أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 14 سبتمبر 2008

اوسلو: عربنة الناس وعبرنة فلسطين



15 عاما على انقلاب اوسلو

عاش الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد الاحتلال عام 1967، في قطيعة ثقافية كبيرة عن امتدادهم العربي، ولم يكن الاحتلال يسمح للكتب والمجلات العربية بالدخول الى فلسطين.

وطور الفلسطينيون، في ظل ظروف من المواجهة الدائمة، ما يمكن تسميته انماط ثقافية مقاومة، فصدرت الصحف السرية، والكتب العلنية، وشبه العلنية، والتوزيع باليد ما يصل من ادب من الخارج، وفي احيان ليست قليلة كنا نذهب الى مكتبة الجامعة العبرية، للاطلاع على مجلات المقاومة الفلسطينية مثل فلسطين الثورة، والهدف، والحرية، وغيرها، حيث كانت هذه المكتبة توفر مثل هذه الدوريات لباحثيها.

وفي وقت ما في اوائل الثمانينات، قررت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج، اختراق هذه الثقافة المقاومة، والسيطرة على المؤسسات التي احياها النشطاء في الداخل مثل النقابات، واستخدمت هذه القيادة، الاموال التي خصصت لدعم الصمود، التي اقرت في مؤتمر بغداد، بعد زيارة السادات للقدس، واشهار خيانته، لدعم النفوذ من خلال اللجنة الاردنية-الفلسطينية المشتركة.

ولم يترك خليل الوزير (ابو جهاد)، القيادي الفتحاوي المسؤول عن الداخل، مؤسسة، او جمعية، او اي اطار، دون محاولة السيطرة عليها، والسلاح المشهر هو المال، ونجح نسبيا، في حين صمد كثيرون رافضين بيع ذممهم، وتم تجاوز كل الخطوط الحمر الوطنية، وتلميع شخصيات "معتدلة" او تعمل مع الاحتلال، واستقبل ابو جهاد في مكتبه في تونس، قادة راوبط القرى التي شكلها الاحتلال، واحبطها الفلسطنييون، بدمائهم.

وكل ذلك لم يكن الا تمهيدا، لعودة منظمة التحرير الى الاراضي الفلسطينية، وفق اتفاق اوسو، وحصل التغير سريعا، حيث حملت قيادة وكوادر المنظمة، كل مثالب الثقافة العربية الرسمية، وبدات ببناء مؤسسات من حيث بدات انظمة القمع العربية، وليس من حيث انتهت هذه الانظمة، وهكذا سقط في سجون السلطة، خلال فترة قياسية، ما سقط من شهداء في السجون الاسرائيلية خلال 25 عاما، وتغيرت المدن الفلسطينية الطامحة، التي راكمت تقاليد حضارية، مثل بيت لحم، ورام الله، والقدس، فالاخيرة تم عزلها نهائيا من قبل اسرائيل، وباقي المدن الطامحة تحولت الى مجمعات ريفية عربية نموذجية، مغلقة على نفسها، بسبب الحصار الاسرائيلي، المنصوص عليه في اتفاق اوسلو، واصبح ابرز معالمها مراكز السلطة الامنية، حيث القمع وسوء استخدام النفوذ، والواسطة، ومطاردة المقاومين، وغيرها من اشكال رافقت نشوء الدولة العربية القطرية، ولكن في الحالة الفلسطينية، الحديث ينطبق على ادارة سجون.

وبعد 15 عاما من اوسلو، فان الفساد الذي نشره الزعيم الكارثي للشعب الفلسطيني ياسر عرفات، لن يتم التخلص منه، قبل 50 عاما، هذا اذ وجدت ارادة لذلك، لقد تم افساد الشعب، ولم يعد هناك سقف للتنازل، او لوقف التدهور الاخلاقي، الذي ضرب في كل شيء، من الاغنية العربية الهابطة التي انتشرت، في حين لم يكن لها اي مكان في الاراضي المحتلة قبل اوسلو، الى الادب الفلسطيني، حيث تحول كتاب المنظمة الذين رفعوا شعار "بالدم نكتب لفلسطين"، الى كتبة يستفيدون من امتيازات السلطة، ويبحثون في كيفية نشر ثقافة مضادة لثقافة الاستشهاد، كما اعلن احدهم، في التلفزيون الاسرائيلي، بعد موجة العمليات الاستشهادية منتصف التسعينات، وفي ظل كل هذا، كان الاسرائيليون ينفذون سياستهم، لتهويد الارض الفلسطينية.

بعد 15 عاما، ربما سيكون هناك من لديهم المبررات والدوافع للدفاع عن اوسلو، لكن الواقع الان مخيف: عبرنة الارض الفلسطينية، والطوق يزداد كل يوم على رقاب الفلسطينيين، وفصائل منظمة التحرير، يوجهها، ضابط مخابرات، برتبة وزير، في الدولة العربية الام، التي كانت قررت في يوم ما الخروج من الصراع، والان تعمل ادارتها بتوجيه اميركي-اسرائيلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق