أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 4 مارس 2025

"خُذ أيُّها الأعمى!"


 


يظهر المحرَّر علاء الدين البازيان، في واحدة من قصص: رسول الإله إلى الحبيبة، باسم عمران. هذا جزء من القصَّة على لسان الراوي:

"نُقلنا ثلاثتنا: أنا، وعادل، وزميلنا الضرير عمران، في نفس البوسطة، مِن سجننا، إلى سِجن قريب، تمهيدًا لإطلاق سراحنا.

كلبش الجنود أيدينا معًا، وكلبشوا رِجلي كل منا لوحده. أحد الجنود استفزه عمى عمران، ولم يرق له هذا الضرير المناضل، فقال لزملائه بالعبرية التي نجيدها ثلاثتنا:

-حتّى ابن الزنا هذا يريد محاربة دوْلَة إسرائيل؟ ألا يعرف ما هيَ دوْلَة إسرائيل وقوتها وجبروتها. خُذ أيُّها الأعمى!

ورَفَس الجندي عمران في مؤخرته، رَفسة متوسطة القوة، جعلتني أشعر بأنني المرفوس، وبأن روحي تخرج إلى بارئها.

رمونا في صندوق البوسطة، السيارة-الزِّنْزانة التي يُنقل بها الأَسْرَى من السِجون إلى السِجون. أجلسونا على أرضية البوسطة، في الوسط عمران، يدي اليمني مكلبشة بيده اليسرى، وكلبشوا يدي اليسرى بعمود حديدي، أمّا عادل فكان على يسار عمران، يده اليمنى مع يد عمران بقيد واحد، وكلبشوا يده اليمنى بالعمود الحديدي. وأمامنا على مقعد طويل، جلس ثلاثة جنود بأسلحتهم، جاهزين لاستخدامها ضدنا.

يكره الأَسْرَى التنقل في البوسطات، فالأمر لا يخلو من الاعتداء بالضرب، أو توجيه الاهانات المتنوعة، من الشتائم، إلى إجبار الأسير على الغناء، إلى جعله تسلية للجنود.

كنّا في غاية التوتر.. همس عمران لعادل سائلاً إذا كانت لديه شَفْرَة، قال له عادل همسًا:

-استرح يا رفيق، ولا تقلق!

ولكننا جميعًا لم تهدأ دواخلنا. التزمنا الصمت، كل مِنَّا ذهب في رحلة إلى أعماقه، يسائلها وتسأله عن الماضي والحاضر، والإهانات، ورَفسة الجندي الأخيرة المقيتة القاتلة، والحُرِّيَة المنتظرة.

عندما توقفت البوسطة أخيرًا، أنزلنا الجنود بخشونة، وفكوا الكلبشات استعدادًا لتسليمنا لإدارة المعتقل الجديد. وفجأة، رأيت عادلاً يحمل شَفْرَة بيده، لا أعرف من أين أخرجها، ربما خبأها في فمه، وهجم على الجندي الرافس، يضربه بالشَّفْرَة، وتمكن، مستغلاً الصدمة التي أحدثها، مِن الوصول إلى وجه الجندي، وتشفيره على خديه.

حدث هذا في ثوانٍ معدودة، هجم الجنود على ثلاثتنا، وبطحونا أرضًا،.........

#علاء_الدين_البازيان

#رسول_الإله_إلى_الحبيبة

#أسامة_العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق