خصصت مجلة الهلال
عددها الأخير (يونيو 2014) لمؤسسها جرجي زيدان، مع هدية ظريفة: العدد الأوّل من
المجلة العريقة.
من بين المواضيع لفت
انتباهي ما كتبه الصحافي حلمي النمنم، عن رحلة جرجي زيدان إلى فلسطين عام 1913،
ونشر مشاهداته في تسعة أعداد متتالية من مجلته الهلال، حتى وفاته.
ركز جرجي على ما يجري
في أرض فلسطين، والغزوة الصهيونية المبكرة، ورصد عدد المستوطنات، وما يجري فيها،
وازدهار أحوال اليهود، وتراجع أحوال العرب. وعدم مبالاة دولة الخلافة.
المقارنات التي
يجريها بين اليهود المهاجرين، والعرب أصحاب الأرضّ، عديدة، ويمكن الرجوع إليها،
فعدد الهلال متوفر في الأسواق، ولكن ما يلفت حديثه عن الاهتمام اليهودي بالتعليم،
خصوصا المدرسة الكلية في "محلة تل أبيب في يافا"، والواضح ان هذه ليست
مدرسة بالمعنى الحالي للمدرسة، ولكنها جامعة أثارت دهشة جرجي فتحدث عنها بالتفصيل،
فهي تُعلم: "العلوم العالمية، والطبيعة، والرياضية، فضلا عن التاريخ
والجغرافيا والآداب، وتُعلم اللغات العبرانية والفرنساوية والتركية والعربية،
وفيها المعارض والمعامل للطبيعيات والكيمياء والتاريخ الطبيعي والتصوير".
ولا يخفي جرجي دهشته
من إحياء هذه الجامعة للغة العبرية، من خلال تدريس مختلف العلوم بها. الغريب ان
الجامعات العربية الان، ربما باستثناء السورية، لا تدرس المواد العلمية باللغة
العربية، التي يتحدث جرجي عن أهمية ذلك البالغة.
ما خرج به جرجي حول
مستقبل فلسطين، بعد رحلته، كان في غاية التشاؤم، رغم انه لم يفقد الأمل في انقاذ
البلاد. لكن النخب السياسية من أفندية فلسطين، وغيرهم في العالم العربي، لا يأخذوا
بما يطرحه المفكرون.
ما كتبه جرجي، ليس
غريبا على الرؤى النقدية التي طرحها البعض حول فلسطين، ولكنه كان أسبق بكثير من
تلك الرؤى التي ظهر الكثر منها بعد النكبة مباشرة (موسى العلمي، نمر الهواري،
قسطنطين زريق مثلا)
ما كتبه جرجي، ذكرني،
برواية سحر خليفة، أصل وفصل، ورؤيتها النقدية، ومقارنتها بين حالي اليهود والعرب
في فلسطين. ولكن الأصوات العالية وثيقة الصلة، بالظواهر العربية الصوتية، يبقى
غالبا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق