أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 19 يوليو 2023

المقاومة السائلة!


 


في فلسطين الانتدابية، يمكن أن يمضى شخص، 40 عامًا في السجون، ولا يخدِّد ذلك كثيرًا في الأمر العام، بل إنَّه نفسه يمكِّن أن يسبِّح بحمد القائد العام، ويمكن أن يستشهد عشرة في يومٍ في جنين، وفي اليوم التالي، يوم آخر، يستريح فيه الفيسبوكيون، ويختصم الفرقاء، ويتنابذون، وربَّما يتطالقون النَّار.

في فلسطين الانتدابية، تمجيد آني للمقاومة، والشهادة، دون أن يقولوا لنا عن ماهيتها، وأهدافها، ونتائجها، ونسيان قوافل الأطفال، الذين يقضون على طرقات صراع يتنازع فيها طرفان، طرف محتل ذكي ومجرم، وآخر هائم، يغني للشهادة.

الصورة: صور 40 طفلًا وطفلةً قتلهم جيش الاحتلال منذ بداية العام. (المصدر: منظمة نقف معًا الإسرائيليَّة). هذه الصورة وخبرها جُوهلا من وسائل الإعلام الفلسطينيَّة والعربيَّة.

شاركت في جنازات ثلاثة من أصحاب الصور، وربَّما أكثر. لم أعد أذكر عدد الجنازات التي سرت فيها، وكيفية تغيُّر النظر إلى مفهوم الشهادة، عبر السنين.

أجن شيء في الدنيا، أن يصبح الموت عاديًا. إذا أضحى كذلك، فنحن في زمن تجَّار الموت، وصناعته، واقتصاده، من انتتاج رايات ملونة، وتدبيج بيانات، وتسابق في الفضائيات، ورسائل للمموِّل، وتحبير صحف.

مقتل طفل، أي طفل، ليس مثارًا للفخر، ولكن للتأمل، والتفكير في تقليل عدد شهدائنا، ونقد تجربتنا، إلَّا إذا كنا فعلا مسبحين باسم تجَّار الدم.

شخصيًا لم أعد أحتمل هذا الموت كله، أو بعضه، وليس في عالمي، مكانًا لمروجيه!

أيها الأعزاء، الشهداء بوقف التنفيذ، في جنين، وغيرها، لا تمنحونا فرص التغني بموتكم، ونظم الأشعار، والمزايدة على دمكم.

السلاح ليس خيارًا، وليس هذه مرحلته.  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق