انتهيت اليوم من
قراءة الرواية. لست ناقدا أدبيا ولا علاقة لي بالعمل الروائي، ولكن هذا رأيي او
انطباعي من قراءة هذا العمل للصديق أسامة بعد أن قرأت له قبل عدة أشهر رواية
"المسكوبية".
قبلة بيت لحم
الأخيرة، عمل تأريخي لمحافظة بيت لحم، ولحقب تاريخية مختلفة جسدها أسامة في هذه
الرواية. العمل الميداني، المراجع التي اعتمد عليها الكاتب تضع الرواية ببساطة في
سياق البحث الاجتماعي الذي يحفر في الظواهر ولا يكتفي بسردها. يقوم أسامة باستخدام
مسار الحياة لبطله رائد لإظهار التغيرات التي عصفت بالمجتمع الفلسطيني: استعمار،
تعاقب أنظمة وتحولات في البنية المجتمعية. فيظهر بعناية ودون ابتذال أو مثالية
العلاقات بين الأديان، الكنيسة والجامع، مكانة المرأة، والتغييرات التي حظيت بها
هذه العلاقات بحكم التغير الدائم في السياق الفلسطيني. يقوم بتسطير تناقض الشعار والممارسة؛
تناقض من يصنع الشعار فيدفع ثمنا قبل أن يجني الأرباح؛ وبؤس من يؤمن بالشعار
(الوطن، الحب) فيدفع الثمن سنينا في الأسر واغترابا طول الوقت. اختفاء سينما بيت
لحم، أدراج العمل الكاثوليك، اسود رام الله، مجمع الماسونيين، شخوص استحضرها أسامة
من أجل إظهار عمق التحول، الأحزاب، السلطة، الممول، شواهد القبور، أسواق بيت لجم،
أبطال المقاومة، قادة الجيش المصري، جبرا، وما أدراك ما جبرا.
تناقضات الحياة
الفلسطينية تظهر في مسارات أبطال الرواية، رائد وسميرة، تأرجح علاقتهما. يعتمد
أسامة على فترة الأسر التي تعرض لها بطله فيظهر تباين حقيقة المدينة مع جغرافية
الوطن التي وقعت أسيرة لمخيلة المعتقل، خذلان الأسير المحرر عند اكتشاف نموذج
الحياة الجديد؛ مناضلة الأمس التي كانت تفرح بتهنئة الحزب لها وهي تلقي خطابها
الثوري، تنتشي اليوم فرحا بتهنئة الإدارة الأمريكية على جهود مؤسستها غير الحكومية
في الدفاع عن الجندر؛ قناع حل مكان قناع اخر؛ جسد الثائرة الذي تناثر على يد
الجلاد، لم يجد من يلملمه إلا إسرائيليا يدّعي حبه للسلام ؛ الابن الذي يعيد إنتاج
جرح أبيه، ليس فقط بحرصه على تلقي الإصابة في المكان الذي استقرت فيه الرصاصة بجسد
والده، وإنما بوفائه في اختيار مكان الاستشهاد : أمام مطعم أبيه؛ بوق الحزب قديما
اصبح بوقا لماكنة جديدة...
رواية تأريخية لشخوص
حقيقية من محافظة بيت لحم، عملت على توثيق الكثير من المعلومات التي كنت أجهلها
حتى قراءة سطورها.
ملاحظة، لو أتيح لهذه
الرواية أن ترى طبعة ثانية، وأتيح لرأيي ان يصبح نصيحة، لاقترحت عدم إثقال جسد
الرواية بالسرد التاريخي لبعض الشخوص وبعض الأحداث. أي أن يتم الاكتفاء بالفكرة
المباشرة التي تتعلق بالحبكة دون الحاجة للسرد التاريخي داخل النص نفسه والاكتفاء
بالإشارة اليه في الهوامش أو الملاحق. فالتنقل بين الأزمنة والأمكنة يربك أحيانا
القارئ ويحرفه عن حبكة الرواية. ربما إضافة الهوامش أو الملاحق تساعد في الحفاظ
على انسجام جسد الرواية بحيث لا يتم إثقالها ببعض التفاصيل، كما أنها تساعد الكاتب
على البقاء وفيا لفكرة توثيق هذه الحقبة التاريخية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق