أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 25 أكتوبر 2025

قراءة في كتاب: بنت من القدس الجديدة/ عزة العزة


 


أهلا وسهلا بكم هنا في عالم أسامة، أهلا بكم في هذا الزمن الصعب، زمن الموت والحياة معًا. فطوبى لمن رحلوا باسمين، وطوبى لمن صبروا جائعين، وطوبى لنا عودتنا نصف احياء ونصف اموات، لنقرأ .

لنقرأ معا ما خط الكاتب في هذا الزمن المجنون، و لقد شرفني الكاتب بتقديم كتابه الجديد، المعنون -  بنت من القدس الجديدة  - والصادر عن دار المتوسط، لسنة 2025م، بصفحاته الماية والخمسين.

 لقد رسم الكاتب لهذه الرواية ثمانية وعشرون عنوانا جانبيا تحفز ملكات القارئ على الاستطراد في ملاحقة السرد لسيرة غيرية لبطلة الرواية.

البطلة الأولى هي القدس مدينة الزمان والمكان والاحتلالات، مدينة الماضي والحاضر والمستقبل. أما صاحبة البطولة المطلقة فهي صالحة، وهذا اسمها فقط. هى بنت من بنات القدس الجديدة. بنت جريئة، جميلة، متمردة، مثقفة، حالمة مجروحة، بنت الأفندي. الصحفي صالح الرومي.

المؤلف بأسلوبه المبطن والعميق والصريح معًا، والذي لا يخلو من الدهاء المستحب، أحيانًا كثيرة، وعلى لسان شخصيات الرواية وهي كثيرة، وأحداثها وهي سريعة، يستحضر فلسطيننا المنتهكة أرضا وعرضا، الى ذهن القارئ ويلبسها ثوب صالحة وطاقية الاخفاء، ويسير بها بين الجمل والمفردات والأحداث والأسماء، لتصبح إحدى بطلات الرواية، لكن بتوقيع القارئ وليس الكاتب.

بين القدس المسورة والأحياء الجديدة والفلل والقصور التي شيدت على حطام البساتين الممتدة بين مدينيتي القدس وبيت لحم، يمتعنا الكاتب بتغريبة صالحة غير الصالحة بمعايير المجتمع. بنت القدس الجديدة، والتي مر عليها الآن أكثر من مئة عام وما زلنا نسميها جديدة، أما بنت القدس، فهى ليست بنتا، لقد سقط حجابها وبانت سوؤتها وفقدت ما لايستطاع أن يرد. كان هذا في زمن دخول أبناء بلفور مدينة القدس وخروج أبناء عثمان منها.

نتابع مع الروائي الذي يتداخل بهذا الاسم في النص أحيانا كثيرة ليقطع رتابة لا بد منها في السرد، نتابع معه، معركة صالحة في جرأة غير معهودة لنساء مجتمعنا، تواجه بها الثقافة الوضعية والسماوية معا، باحثة عن حقها متحدية. والزمن يسير بها مسرعا، تسقط حينا وتنهض حينا، لم يسلحها الكاتب بقوى خارقة ولم يمنعها من التشتت أحيانا كثيرة. لكنه أعطاها أبا يسندها ويدعمها دائما. الزمن لا يتوقف كعادته ويتسارع، فتشيخ الدول وتهرم الأحلام وتبهت الصراعات، وتتولد دول وصراعات جديدة.

من الدهاء والامتاع والعمق أن الروائي يضيئ على ازدواجية التضاض، فيظهر الحاكم الجديد ويغيب القديم ، والمقدسات توازيها المدنسات، والقدس وما عليها، تخفي القدس التحتية، والمحكمة (بيت العدل) تغزوها الرشوة، والقاتل يرث المقتول. الفلاحين والأفندية. صالحة غير البنت، تلقب البنت البكرية، وداوود يلاحق جالوت. قطز يصرعه بيبرس. روبرت كندي وفرحان فرحان تجمعهما فلسطين وتفرقهما. السكاكيني يردد (راس روس ، دار دور). نجيب نصار يكتب. الحاج سيف الدين يفتي، والاسماء الاعجمية تلوي عنق الأحرف العربية. محمد حنا مسيحي، وباشاوات القدس يدافعون عن حيهم الجديد من غزو أحفاد هرتسل عن بعد.

 أما نكبة صالحة ونكستها وانتفاضتها وهبتها وابادتها وجنونها وسكونها ومجونها وحزنها أالمها وضعفها وقوتها ونهايتها، فيرسمها المؤلف بحرفية، يميتها ثم يبعثها حية من جديد، كطائر فينيق انثوي.

 والقدس. القدس كما يقول اسامة  تاريخها دائري .

وشكرا لكم. عزة العزة – تحياتي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق