أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 16 أبريل 2021

الأكاديمي عاشق الأرض وشهيدها



خيم الحزن على بلدة الخضر، غرب بيت لحم، التي فجعت خلال الأسابيع الماضية، بفقدان عددا من أبنائها، بسبب الكورونا، ولكن هذه المرة، فجعت بفقدانها الدكتور علي عبد السلام صلاح (57) عاما، أحد أبرز أكاديمييها، الذي أمن أن الحياة ليست سوى: "رمشة عين" تمضي سريعا.

يشغل الدكتور صلاح، منصب مدير فرع جامعة القدس المفتوحة في بيت لحم، الذي شغله متدرجا، كمحاضر في الجامعة، منذ سنتها الأولى.

ولم يشغل منصب صلاح، الذي عرف بدماثة أخلاقه، عن ارتباطه في الأرض، فظل على مدى سنوات طويلة، صامدا في أرضه المجاورة لمستوطنة نفي دانئيل، التي أقيمت على أراضي المواطنين في جبل النبي دانيال، وهو واحد من أعلى الجبال جنوب القدس، يطل على مشاهد لمدن وقرى في محافظتي بيت لحم والقدس.

وطالما اعتبر عمله في الأرض وفلاحته لها، واجبا، وجعله التحدي مع المستوطنين، يظل دائما متحفزا، لا ينقطع عن أرضه ليلا أو نهارا، ولم يكن الأمر سهلا، فسجل مواجهته مع المستوطنين حافلا، الذين طالما قطعوا أشجاره، وخربوا أرضه، وصادروا مزيدا منها، مثلما فعلوا، عندما أنشأوا دوارا قريبا من مدخل مستوطنة النفي دانيئيل.

يشيد مهند صلاح، الذي تقع أرضه قريبا من أرض الدكتور صلاح، بصمود الأخير.

يقول صلاح المعروف باسم أبو سيدرا: "لم ينقطع الدكتور علي عن أرضه، وعشية شهر رمضان، وصل الأرض ليتفقدها، لأنه كان يقدر بأنه قد لا يكون لديه الوقت، بسبب التزامات الشهر الفضيل، من الوصول الى الأرض، كما السابق، وتأخر مساء، ولقي حتفه خلال سياقته لجرار زراعي في أرضه".

يضيف صلاح: "كنت أول الواصلين إلى مكان الحادث، ولكن قدر الله سبق، رأيته وقد انقلب الجرار عليه، في أرضه التي أحبها، وليصبح شهيد الأرض والواجب".

نقل جثمان صلاح، وقد هبط الليل، من أرضه التي لفظ أنفاسه الأخيرة عليها، إلى بلدته، ليواري الثرى في مقبرة البلدة.

وقال الشاب محمد صبيح: "فاجعة تهز بلدتنا، برحيل الأكاديمي الخلوق الطيب، دفاعا عن كرامته وأرضه، التي ستفتقده".

ونعت حركة فتح-إقليم بيت لحم/ منطقة الخضر التنظيمية، الدكتور صلاح: "الذي استشهد مرابطا على أرضه في وجه الاستيطان".

وأخر نشاطات الدكتور صلاح، قبل وفاته مشاركته في الجولة التي نظمتها جامعة القدس المفتوحة/فرع بيت لحم، في أراضي قرية بتير، التي لا تبعد كثيرا عن أرضه، ووادي الصرار وقرية القبو المهجرة، ورعايته لخريجي الجامعة، رغم الظروف الاستثنائية بسبب دائحة كورونا.

وقال حاثا المشاركين في الجولة على الاهتمام بالأرض والتجوال فيها: "قبل الكورونا كنا هنا، وكأنه الأمس، العمر يمضي برمشة عين، إن شاء الله يجمعنا في المسجد الأقصى، قريبا وهو محرر".

وهنأ يوم الحادي عشر من الشهر الجاري على صفحته على الفيس بوك خريجي الجامعة: "كل التهاني والتبريكات للخريجين بمناسبة التخرج رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن، كما أبارك للطالبة المتميزة جوان أحمد أبو سرور التخرج بامتياز والأولى على الدفعة تخصص تربية خاصة، والتي تهدي نجاحها الى عمها الأسير البطل والمحكوم مدى الحياة محمود أبو سرور فك الله أسره وكل الأسرى".

وإلى الشرق من بيت لحم، فجعت بلدة العبيدية، بوفاة أربعة من شبابها وشيوخها في أول ليلة من ليال شهر رمضان المبارك، وهم الشيخ يونس محمد عيسى العصا (أبو معاذ)، وهو داعية وإمام مسجد الغفار، والحاج محمد عواد خليفة العصا (أبو ابراهيم)، وخالد حسين جدوع العصا (أبو مهند)، والشاب داود محمد داود العيساوي.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق