يسعى
المواطنون لتحميل السهرات الرمضانية التقليدية في باب العمود بالقدس، ملامح وطنية،
مع استمرار العدوان الاحتلالي على غزة.
ويشهد محيط
باب العمود، كل عام في رمضان، حضورا مكثفا للمواطنين، وللزوار الأجانب، يجلسون على
الأدراج، يحتسون القهوة، ويدخن بعضهم الأرجيلة، ويسهرون حتى السحور.
وبسبب اجراءات
الاحتلال المشددة، لم يصل إلى مدينة القدس، خلال هذا الشهر من الضفة، إلا نسبة
قليلة مقارنة مع الأعوام الماضية.
وقال البائع
اسحق طرعاني: "في أول جمعتين من رمضان كان عدد زوار القدس من أهلنا في الضفة
محدودا جدا، تحسن قليلا في الجمعة الثالثة، لكنه بقي أقل بكثير من الأعوام
الماضية".
ورغم ان
السهرات الرمضانية، في باب العمود، ليست بالزخم المتوقع، إلا ان اصحاب الاكشاك
المؤقتة، بالقرب من الباب وسور القدس، لديهم اصرار على إحياء هذه السهرات، التي
تبدأ بعد الافطار.
وخلال هذا
الشهر، برز في هذه السهرات، دور لأطفال القدس، الذين يحاولون بطرق عدة المحافظة
إعادة الاعتبار للشهر الفضيل في المدينة المقدسة.
وبرز في باب
العمود، طفل عمره اربعة أعوام، ابن لأحد أصحاب الاكشاك، يظهر منذ بداية الشهر
الفضيل، في سهرات باب العمود، بلباس يحاكي، شخصية العقيد أبو شهاب في مسلسل باب
الحارة السوري، الذي لقي شعبية في فلسطين والدول العربية.
ويرتدي الطفل،
كوفية واللباس الذي ميز رجال الحارات الشامية، ويحمل بندقية بلاستيكية، في اشارة
إلى الدور الوطني، الذي يراه المشاهدون في العقيد أبو شهاب، حامي الحارة.
ويستوقف منظر
الطفل، الذي يتحرك بين الجالسين على أدراج باب العمود، الصاعدين والنازلين، من
وإلى البلدة القديمة، ولان الطفل، يدرك ما يثيره لباسه في الناس، فانه يتصرف بلا
مبالاة، ويكتفي بتحريك بندقيته الوهمية.
ويقدم أصحاب
الاكشاك لـ "العكيد"، كما يلفظون لقب الطفل، أشياء من التي يبيعونها،
له، فيأخذها راضيا، ثم يسير متبخترا، محركا بندقيته الوهمية.
وجلب بعض
الأطفال فرشة كبيرة ووضعوها على الدرج،ـ وأدوا حركات بهلوانية، كالقفز في الهواء،
وسط اجواء مرحة، بينما تنطلق من سماعات الأكشاك اغان وطنية، تحي غزة ومقاومتها.
وتساعد
الأجواء الصيفية اللطيفة، في انجاح السهرات في باب العمود، التي يعكر صفوها، بين
فترة وأخرى، دخول جنود وشرطة الاحتلال بين الناس.
ويعتبر باب
العمود، أجمل أبواب بلدة القدس القديمة، ويُعتقد بان المهندس الاسطوري سنان، هو من
صمم هذا الباب، الذي يطلق عليه الأجانب باب دمشق. ويمتاز بتفاصيله المعمارية
الثرية.
واكتشف أسفل
هذا الباب الذي يعود للعصور العثماني، باب آخر بناه الرومان، ومنشآت أخرى تعود
لعهود إسلامية.
وفي بعض
الأحيان، يتحدى أحد الاطفال، غطرسة جنود الاحتلال، فيظهر واحد منهم أعلى باب
العمود، حاملا علما فلسطينيا.
ليل باب
العمود، يستقطب، أناس من مختلف الطبقات، والأديان، والقوميات، وبفضل عدد من أطفال
وفتية القدس، يحافظ على ألقه، في ظل اجراءات الاحتلال القاسية، التي تفرض حصارا
مشددا على القدس منذ اذار 1993، ويزداد قسوة مع كل عام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق