يكتسب
مسجد حسن بك، في يافا، أهمية تتجاوز دوره الديني، بعد تمكنه من الصمود في مناخ
عدائي، منذ النكبة حتى الان.
ويقع
المسجد، الذي بناه حسن بك الجابي الدمشقي، قائمقام يافا العثماني (1914-1917م)، في
منطقة المنشية، قريبا جدا من البحر الأبيض المتوسط، ويبعد بضعة كيلومترات عن يافا
القديمة.
وبناه
الجابي ليحد من تمدد الحي اليهودي في يافا، النواة التي شكلت مدينة تل ابيب
الحالية، باتجاه قلب مدينة يافا. ومسجد حسن بك هو واحد من سبعة مساجد في يافا،
التي يعاني كل منها بطريقته، ولكنه يختلف عنها لموقعه، وسط المنشآت الإسرائيلية
والفنادق. القريبة من الشاطيء خاصة (الانتركونتينينتال).
ورغم
ان المساحة الإجمالية للمسجد تبلغ عدة دونمات، الا انه لم يبق منها سوى مساحة
البناء، حيث تم الاعتداء على حيزه، وشق شوارع بجانبه، وتخصيص ما حوله موقفا
للسيارات.
ومنذ
عام 1948، هُجّر المسجد، بسبب احتلال يافا، ويتم الاعتداء عليه من قبل متطرفين
يهود بشكل متكرر، كالحرق، وإلقاء رؤوس خنزير داخله، ورشقه بزجاجات الخمر، والتبول
على جدرانه.
وقبل
رمضان، وُضع على مدخل المسجد رأس خنزير، مغلف بكوفية فلسطين، بالإضافة الى تحطيم
بعض نوافذه. ويحظر الاحتلال رفع الاذان خارج المسجد، ويسمح به داخليا فقط، وأصبح
منذ إعادة فتحه بعد نضال من قبل سكان يافا، مقصدا للمصلين خصوصا لزوار يافا من
المدن الفلسطينية الأخرى، بالإضافة الى أهالي عروس البحر.
وفي
شهر رمضان، يزهو مسجد حسن بك، برواده، خاصة في ايام الجمع، وصلوات التراويح، وقد
يكون بعد المسجد الاقصى، أكثر مسجد يجمع فلسطينيين من مختلف مناطق فلسطين الانتدابية،
مثل المثلث، والجليل، والنقب، وجبال القدس، والخليل، ونابلس.
وقال
أحد العمال في يافا، وهو من نابلس، انه يفضل مع رفاقه الصلاة في مسجد حسن بك، حيث
يشعر بالتحدي في مواجهة كل مظاهر الاحتلال خارج المسجد، الذي يبدو كجزيرة عربية
معزولة، بعد هدم حي المنشية.
وأضاف،
بان قرب المسجد من الكورنيش، وامواج البحر الهادرة، يرسم الى حد ما صورة لذلك
الزمن، الذي كانت فيه يافا عربية، قبل الغزوة الصهيونية، وتغيير جغرافية المكان.
وتوجد
على مدخل المسجد لوحة تأسيسية، تُذكر بماثرة حسن الجابي، وفي حين يصلي الرجال داخل
المسجد وفي صحنه، تصلي النساء في الجانب الغربي للمسجد، الأقرب للبحر.
وبالإضافة
الى التنوع الفلسطيني في المسجد، فانه يستقبل أيضا مهاجرين سودانيين، وصلوا الى
البلاد بسبب الظروف السياسية في بلدهم.
ويفضل
كثير منهم عدم الحديث للصحافة، واكد من التقيتهم، حرصهم على الصلاة في مسجد حسن
بك، وباقي مساجد يافا، المدينة القادرة على استيعاب الآخرين-حسب قولهم.
وكانت
يافا أبرز المدن الفلسطينية قبل النكبة، التي صدرت فيها الصحف، وتشكلت الاحزاب
والنقابات، وغنت فيها ام كلثوم وعبد الوهاب وغيرهما، واستقطبت عمالة من اقطار
عربية مختلفة.
وصمدت
يافا، رغم ما تعرضت له عبر تاريخها المعروف، خلال القرون الماضية، من بعض حكامها
المماليك، كمحمد أبو نبوت، ونابليون، وإبراهيم باشا، والاحتلال البريطاني، الذي
هدم احياء عربية بكاملها خلال الثورة الكبرى (1936-1939)، ورغم ذلك صمدت، وما زالت
هويتها العربية باقية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق