أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 8 يناير 2018

يا ضفاوي..يا أبو مارلبورو أحمر..!




الرئيس الاستراتيجي حافظ الأسد، لم تكن لديه انطباعات جيدة حول سكان الضفة الغربية على الأقل حتى 30-12-1985م، ويبدو أنه كن لهم الاحتقار الذي يناسب جزار تلوث بدماء أشقائهم في تل الزعتر.
الضفة الغربية اسم غريب، فرضه الانتصار الإسرائيلي بإقامة دولة الاحتلال على جزء من أراضي فلسطين الانتدابية، وترك جزء آخر لاحتلاله لاحقًا، ضُم لشرق الأردن، وأصبح اسمه الضفة الغربية.
في 30-12-1985م استقبل الرئيس الأسد الملك الأردني الحسين بن طلال، ووفدًا مرافقا له في دمشق، ودار الحديث، كما يخبرنا عدنان أبو عودة، وهو من نابلس إحدى مدن الضفة الغربية، ومقرب للملك الهاشمي، ويعتبر نفسه رجل استراتيجي، بينما يصف الأسد بالتكتيكي.
الأسد الذي يتحدث لساعات في جلساته، أبدى استغرابه، في نهاية حديث طويل في سياسة الشرق الأوسط، مما سماه عدم تحمل وصبر أهل الضفة.
ويخبرنا أبو عودة، التحريري، والشيوعي، السابق، بأن الأسد: "أجرى مقارنة بين أهل الضفة والجزائريين، وكيف أن الجزائريين صبروا وتحملوا مستوى متدنٍ جدًا من المعيشة حتى انتصروا في النهاية".
 وأضاف الأسد مخاطبًا الملك حسين: "تصور يا جلالة الملك أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يدخنون مارلبورو أحمر".
يبدو ان كاتبي التقرير للأسد من مندوبي حزب البعث، كانوا دقيقين جدًا، عندما قرروا ليس فقط نوع الدخان الذي يدخنه الضفاويون، وإنما لونه...! ونجحوا في تضليله..! ولم يشأوا ذكر انواع السجائر التي يدخنها الفلسطينيون كالخنتريش، وعالية، وامية، احتراما لمقام الأسد الرئيس الملهم..!
كلام الأسد استفز أبو عودة، فتقدم لما وصفه تصويب الانطباع عن أهالي الضفة المساكين، وخلص إلى نظرية، فقال مخاطبا الأسد:
"أمّا تدخين المارلبورو الأحمر، سيادة الرئيس، فهو برأيي يحمل إشارة إيجابية، فهناك مصطلح بالإنكليزية هو  To See Red، ويعني أن الشخص بدأ يغضب بشدّة، الأمر الذي قد يؤشّر إلى قرب انفجار الغضب".
وخلال مراسم الوداع، يبدو ان الأسد، وهو أمر نادر، شعر بخطئه. يروي أبو عودة: "وبينما كان جلالته يودع السوريين، اقترب مني الرئيس الأسد ليقول، وهو يرسم ابتسامة مفتعلة: "أخ عدنان، لم يكن قصدي الإضرار بالأهل في الضفة الغربية". أجبته بابتسامة مفتعلة أيضاً: "إنني مدرك لذلك سيادة الرئيس".
وتمرّ الأيام، وتكر، ويصنع الضفاويون، أولاد المارلبورو الأحمر، انتفاضة، وتدخل الكلمة قواميس العالم، بعيدًا عن رؤى وتقديرات الأسد وأبو عودة وغيرهم، إلا ان الأخير يتذكر حديثه مع الأسد، ويكتب بفخر: "12-12-1987م، يبدو أن نبؤتي التي ذكرتها للرئيس الأسد في العام الماضي، والمرتبطة بتدخين أهل الضفة الغربية مارلبورو أحمر تحققت".
الضفاوي أبو مارلبورو أحمر، انتفض بعد الاحتلال مباشرة، وهزيمة الجيوش العربية، وعندما انتفض انتفاضته الكبرى، أصبح لها مائة أب وأب، منهم الأسد وأبو عودة..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق