كشف صحافي اسرائيلي،
عن وجود قطع خشبية، من المسجد الأقصى، في مستوطنة عوفرا (شرق رام الله)، التي ينسب
باحثون اسرائيليون، بعضها، إلى ما يطلقون عليه المعبد الأول، وانها جزء من خشب
الأرز التي أهداها حيرام، ملك صيدا، إلى الملك سليمان.
ومن المعروف ان جزءا
من هذه الأخشاب معروض في المتحف الفلسطيني (روكفلر)، الذي وضعت سلطات الاحتلال
يدها عليه بعد الاحتلال عام 1967.
ونشر الصحافي ماتي
فريدمان، في صحيفة (تايمز اوف اسرائيل) مقالا تساءل فيه اذا كانت القطع الخشبية في
المسجد الأقصى، تعود للهيكلين الاول والثاني. مشيرا إلى وجود تقارير، تؤكد انها
تعود إلى ما بين 3000-2000 سنة.
وحسب فريدمان، فان
اكبر الحزم الخشبية التي أُخذت من الأقصى موجودة الان، في مخزن تحت مبنى في
مستوطنة عوفرا، إضافة إلى تلك الموجودة في متحف روكفلر، وأنها أُزيلت خلال الترميم
في المسجد الأقصى، الذي يسميه الصحافي، جبل الهيكل بعد زلزال عام 1927.
ويشير فريدمان، إلى
ورقة علمية موجزة للأكاديمية نيلي لبفستشيز، نشرت في عام 1984 تبحث في 140 من
الحزم الخشبية، حيث وجدت ان هذه الحزم، كانت من خشب البلوط التركي، مع عدد أقل من
الأرز اللبناني، وحزم من السرو وعدة أنواع أخرى من الخشب.
ووجدت الباحثة، من
خلال تحليل حلقات جذوع الأشجار وباستخدام الكربون 14 ان بعض الأخشاب، تعود للفترة
الإسلامية المبكرة في فلسطين، وحددت عمر الأخشاب بنحو 1،340 سنة، أي تقريبا نفس
تاريخ بناء المسجد الأقصى. (وبلغ هامش الخطأ حد 250 سنة)
ووجدت ان بعض
الأخشاب، تعود إلى العصر البيزنطي، والبعض الآخر يرجع تاريخها إلى العصر الروماني،
ولكن ما اثار اهتماما إسرائيليا، ما قالت الباحثة انها كشفته فيما يتعلق بحزم من
السرو، تعود لـ 2،600 سنة"، مع هامش خطأ 180 عاما. وهو ما يعني بالنسبة
للإسرائيليين حوالي 50 عاما قبل ما يصفونه تدمير الهيكل الأول.
وما زاد من الاثارة
اسرائيلية، ما كتبته الباحثة عن واحدة من حزم البلوط، ارجعتها إلى 2،860 سنة. وهذا
يعني، اسرائيليا، حوالي 880 قبل الميلاد، أي في وقت مبكر ممن يسمونها فترة الهيكل
الأول.
وبعيدا عن التأويل
الايديولوجي-السياسي-الديني لنتائج الأبحاث الإسرائيلية، والتي تناقض المنهج
العلمي، يبقى السؤال المحير، حول كيف وصلت حزم الأخشاب من الأقصى إلى مستوطنة
يهودية؟ يجيب فريدمان في تقريره، انه بعد الترميم الذي حدث في الأقصى في ستينيات
القرن العشرين، باعت دائرة الاوقاف الأخشاب التي تمت ازالتها إلى التاجر الأرمني
موسى بازيان، الذي كان يبيع تلك الأخشاب إلى نجارين، وعلم مستوطنون في عوفرا، بقصة
هذه الأخشاب، عندما اشترى احدهم سريرا مستعملا لاستخدامه، فتبين انه مصنوع من
الخشب القديم.
وبدأت حملة، لنقل ما
تبقى من حزم الأخشاب من ساحة بازيان، إلى تسوية أسفل احدى الشقق في مستوطنة عوفرا.
المستوطن الذي يضع
يده على هذه الأخشاب، أخذ عينة منها إلى معهد وايزمان في رحوفوت، لفحصها بالكربون،
وهو ينتظر الان النتائج لتحديد تاريخها.
أخشاب الأقصى، لم
تخضع لبحث جدي، من جهات فلسطينية، أو مستقلة، وبعض هذه الحزم، عليها نقوش باللغتين
العربية واليونانية، مثلا على قطعة خشبية موجودة في متحلف روكفلر عثر على نقش
يوناني يشير إلى البطريرك بطرس، الذي كان بطريرك المدينة المقدسة في منتصف 500م،
وعلى الارجح ان مجموعة من الأخشاب استخدمت في كنيسة بيزنطية.
في ورقة اخرى نشرتها
لبفستشيز عام 1997، اقترحت مع الباحث جدعون بيغر، أن بعض حزم الخشب في الأقصى، اتت
من أنقاض كنيسة بيزنطية معروفة باسم (نيا)، التي دمرها زلزال أو حرب في وقت مبكر
من 600م، وان حزم أخرى مصدرها مسجد خشبي بني في القرن السابع الميلادي.
الاهتمام بأخشاب
الأقصى، لم يقتصر على مستوطنة عوفرا، وانما امتد إلى المجلة العلمية (الاثار
التوراتية) التي تصدر في واشنطن، حيث تضمن عددها لشهر حزيران الماضي، مقالاً لعالم
الآثار الإسرائيلي بيرتس رؤوفين، دراسة عن اخشاب الأقصى، اعتمد فيها على حزمة من
الأخشاب مرمية بجانب باب الرحمة (الباب الذهبي)، وفي هذا اشارة نقدية حادة لدائرة
الاوقاف على اهمالها هذا الكنز، وبدلا من حفظه، يتم رميه معرضا للتقلبات الجوية.
وهناك مِن علماء
الاثار الإسرائيليين، مَن شككوا بنتائج توصل اليها زملاؤهم، مثل عالمة الاثار أرين
مئير، التي قالت انه من غير المعتاد ان يبقى الخشب لآلاف السنوات، خصوصا في مناخ
البحر المتوسط الا اذا تم حفظه والاعتناء به. ولكنها ترجح ان استخدام القطع
الخشبية في حقب مختلفة، قد يكون ساعد على الحفاظ عليها.
ويأتي تقرير فريدمان،
بعد أشهر، من إطلاق سلطة الاثار الإسرائيلية موقعا على الانترنت، يتضمن صورا قديمة
لمواقع اثرية في فلسطين من بينها، صورا نادرة للأقصى، وللخشب القديم.
واعتمدت السلطة
الإسرائيلية، على ارشيف سلطة الاثار الفلسطينية، في العهد البريطاني، وصور أخرى،
التقطها مصورو الكولونيالية الأميركية بالقدس.
وتوجد مجموعة كبيرة
من الأخشاب التي عثر عليها في الأقصى، في المتحف الاسلامي، التابع لدائرة الأوقاف
الإسلامية.
وحسب الباحث خضر
سلامة، مدير المتحف، والذي أصدر مجلدا عن محتوياته، فان المتحف الاسلامي يحوي:
"ما يزيد على الثلاثمائة قطعة خشبية مختلفة الأنواع والاشكال، تعود لفترات
إسلامية مختلفة، واقدمها مجموعة الأخشاب الاموية البالغ عددها حوالي المائة قطعة،
بأحجام وزخارف مختلفة، واهمها القطع التي تبلغ اطوال زخارفها حوالي الـ 100 سم،
ويراوح عرضها ما بين الـ 50-60 سم، وتتمثل هذه الزخارف، في مجملها، برسومات نباتية
ذات اصول بيزنطية، كانت موضوعة على الجوانب العلوية لجداري الرواق الاوسط للمسجد
الأقصى، ورفعت عنه اثناء الترميم الذي جرى في اربعينيات القرن العشرين".
وحسب سلامة، فانه تمت
اعارة: "قسم من هذه الأخشاب للمتحف الفلسطيني (متحف روكفلر) بتاريخ 7 تشرين
الاول 1944 بموجب قرار المجلس الاسلامي الاعلى في فلسطين رقم 784، على ان يؤخذ من
مدير دائرة الاثار القديمة مستند يتضمن استعارته لها واعادتها للمجس الاسلامي حين
طلبها".
ويبدو ان لا احد، من
الاوقاف فكر باستعادتها، وعندما حاول مراسلنا تصوير مجموعة الأخشاب المعارة في
متحف روكفلر، تم منعه، بحجة منع التصوير داخل المتحف.
http://www.alhayat-j.com/newsite/details.php?opt=2&id=210997&cid=3012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق