أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 20 نوفمبر 2007

كنيسة القديسة كاترينا

في كل عام، وفي الرابع والعشرين من شهر كانون الأول ( ديسمبر ) تتجه أنظار المسيحيين في العالم، إلى مكان معين على وجه هذا الأرض هو كنيسة القديسة كاترينا، التي ينقل منها قداس منتصف الليل، مباشرة إلى العالم، بجانب المكان الذي يعتقد انه ولد فيه السيد المسيح عليه السلام في بيت لحم. وهذه الكنيسة تعتبر جزءا من كنيسة المهد، ولكن تأسيسها مرتبط بالشقاق بين الطوائف المسيحية المختلفة في فلسطين، والذي أكتسب أبعادا دولية في القرون الماضية. وتعود الخلافات بين الطوائف المسيحية المختلفة على أحقية كل منها في كنيسة المهد إلى فترات قديمة، ففي القرن السادس عشر مثلا، سيطر الأرثوذكس على الكنيسة ومغارة الميلاد، وصدر فرمان تركي وضع حدا للخلافات بين الطوائف، محددا حقوق كل منها وهو ما يعرف حتى الان باسم ( الاستاتكو ) أي الوضع القائم، ولكن هذا القانون لم ينه الخلافات، وفي عام ١٨٨١م بنى الفرنسيسكان الذين طردوا من كنيسة المهد، بجانبها كنيسة القديسة كاترينا التي أصبحت الان مركز الاحتفال بعيد الميلاد وفقا للتقويم الغربي.ويؤدي إلى هذه الكنيسة رواق يعود للعصور الوسطى، مثير للاهتمام بعمارته وحجارته المحلية، وأمام الكنيسة تمثال القديس هيرونيموس او جيروم، الذي عاش في المغائر تحت الكنيسة وانجز أول ترجمة للكتاب المقدس عن اليونانية والعبرية، وهي المعتمدة حتى الان، وفي ذكراه يحتفل بيوم الترجمة العالمي.

وتعتبر قاعة كنيسة القديسة كاترينا الأكبر والأوسع ضمن حرم كنيسة المهد، ومجهزة بكراس حديثة ونوافذ مزججة بألوان مبهجة، بالإضافة إلى لوحات فنية ملفتة، ويدخل إليها عبر باب مزدوج حفرت عليه رسومات استوحت من الكتاب المقدس.

في أغلبية الأيام، تكون الأجواء في هذه الكنيسة هادئة، ولكن الحياة تدب فيها في الرابع والعشرين من شهر كانون الأول (ديسمبر) من كل عام، عندما يصل بطريرك القدس للاتين، وهو الان الأب ميشيل صباح، أول عربي يتبوأ هذا الكرسي، من القدس إلى بيت لحم، في موكب مهيب، يعكر صفوه الإجراءات الإسرائيلية على طول الطريق بين المدينتين.

ويترأس صباح، ذو التوجهات الوطنية، قداديس تمهيدية في النهار استعدادا لقداس منتصف الليل، الذي يحضره قناصل الدول الكاثوليكية بالقدس، بالإضافة إلى شخصيات أخرى وفقا للاستاتكو والبرتوكول، ومنذ عام 1995، كان يحضره ياسر عرفات، رئيس السلطة الفلسطينية الراحل، حتى منع من الوصول إلى بيت لحم، خلال السنوات الأخيرة قبل وفاته، بعد حصاره في مقره بمدينة رام الله، فوضع صباح كوفية سوداء على كرسي كتب عليه ياسر عرفات، خلال القداديس التي تنقلها محطات التلفزة العالمية.

وحضر محمود عباس الذي خلف عرفات في منصبه، قداديس الاعوام الماضية، ويتوقع أن يحضر أيضا هذا العام. ومنذ سنوات تأثر القداس بالأمور السياسية، عندما اخذ البطريرك صباح بإلقاء كلمة خلال القداس الديني الطابع، يتطرق فيها عادة للأمور السياسية، وللظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون.

وحاول الإسرائيليون منع صباح من إلقاء أول كلمة له، وكان ذلك في بداية الانتفاضة الأولى، عندما علموا بعزمه إلقاء كلمة في القداس، فاتصلوا بالفاتيكان لهذه الغاية، ويقول صباح بان الفاتيكان لم يمارس عليه أي ضغط، وترك له الخيار، وأصبحت الان كلمة صباح جزء من قداس منتصف الليل.
ورغم أن ما يثير اهتمام وسائل الإعلام هو القداس في داخل الكنيسة، فان الاحتفالات الأكثر شعبية تجري عادة في الخارج، في ساحة المهد، حيث تقدم فرق من كافة أنحاء العالم أغان وترانيم متنوعة، وتعج الساحة بالمحتفلين المسيحيين والمسلمين والعرب والأجانب.

ولكن المشهد في الساحة خلال الأعوام الماضية، لم يعد كما كان سابقا، بسبب الظروف الضاغطة على الفلسطينيين وعلى المدينة التي تحمل أسماء عديدة منها مدينة السلام ومدينة المهد وبيت الخبز، وفي هذا العام يتوقع أن الظروف السياسية ستلقي بظلالها على القداس داخل الكنيسة، وعلى الاحتفالات الجماهيرية في ساحة المهد التي تشهد كثيرا مواجهات بين جنود الاحتلال الإسرائيلي وفتية المدينة، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى.

http://www.elaph.com/ElaphWeb/Reports/2007/11/281482.htm

هناك تعليق واحد:

  1. شكراً لك وشكراً للقائم على هذه المدونة الرائعة .

    ردحذف