أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 15 يونيو 2014

ثلاثة ينابيع تقهر الصحراء..!!







لا يبدو عودة محمد إرميلية، مجرد حارس على نبع الديوك، في قرية الديوك، قرب أريحا، وإنما تربطه علاقة خاصة بالنبع الذي يتدفق من أسفل الجبال الشاهقة، التي تقف على حوافها الحجارة الضخمة، وبعضها اقترب أكثر من اللازم من المنازل السكنية، مشكلا خطرا مؤجلا عليها.

على هذه الجبال، يمكن مشاهدة الصوامع التي حفرها الرهبان الذين سكنوها يوما ما، وعليها أيضا، ينتصب دير قرنطل الشهير، الذي أقيم لذكرى التجربة التي عاشها السيد المسيح عليه السلام، في المكان.

تتخذ القرية موقعها أسفل الجبال المطلة على أريحا، ومن موقعها تبدو وكأنها تحرس مدينة القمر، الواحة الخضراء في أخفض منطقة على وجه الأرضّ.

نبع الديوك، يجاوره نبع النويعمة، ونبع أصغر يسمى الشوصة، ورغم ان هذه الينابيع تتدفق من مصدر واحد، ولا يفصلها سوى جدران حجرية وضعت لتحديد حدود ما، إلا ان لكل منها قصة ومسار مختلف لتجمعات سكانية، استوطنت المنطقة بفضل هذه المياه.

يقول إرميلية: "حياتي ارتبطت بهذه العين، أنا لست فقط موظفا هنا، ولكن حياتي تنبع من هنا، مثل هذه المياه".

وانهمك إرميلية، مع أحد أبنائه في جمع نباتات نمت بفضل المياه التي حولت الأرضّ الصحراوية الجافة، إلى واحة شهدت تعاقب حضارات عديدة عليها.

على نبع الديوك، تظهر ما فعلته اليد البشرية، من بناء جدران حجرية على طرفي القناة التي تسير فيها المياه منذ تدفقها من تحت الجبل، ثم تنقسم إلى قسمين: جزء من المياه تسير في قنوات طويلة وعديدة تروي أراضي المواطنين وتصل حتى ما يعرف بالديوك التحتا، والجزء الاخر، يشرف عليه إرميلية بشكل مباشر، ويمزجه بالحصص المقررة من الفلور وهو مخصص للشرب وللاستخدام المنزلي.

وتشرف البلدية على شبكة المياه الحديثة، ولكن نظام الري الخاص بالأراضي، فهو قديم ومتوارث كما يقول إرميلية: "هناك خمس حمائل في الديوك، لكل حمولة عدد ساعات معينة من المياه، مقسمة على أفراد الحمولة، على مدار 365 يوما في السنة".

ويضيف: "مثلا لو ان حصة حمولة ما 12 ساعة من المياه في الاسبوع، فانها تُقَسّم على أفرادها وكل مزارع يعرف حصته وفق جدول متوفر دائما في البلدية".

وحول السكان الجدد الذي يشترون أراض في المنطقة، يقول إرميلية، بان نظام توزيع المياه مقتصر على الحمائل في الديوك، وان أي مزارع جديد يستطيع شراء الماء من أي شخص اخر له حصة، أمّا مياه الشرب والمخصص للاستخدام المنزلي، فيمكن لأي مواطن الحصول عليه بالاشتراك في شبكة المياه.

يزهو إرميلية، بماء العين، وكأنه يراها للمرة الأولى، ويقول: "لا أستطيع ان اغيب كثيرا عنها، انها تعطي الحياة لهذه الأرضّ، وتمنح حياتي معنى".

وتحافظ العين على قوتها على مدار العام تقريبا، إلا انها كما يقول إرميلية تخف في شهور الصيف بنسبة 1-2%.

ونفس الامر ينطبق على عين النويعمة المجاورة، والتي تنبع من نفس مكان عين الديوك، ولكن لها مسار مختلف، إذ تروي أراض عائلات قرية النويعمة.

وحسب محمد العواطلة، عضو مجلس محلي النويعمة والديوك، فان مياه العين المخصصة لري الأرضّ، مقسمة إلى حصص وساعات تخص حمائل القرية، وفقا لجدول متفق عليه.

وتختلف حكاية العين الثالثة (الشوصة) وهي الأصغر، في انها ملكية خاصة لعائلة الدجاني، وتساهم ايضا في ري بعض البساتين، وتحويل الأرضّ الصفراء إلى خضراء. مزروعة بالبرتقال والموز ومحاصيل مختلفة

تقع قريتا النويعمة والديوك إلى الشمال الغربي من مدينة أريحا. بلغ عدد سكان الديوك عام 1945 نحو 730 نسمة، وفي عام 2004 أصبحو نحو 800 نسمة.

أمّا سكان النويعمة، فقد بلغ عددهم عام 1945 نحو 240 نسمة، وفي عام 2004، أصبحوا نحو 1144 نسمة.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق