أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 8 مارس 2020

الموت محاصرا بالكورونا والاحتلال..!



اتصل الأسير محمد شعفوط، يوم أمس الجمعة، بشقيقه أكرم، من معتقل عوفر، وطلب منه التحدث مع والدتهما، ليطمئن على صحتها. لم يتمالك أكرم نفسه، وأعطى الهاتف لشقيقه الأكبر علي، ليتولى إخباره، أصعب ما يمكن أن يسمعه ابن عن أمه، خصوصا إذا كان أسيرا.
لقد غادرت الأم صفاء شعفوط (أم علي) الحياة، ولديها حسرة على غياب ابنها محمد خلف القضبان، كما حدث لها كثيرا في رحلة الحياة في مخيم الدهيشة، منذ أن أتت من غزة لتتزوج قريب لها في المخيم، في سبعينات القرن الماضي.
لجأت عائلة شعفوط، من قرية الفالوجة، ومثل أغلبية العائلات الفلسطينية، تشتت داخل الوطن، وخارجه.
الابن أكرم أوّل جريح في انتفاضة الأقصى في محافظة بيت لحم، أطلق جنود الاحتلال النار عليه، وعلى رفيقه مصطفى فرارجة، في مدينة بيت جالا، فاستشهد الرفيق، ودخل أكرم في غيبوبة، وعندما أفاق، اعتبر رفاقه ذلك، عودة من موت مؤكد. وهو الآن ناشط في المؤسسات التي تعنى بالجرحى، وهمومهم الكثيرة.
لم تتمكن العائلة وأبناء المخيم من الصلاة على أم علي في مساجد المخيم، بسبب قرار إغلاقها، فصلي عليها في قاعة أسر الشهداء، وهي نفس المكان الذي تلقت عائلة شعفوط العزاء بفقيدتهم، بعد الدفن.
تتصدر القاعة، لافتة كبيرة، مقدمة من حركة فتح، وعليها صورة للمرحومة وابنها الأسير محمد الملقب بأبي رشيد، وهو ناشط مدني في حركة فتح في المخيم.
روى أكرم لمراسلنا: "قرر محمد، الذي عرف بأنه مطلوب للاحتلال، أن يظل مطاردا، حتى يمضي أكبر وقت مع والدته المريضة، والتي يعرف خطورة مرضها، ولكن جنود الاحتلال، تمكنوا من الوصول إليه".
وأضاف أكرم، وهو يجلس في قاعة العزاء، الذي ظهر بعض المعزين فيها، وهم يرتدون كمامات: "منذ اعتقال شقيقي محمد، امتنعت والدتي عن تناول الطعام، وتراجعت صحتها، وزهدت بالحياة، حتى أخذ الله وديعته".
صافح أفراد عائلة شعفوط المعزين، ولكن بدون أحضان أو قبلات، فأجواء فيروس كورونا، كان مخيما على قاعة العزاء.
شُيع جثمان أم علي، إلى مقبرة قبة راحيل الإسلامية، المحاصرة بقوات الاحتلال، تحت الأمطار الغزيرة، وبدا أن كل شيء يحيط بالجنازة، يجري في ظروف استثنائية، من صلاة الجنازة عليها خارج المسجد، إلى عدم سماح الاحتلال لأقرباء لها بالمشاركة في التشييع، كما حدث مع ابنتها تغريد المتزوجة في غزة، حيث لم يمكنها الاحتلال من الوصول إلى بيت لحم، إلى غياب ابنها محمد خلف قضبان سجون الاحتلال.
قال أكرم، بان أشقاء وشقيقات والدته، موزعون على المنافي، وبالطبع لم يتمكنوا من تشييعها إلى مثواها الأخير.
اكتسبت أم علي احترام أهالي مخيم الدهيشة، وغادرت، في ظروف صعبة يواجها الأهالي كباقي الفلسطينيين، دون أن تتحقق رغبتها بالعودة إلى الفالوجة، حتى لتدفن فيها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق