بين لوسي والجنود،
كلب عسكري مدجج.
لم أستيقظ على أزيز الجنود،
عندما اقتحموا المخيم فجرًا. اكتسبت دربة الاستغراق في النوم، على لعلعة الرصاص،
نوع من النوم في ظلال الطلقات، إذا استعرنا عنوانا من الحقبة الرومانسية، ولكن في
الصباح أيقظني نباح لوسي، ولأن العشرة تُعلِّم، حتى غير القادر على التعلم، عرفت أن
لوسي تنبح على الجنود. نباح لوسي لغة افهمها.
بين لوسي والجنود،
جدار قصير. ما يستفز لوسي ليس فقط وجود الجنود بأسلحتهم في هذا القرب منها، ولكن
الأهم، وجود الكلب العسكري المدرب، في فضاء وجودها.
فتحت الشباك لأهدئ من
روع لوسي، ولكن بندقية مصوبة من جندي، أدركت في لحظة مقدار الخوف في عينيه، وصرخة
منه جعلتني أتراجع.
خرجت إلى جهة المنزل
الأخرى، لاقى جيش آخر من الفتية. ورود مسلحة بحجارة. خاطبتهم بجبن الحكمة التي
نرثها من السنوات: أرجوكم تراجعوا، الجنود سيطلقون النار عليكم، يكفينا الشهيد
أيمن، لم تجف دماؤه بعد.
رأيت والد الشهيد
أيمن وقد طالت لحيته وازدادت بياضًا، وبضعة نسوة، وفتية لم يأبهوا بكلامي، وتطوع
منهم من قال مطمئنًا: لا تقلق، نعرف ما يمكن أن نفعله، وانهمرت الحجارة، طائرة من
شارع، فوق منزلي إلى الشارع الآخر.
عدت لأطل من الشباك،
فيهدد الجندي بإطلاق الرصاص. لا يريد أن يصيبني، يبحث عن فتى ليطلق عليه.
عندما تقهقر الجنود
المؤللين، لاحقهم جيش الفتية. أطلق جندي، قد لا يكون الجندي الجبان الذي احترف
التصويب عليَّ، النار، فأصابوا عددا من الفتية، أحدهم أصيب في البطن في حالة خطرة.
تجمعت النسوة اللواتي
عبث الجنود في منازلهن، في الشارعين، مفجوعات، متضررات، والرصاص ما زال يلعلع في
سماء المخيم، الذي يفترض أنه محطة على طريق عودة، طالت ولا تتحقق.
لوسي يمكن ان تستمتع
للهراء الكامن في نصائحي، أقول لها: يا كلبة، يا حمارة، إذا استشهدت، لن تجدي حتى
من يترحم عليك! هؤلاء البشر، جنس بشع!
الجندي الجبان، خلفه
خطط، وقيادة مخلصة، والفتية الشجعان، يتهورون بدون خطط، وخلفهم، ليس إلا نخب
فاقعة، تفكر في مصالح موسكو، وأنقرة، وطهران، حتى بدون أن تطلب الدول الكبرى منها
ذلك.
الفلسطيني لا يرشق
الحجارة، أو يستشهد، أو يجرح، من أجل أن ينتصر. إنها مساهمته في ملحمة شعرية، لا
تنتهي.
الفلسطيني سيِّد
الخسارات.
بعد ساعات سيعود
الفتية إلى الفيس بوك، يمارسون رياضة التمرجح بين شقاق فتح وحماس، وروسيا وأوكرانيا،
والأسد وطهران.
#مخيم_الدهيشة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق