آخر
مرَّة رأيت فيها الوزيرة وربَّما قبل الأخيرة، عندما اعتذرت بإباء عن الاحتساء.
ونحن نجرِّب كرم الأتراك الجدد، خلال عشاء في أي بي في أنقرة.
أظن
أنَّ الوزيرة لم تكن مرتاحة لوجودي صعلوكًا بين الملوك، ونحن الذين نعرف بعضنا،
عندما كنا كلنا صعاليك في زمن الثورة العالمية المستمرة السحيق. ولكن الله، لحكمة
نجهلها يمكنه رفع من يريد درجات، وإبقاء آخرين، مثلي، تحتها. قبل العشاء بساعات،
وتحت شمس أنقرة المخاتلة، حاولت الوزيرة إقناعي، أنَّ السلطة من الشعب وللشعب، وهو
ما أيدته بشدة، فهو أمر، كشمس أنقرة، لا يحتاج إلى إقناع.
قالت
الوزيرة إنَّ أنظمة الحكومة تحظر على الوزراء الاحتساء خلال المهام الرسميَّة،
ويبدو أن هذا عكس الأنظمة الرسميَّة التركيَّة فنظيرها التركي في حكومة الإسلاميين
الجدد، تجرَّع حتى سكر سكرة أنضولية، فسَكَّرت
لديه حواس كثيرة.
ولأنَّ
الوزيرة تنظر لي كثيرًا شزرًا، تقيس ردَّات فعلي، التي قيدتها، اعتقدوني ناظم حكمت
فلسطيني متجاهلين الشزرنة الحقودة. وهم أو الأصح هن، المنَظِمات الوديعات، اللواتي
أصرن على حضوري شفقة باعتباري ميميد الناحل، على الأرجح ربطن ذلك بسؤالي عن الكاتب
يشار كمال، وتأكد ذلك لهن، عندما لاحظن شهيتي للأسماك التي توضع تباعًا على
المائدة، مع شرح قيصري إقطاعي عن النوع ومن أي شاطيء ومكان جلبن للعشاء الملوكي.
ولاحظن قبل انتهاء الشرح القيصري اختفاء الأسماك التي تُتناول زَلطا، سريعًا،
تتسحب إلى داخل المعدة المشتاقة. فاقتنعن بجوعي المزمن.
تعالى
السفير على الوزيرة لأنَّه اعتبر نفسه من زمن ثوري أسحق من زمنها، فهو قائد الدفاع
عن المخيم المجزور، الذي نجا معظم قياداته بينما بشَّعت العصابات الفاشية
الانعزالية في ناسه المسحوقين، غير الأسحقين مثله. وما حدث لاحقًا في العشاء،
جعله، يترك لي ازدراد الأسماك، ليتابع ضاحكًا متشفيًا، عندما تمادى النظير التركي،
وفتح بالفنجان للوزيرة، ثم مسك يدها ليقرأ لها المستقبل، وليس مثل سكِّير يمكنه
السَبر.
استمعت
للفنان محمد الضمور، يحكي تجربته الطويلة في وزارة الثقافة الأردنية، لا أعرف
لماذا على المثقفين أخذ هذا النوع من الوزارات جَدًا.
#أسامة_العيسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق