للروائي أسامة العيسة
الذي اعتقل عددًا من المرات لمدد غير طويلة رواية بعنوان "المسكوبية" كتبها
من وحي تجربته في الاعتقال، وفيها تفاصيل عن القدس وعن سجن المسكوبية الكريه، الذي
دخله الآلاف من المناضلين الفلسطينيين واكتووا بجحيمه وصمدوا أمام قسوة المحققين
والسجانين الإسرائيليين.
يكتب أسامة: "لا
أعرف كم مضى من الوقت وأنا أقف خارج الغرفة التي يصعب نسيان ما كان يجري فيها،
وكلما حاولت أن أحرّك أحد أطرافي، أتعرّض للكمة على رأسي أو جنبي، أو رفسة على
إحدى رجليّ. مِن الصعب تحديد الزمن أو مَعْرِفَة الوقت. الزمن في السجن غير
الأزمان في الخارج، وزمن الزنزانة غير زمن الشبح، وهذا غير زمن التحقيق، وهذا غير
زمن شبح الكرسي، وهذا غير زمن تعذيب الخزانة، وهذا غير ذاك وذاك غير هذا. الزمن
نسبيّ، فكيف عرف آينشتاين ذلك دون أن يُسجن؟".
ويكتب: "الدماغ
لا يكفّ عن التفكير في الزنازين، ستتذكر أمورًا كنت نسيتها، وتفاجأ بأنك تذكرها أو
أنها حدثت معك فعلا. الدماغ يبقيك على قيد الحياة في السجن. دون هذا العضو العجيب
في الجسم، لا توجد حياة. كل أعضاء الجسم تتألم من آثار الجروح والرّضوض، وهو وحده يسليك،
يُؤْنِس وحدتك، يُيفك ويُشجّعك، يحضر لك وجوه عائلتك، والفتاة التي تحبّها، والتي
ابتسمت لك ذات يوم بِخفر، ولا تعرف أين أصبحت الآن، والتي تمنيتها ولم تطلْها،
والتي أحببتها وكرهتك، والتي أحبتك ولم تراعِ مشاعرها. يُذَكِّرك بوجوه الأصدقاء
الذين ينتظرونك، ويفخرون بصمودك، ستكون لهم مثلا، يقنعك بأنك قوي، أقوى مما كنت
تتصور عن نفسك، بأنك ما زلت تعيش، رغم كل ما حدث معك، من يستطيع أن يبقى لو مَرّ
بتجربتك؟".
مجلة المقدسية/ العدد
14/2022
#رواية_المسكوبية
#القدس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق