلة الجديدة التي دشنها صلاح الدين إحداث إصلاحات واتخاذ إجراءات أمنية شملت إغلاق أبواب في مؤسسات دينية في القدس، كحال الباب الذهبي في سور الحرم القدسي الشرقي.
وفيما يخض كنيسة القيامة، أغلق صلاح الدين أحد أبواب الواجهة الرئيسة الآن للكنيسة والتي يدخل من بابها الواسع الزوار.
تعتبر الوسائد المزخرفة، واحدة من مفردات العمارة الفلسطينية التي استخدمت في تزيين أبواب وأقواس، ضمن رؤى هندسية تتعلق ليس فقط بالتزيين الجمالي ولكن أيضا بالمتانة البنائية المتعلقة بهندسة الأقواس سواء التي استخدمت كأبواب أو شبابيك، ولعل قوس مريم في مدخل كنيسة القيامة الغربي أبرزها.
وتحجب المحلات الملتصقة بجدار كنيسة القيامة الغربي، مشهد الباب كاملا، مما يعيق دراسة الوسائد المزخرفة الحجرية، ووضعها في سياق تاريخ العمارة الفلسطينية.
في شهر كانون الأول 2009م، نفذت حكومة الاحتلال، ما وصفتها عملية تنظيف لباب مريم، وهو ما أثار استنكارا وغضبا باعتبار أن ذلك يشكل تدخلاً من قبل حكومة الاحتلال في ما يسمى الاستتكو، أي الوضع القائم لكنيسة القيامة، واستدعت الحكومة الأردنية حينها السفير الإسرائيلي في عمّان، وأبلغته موقفها الرافض لأي تغيير على الوضع القائم في كنيسة القيامة، ذات الوضع الحساس، إلا أن حكومة الاحتلال تجاهلت ذلك، واعتبرت نفسها المسؤولة عن الباب، لان حكومة الانتداب البريطاني كانت تتولى مسؤولية المكان، وهي تفعل ذلك الآن بصفتها الدولة الوريثة.
وحسب سلطة الآثار الإسرائيلية فان تدخلها لم يقتصر على تنظيف باب مريم، ولكن أيضا تدعيمه بحجة أنه آيل للسقوط، ولكن الأمر تحوّل إلى فضيحة، عندما التقط باحث أجنبي، مهتم بالآثار، يدعى كريغ دانينغ، صورا أثبتت أن حكومة الاحتلال أجرت تغيرات على وضع الباب، وأزالت حجرا أثريا، ونقلته، مسروقا، إلى مكان لم يُعلن عنه.
وأظهر دانينغ الحجر في صورة التقطت قبل بدء الأعمال الاحتلالية في الموقع، وبعد بدء الأعمال الأحادية، أظهر صورة أخرى، تبين أن الإسرائيليين أزالوا الحجر، وفي الصورة الثالثة، يظهر ثلاثة رجال من سلطة الآثار الإسرائيلية وهم يسرقون الحجر وينقلونه إلى مكان غير معلوم.
والآن يبدو باب مريم وقوسه، مهمشا، لا يظهر كاملا، يفصله عن أحد شوارع بلدة القدس القديمة، حاجز من الحديد، وضعت سلطات الاحتلال خلفه قوارير يفترض أنها مخصصة لزراعة الورد، ولكنها ممتلئة بالنفايات، تشير إلى واقع الباب الحالي تحت الاحتلال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق