أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 22 أبريل 2021

شهيد في بركة الصقيع..!


أمّا الثاني، فكان يذكره كثيرًا صالح أبو لبن، أحد المعتقلين الذين أمضوا سنوات طويلة في السجون، قبل أن يفرج عنه.

كان يذكر بكثير من الأسى زميله العجوز محيي الدين علان العوري، الذي التقاه في زنازين التحقيق في سجن رام الله، وكان شاهدًا على تعذيبه بوضعه في بركة ماء أيام الصقيع، فترات متقطعة، وفي إحدى المرات لم يحتمل الجسد المنهك الماء المثلج فتوقف القلب عن الخفقان، وبرّر المحققون وفاته، بأن الشرطي المناوب نسيه أكثر من اللازم في بركة الصقيع.

كثيرًا ما وضعت تصورات حول لحظات العوري الأخيرة، الرجل الذي تجاوز السبعين، وشارك في ثورة 1936م، واعتقل لأوَّل مرة عام 1968م، وأمضى في زنازين التحقيق فترة طويلة، دون أن يتمكنوا من أخذ كلمة واحدة منه، ودون أن يعرف أهله في بيت عور شيئًا عنه، ثمّ اعتقل مرة ثانية، واعترف عليه، هذه المرة، اثنان من زملائه، وبقي متماسكًا، حتّى أسلم الروح في بركة الصقيع، وكان ذلك في آذار أيضا، يوم 2-3-1971م: ما هي المشاهد الأخيرة التي مرّت في ذهن ثوريّ عجوز، وهو ينسلّ من الدنيا، وينخر البرد جسده؟ هل تمكّن من الإمساك بلحظات سلام أخيرة، وشريط حياته يمرّ سريعًا؟ هل توقّف عند مشاركته في مقاومة البريطانيين، الذين طاردوه ولم يتمكنوا منه، وعاش حتى يشهد على احتلال جديد، يقرّر محققوه قتله بطريقة غير مسبوقة.

#رواية_المسكوبية

**

صورة الشهيد العوري، بلطف عن صفحة صديقنا المنقب بلال شلش.


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق