أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 19 سبتمبر 2023

أن تشاكس أكرم عطا الله العيسة


 


قال أبو اسحق السبيعيِّ (مش مهم من هو السبيعيِّ هذا): ثلاث يصفن لك ود أخيك: السلام إذا لقِيتَهُ، وأن تدعوَه بأحب ّ أسمائه إليه، وألَّا تمارِيَه.

طلب مني أكرم أن أشاكسه. سأسلِّم عليه، كما أفعل دائمًا، وأخاطبه، كما أفعل دائمًا أيضًا، بالاسم الذي اعتدنا عليه منذ عقود طويلة (بالإذن من العزيز نضال)، ربَّما لا يحب أكرم نفسه ذكرها، خصوصًا وأنَّ نَجمه، الذي عزَّزه صدور كتابه، في صعود.

ما يمكن التوقف عنده في كتاب أكرم، هو ما لم يقله، أو تجنب قوله، لأنَّ الوقت لم يحن، أو أنَّ الأمرَ يخرج عن موضوع الكتاب.

نحن أمام حالات من البطولةِ والجرأة، وقليلٍ من الانكسار، وصور لأشخاصٍ عرفناهم أو سمعنا عنهم، ترتقي إلى رومانسية زمن الثورة الآفل، ولكن لا نجد لدى أكرم مراجعة، أو تقييمًا لسنوات الجمر تلك، التي علَّت من صورة الحركة الأسيرة، والتي لا تفسِّر رماد هذه الحركة حاليًا. نحاول التغطية عليها، بمزيدٍ من الشعارات، وتقديس فعل الأسر. قيمة أي صمود، في النهاية، إلى ما ينتهي إليه.

تساءلت، وأنا أقرأ أكرم، كيف حدث التحوِّل في سِير الصامدين، من البسالة البروليتارية، إلى التجند في منظمات الأنجي أوز، الليبرالية، مثلًا؟ مِن الصخب الثوريِّ الذي لا يقبل الجدال، إلى العمل المجتمعي الإصلاحي البرجوازي، الذي يثير بعضه التساؤلات. كيف تتغيَّر المصائر والمسائر، بهذه السرعة، بعد تهاوي الراعي الدولي غير المغفور عليه، ويبقى ناسها هم نفسهم ناسها.

لم يرصد في التاريخ الفلسطيني المعروف، منذ خمسة آلاف عام، هذا الانتقال السريع، في أمكنة النخب الفلسطينية. يحتاج ما تبقى من رأى عام فلسطيني مُسائل، المعرفة. هذا مهم إذا أردنا الخروج من الموات.

يدرك أكرم، أنَّه حينما يكتب الآن، عن تلك السنوات الفوَّارة، ما ننتظره منه، وهو ما يقوله: "ما كان يصَّنف في دائرة المحرمَّات إبَّان الثمانينات ومطلع السبعينات، أصبح مقبولًا على البعض". نعم لكسر المحرَّمات. هل حاول أكرم كسرها فعلًا؟

الكتابة بما هي فعل نقدي، قيمتها بما تطرح من أسئلة، أن تُسائل التجارب، التي أدت إلى ما أدت إليه.

من حق أكرم وصحبه، من كتَّاب تجربة الحركة الأسيرة، علينا أن لا نماريهم (أخذًا بنصيحة السبيعيِّ)، ولكن معظم الكتَّاب لا يتمسكون بهذا الحق، ويرغبون أكثر بالمماراة.

من حقنا عليهم (أكرم وصحبه)، مُنتج، يُكتب مثلما فعل أكرم، من أجلنا نهن أولًا وعاشرًا، للشفاء الفردي، واطلاق عصافير الفردانية، وكي نعلم لماذا حدث ما حدث، ونعمل على أن لا يحدث ما لا يجب أن يحدث.

ثم إذا اهتم آخرون، بتجربتنا، فليكن، مثلما نهتم نحن بتجارب الآخرين، نتغنى بها، في معظم الأوقات، ولا نسفيد منها، في جل الحالات.

أعتقد أن كِاتب أكرم، يجب أن يصبح معياريًا في مدونة أدب الأسرى الفلسطيني، لا يجب أن نقبل أن من أي كتاب آخر سيأتي بعده، أن لا يقل عنه فقط ، ولكن أن يراكم ويتطور في صناعة الكتاب.

لا تشفع للكتب النوايا الحسنة، ولا المشاعر الوطنيَّة، لتكون كتبًا تقرأ. بلّ إنَّ الوطنية، في أحيانٍ كثيرة، وصفة لفساد الكتب. على الأدب أن يكون أدبًا أولًا، ولا يشفع الموضوع، رغم جلاله، أو نواياه الفاضلة، لكتب الأدب السيئة، والتي تُقذف لنا من ماكنات الطباعة، التي تطورت، فسهل حملها ووضعها.

كتابة أكرم، هي أيضا تأريخ من أسفل، يتحدَّث الكتاب عن المهمشين والهامشيين الذين لم يفكروا في كتابة سيرهم، أو عجزوا عن ذلك.

السطور السابقة عزيزي أكرم، هي عمليًا، عن مالم تذكره، وهذا يعني أننا ننتظر جديدك، أمَّا ما كتبته، فهو يحتاج إلى قراءات أخرى متعددة. وهو ما فعلته في قراءة نشرتها على الفيس، ويمكن للمهتم العودة إليها، ولكن لا يركن إليها، ويهتم أكثر بقراءته الفردية.

شكرًا لك، وشكرًا لكم. اقرأوا وأسألوا، اصفقوا الأبواب التي حان، منذ زمن، اغلاقها، ولا تُصَفّقوا!

هذا لم يقلهُ السبيعيِّ في نصائِحِه!

رُعيت يا أكرم، ورُعيَ يُراعَك!

#الذاكرة_المسلوبة

#أكرم_عطا_الله_العيسة

#مكتبة_كل_شيء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق