كعادته،
في التقسيم الحولي لتاريخه، يخبرنا ابن اياس بتقليديَّة روتينيَّة: "ثم دخلت
سنة ثمانمائة، من الهجرة النبوية، وانقضى قرن السبعمائة، وقد جرى فيه من الحوادث
ما تقدّم ذكره، وقد ورد فى الأخبار: على رأس كل قرن فتنة".
من
الواضح أن ابن اياس يريد تعظيم ما سيجرى في القرن الجديد، الذي سيتتبع حوادثه.
ابتدأ العام الجديد "بشهر المحرم، واستهلّ يوم الاثنين، ويوافقه من شهور
القبط اليوم السابع والعشرون من توت".
في
29 المحرم 800ه (الأحد 1397/10/29): "نزل الأمير قلمطاى، الدوادار، والأمير
نوروز الحافظى، رأس نوبة، والأمير فارس، حاجب الحجّاب، إلى الأمير شيخ الصفوى،
أمير مجلس، ومعهم خلعة نيابة غزّة، فلبسها وخرج من وقته ليسافر، ونزل بخانقاة
سرياقوس".
إذا
كان يوم الأحد سعد السلطان على صفوي، فإنه في ليلة الثلاثاء نهاية المحرم، كان
الأمر مختلفا بالنسبة لغيره من النخبة المملوكية. يخبرنا ابن اياس: "توجّه
الأمير سودون الطيار، بكمشبغا، وبكلمش، فى الحديد، إلى الإسكندرية، فسجنا بها".
يبدو
أن الأمير شيخ لم يسعد كثيرا، حسب المتوقع بوظيفته الجديدة، ففي اليوم التالي:
"استعفى الأمير شيخ، من نيابة غزّة، وسأل الإقامة بالقدس، فرتّب له النصف من
قريتى بيت لحم وبيت جالا من القدس، يرتفق بهما، وسار إلى القدس".
نصف
ما ينتجه فلاحو بيت لحم والقدس، فقط لكي يتدبَّر الامير شؤونه، ماذا سيبقى
للفلاحين؟ سيبقى لهم السوط والسجن والجوع والكفاف، إن لم يفوا بحاجة الإقطاعي الجديد.
لكن
الأمر لم يطل كثيرًا، مع الأمير المتعالي على وظيفة نيابة غزة، ففي نهاية السنة
الهجرية؛ شهر ذي الحجة 800ه (آب 1998م)، وصل الخبر إلى عاصمة السلطنة، حيث كان ابن
إياس مقيما: "أنّ الأمير شيخ الصفوى كثر فساده بالقدس، وتعرّضه لأولاد النَّاس،
يريدهم على الفاحشة، فرسم السلطان بنقله من القدس، واعتقاله بقلعة المرقب من
طرابلس، فاعتقل بها".
لعلَّ
ابن إياس يقصد بأولاد النَّاس، أبناء المماليك، ومعظمهم من المنفيين، الذين يرسلهم
السلطان بطَّالين إلى القدس، وليس أولاد الفلَّاحين، وقد يكون هذا حاسما في قرار
السلطان سجن الأمير مختل الأخلاق.
في
ذي القعدة 801ه (تموز 1999م) يذكر ابن إياس بحيادية: "توفي الأمير شيخ الصفوي
بقلعة المرقب مسحونا".
يمكننا
تخيّل فرحة أولاد النَّاس والفلَّاحين، وتشفيهم في الأمير المختل، ولكلِ أسبابه!
#إبن_إياس
#أسامة_العيسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق