يكره المحتلون، أية حياة مدنية لشعبنا، كل خمس سنوات..عشر سنوات.. ثلاث
سنوات، كل سنة، يتحركون لوأد أي تململ في الحياة المدنية. منذ ذلك الجزيران، تقلصت
المدن، مَن يذكر مثلي، تلك المدن الجنينية التي كانت تخطوا إلى الأمام، وكيف انتهت
إلى سجون: الخليل، وبيت لحم، وأريحا، والقدس (قسمها الشرقي)، ونابلس، ورام الله
(لا يغرنكم الزبد الذي يطفو عليها بطول شبر وقدرته العجيبة على اغراق الدَنسين).
المحتلون، لا يحبون، بنايات منفردة، ولا بنايات مرتفعة، يكرهون: المقاهي، والمدارس،
والشوارع، والبارات، والمساجد، والكنائس، والصحف، ودور السينما، والمكتبات،
والميادين، ودجاج نعوم، وحمص العكرماوي، وفلافل افتيم، وسينما الحمرا، وواشمة حارة
النصارى، وآبار العشق والقداسة والجان، وكعك القدس، وشطة غزة الحمراء الحُرة (بدون
بندورة مغشوشة)، وعزيز ضومط، وتوفيق كنعان، ومحمود شقير، وجورج أنطونيوس، وخليل
السكاكيني، وعارف العارف، واسطفان اسطفان، وحليم الرومي، ورياض البندك، ومكتبة
الاندلس، ومنشورات صلاح الدين، فيتحركون مدججين، ليدكوا، ويدكوا..في الواقع هم
الذين يدكوننا...بشرا، وحجارة.
غزة بالأمس، فقط بالأمس، لم تكن أكبر مخيم لاجئين في العالم، وإنما كانت
الميناء الثالث في فلسطين، يُصدر الحبوب من الخليل وبئر السبع، وما تنتجه غزة من
شعير لصناعة البيره الألمانية..!!
منذ ذلك الأيار، وذلك الحزيران، أصبح المزارعون، يزرعون القمح والشعير وتحصدهم
القنابل..!
"منجلي
يا منجلاه
رحت
للصايغ جلاه
منجلي
يا أبو الخراخش
يا
اللي في الزرع طافش
منجلي
يا أبو دية
يا
اللي الك في الزرع هية
منجلي
يا أبو رزة
ياللي
اشتريتك من غزة"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق