أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التوجيهي. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات التوجيهي. إظهار كافة الرسائل

الاثنين، 9 أغسطس 2021

حكاية تربوية جامعية..!


من درس الأوّل الثانوي من الطلبة الفلسطينيين، مثلي، في أوائل الثمانينات، فإنه لم يحظى بدراسة أحد فصول مادة الأحياء. موضوع الفصل هو نظرية التطور، ولكن المعلم قال إنّ هذا الفصل أُلغي، وليس مطلوبًا في الامتحان، وهو أكثر ما يُبهج الطلبة.

من ألغى الفصل؟ هل إدارة الاحتلال التعليمية؟ أم إدارة تربوية فلسطينية؟ أم دائرة المناهج الأردنية؟

لماذا يحرم الطلبة من دراسة نظرية دارون، ولا يُمكنوا من أن يحكموا بأنفسهم؟ لماذا يحرمون من التفكير؟

إذا قرر أي منهم أن يدرس الأحياء في الجامعة، فعليه أن يكون مطلعًا على كتاب أصل الأنواع. لم تعد المسألة تتعلق بالإيمان أو الإلحاد، ووضعها في هذه الخانة جهل مريع، وإنما بمتطلب أكاديمي، والاطلاع على ما قدمه دارون من جهد ميداني على سفينة البيجل، ثم دارسة لمدة عشرين عامًا تلقى خلالها رسائل تتضمن معلومات من علماء عصره.

سألت أكاديمية، تُدّرس مادة الأحياء في إحدى الجامعات الفلسطينية، عن تدريس نظرية التطور. فوجئت هي بالسؤال، وفوجئت أنا بالإجابة. نفت تدريس هذه النظرية في أي سنة من سنوات التدريس الأربع.

صدمت عندما قالت بأنها لو تطرقت لهذه النظرية، فإنّ الطلبة أنفسهم سيحررون التقارير يدكتورتهم، ليس فقط لإدارة الجامعة، ولكن أيضًا، لحراس الدين في المجتمع.

إنها تخاف السلطتين، الجامعية، والمجتمعية-الدينية.

سؤال، كيف يرضى ولي أمر طالب أو طالبة، يمّول دراسة ابنه أو ابنته، من أن يحرم أو تحرم من متطلب أكاديمي؟

أين وزارة التربية والتعليم التي تمنح تراخيص الجامعات من هذا التخلف، والجهل، والعبث...!

#توجيهي_فلسطين

#دارون

 

الأحد، 8 أغسطس 2021

حكاية تربوية..!

عندما حوصر الرئيس ياسر عرفات، في سنواته الأخيرة، سُيّرت وفود التضامن. وصل المقاطعة، وفد على رأسه مدير التربية والتعليم في منطقته. ألقى المدير خطابًا، ضمنه آيات قرآنية. أخطأ في الآية الأولى، فصحح عرفات، حارس السلطة السياسيّة ومنافس آخرين على حراسة السلطة الدينيّة، المدير، الّذي أكمل وأخطأ مرّة أخرى، فصححه الرئيس مرّة أخرى، فقال المدير مزهوًا: أخطأت يا فخامة الرئيس فقط لتصححني. ابتسم الرئيس راضيا، وصفك الحضور معجبين ببديهة المدير وفطنته، ونفاقه...!

لم يفصل عرفات، المدير المنافق، الّذين سيكون قدوة في النفاق، للأساتذة والإداريين الذين يعملون تحت إمرته.

هذا المدير، هو أصلاً أستاذ دين، وكان من الأخوان المسلمين (قبل تأسيس حماس). تحوّل وأصبح ضمن الحزب الحاكم، بقي في منصبه حتى أزاحته حماس عندما تسلمت وزارة التربية والتعليم، وبقي مُزاحًا حتى أزاحت فتح خلفه، وعاد الكرسي، من جديد له. ولم يشأ أن يكون تسلُّم منصبه مرّة أخرى، دون بهرجة، قبّل أرض مدخل مبنى التربية، وأطلق تصريحًا: لقد عاد الحق لأصحابه. والحق الذي يقصده هو المنصب، الّذي رأى نفس صاحبه، يمكن ان يورثه لمن يشاء، وعندما تقاعد، وتسلّم آخر منصبه، احتفى بالمتسلّم معلنًا، أن هذا هو خياره، وتزكيته.

**

عدسة: عصام الريماوي

#ياسر_عرفات

#توجيهي_فلسطين

#عصام_الريماوي

السبت، 7 أغسطس 2021

ارتفاع معدلات التدجين..!


ميّز الرفيق أبو عثمان بن بحر الجاحظ، بين الحفظ والاستنباط، وهو ما يعني في مصطلحاتنا، اليقين والتلقين، مقابل النقد وإعمال العقل.

كاد الجحاظ، أن يجعل تضادًا بين الحفظ والاستنباط، بل هو فعلاً جعلهما متناقضين. ولكن الأنظمة السياسية العربيّة-الإسلاميّة، من يوم الجاحظ في القرن الهجري الثالث حتى الآن، انحازت إلى الحفظ. يطالعنا الفيس بوك يوميا، بصور لحفظة القرآن وتكريمهم، ولم نسمع يومًا عن الاحتفاء بفهم القرآن وتفسيره مثلاً.

النظام (وهو لا يقتصر على السلطة السياسية فقط) لا يريد سوى الحفظة، في كل شيء.

الاحتفاء بالناجحين، شعبيًا، الذين حققوا علامات غير مسبوقة، هذا العام في التوجيهي الفلسطيني، هو، في الحقيقة، احتفاء بالتلقين والحفظ، وانتقاصًا من التفكير والاستنباط. ورسميًا، رضى النظام السياسيّ على نجاحه الساحق، الذي لم يحل دونه حتّى الكورونا. كل شيء مطمئن وتحت السيطرة.

ليس غريبًا، أن يكون التوجيهي، الموضوع الوحيد تقريبًا، الّذي يحظى باتفاق حماس وفتح، ولا يدرج على جدول مفاوضتهما الطويلة، والنجاح فيه في كل عام، هو اختبار لمئات الآلاف من الطلبة في أنهم نجحوا في حفظ الكتب المنهجية التي فيها الكثير من التدليس، والكذب، والتزييف، والمغالطات، والتمييز بين المواطنين على أساس ديني، بالامتحان بدين الأغلبية.

تفوّق الناجحون هذا العام، على من سبقهم في بوتقة التدجين التي لا تهدأ، مما يطمئن أكثر النظام السياسي، في إنتاج انتلجنسيا ستعمل على ترسيخ الواقع السياسي-الاجتماعي-الأمني.

الاحتفالات الفاقعة التي زامنت إعلان النتائج، هي الدليل الأوضح على غياب "الاستنباط" وحضور "الحفظ". إنها، بالشكل الذي حدثت فيه، تغييب فج للعقل. وسيدخل الرياء العائلي في الاحتفالات، بالزهو المتمثل بإهداء الناجحين مركبات آخر موديل، وقد يكون الأمر عاديًا لو بقيت في المجال العائليّ، ولكنّها تزكية الأبناء لدى النظام السياسي-الاجتماعي، بأنهم سيكونون نموذجيين في احترام هذا النظام.

أمّا إطلاق النار، فيؤكد مرّات ومرّات توازنات القوى في النظام القائم. وهو أكثر الأشكال فجاجة المناقضة للاستنباط، وإعمال العقل.

ستدخل الجامعات على الخط، وفي كل عام، يصبح تدخلها أكثر فجاجة، ليس فقط في مسألة الترويج التجاري، ولكن أيضًا بالتنافس لدى النظام السياسي، الذي يملك سلطة منح الرخص أو سحبها، على إقناعه أي منها الأكثر قدرة على تخريج المدجنيين.

ليس غريبًا أن تشمل الاحتفالات الفاقعة، أصحاب المعدلات المتدنية، أو الذين لم ينجحوا. هناك فيديو منتشر لزفة ما وصف بأنه أرسب الراسبين. في النظام السياسي-الاجتماعي ثمة مكانة أيضًا لهؤلاء، الذي بذلوا الجهد ليثبتوا أهليتهم للنظام. بعض الوظائف الرسمية الأمنية التي يعلن عنها تشترط في المتقدم حصوله على شهادة توجيهي ساقط.

هل أدعو لإصلاح التعليم؟ طبعا لا. لن ينصلح حاله أبدًا.

قبل قرن من الزمان، وُجد في القدس شخص اسمه خليل السكاكيني، قدم بديلاً عمليًا لنظام التعليم المدجن، وأوّل وزير تربية في السلطة الفلسطينيّة، كان من تلاميذه، ولكنّه لم يفعل شيئًا.

وقبل قرن أيضًا قدم شخص اسمه طه حسين، مشروعا متكاملاً في كتابه: مستقبل الثقافة في مصر، وستكر القرون، مفرخة المدجنيين.

بكرة، إن أحيانا الله، وأحياكم، حكاية على هامش النظام التربويّ، فيها دين، وسياسية، وتعليم.