أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 4 أكتوبر 2025

زوزتي!


 

أحتسي قهوتي الصباحية على السطح، الظلّ يفرش على مساحة صغيرة. أقرأ في كتاب، أمامي أعلى الجبل، الرعاة الجدد، يرون من موقعهم البحر الميت والقدس ومادبا، ويرونني.

أشعر أنهم غير موجودين، إلَّا عندما يطردون أصحاب الأرض، ليرعون بدون خوف من ظل الإصلانيين. يصلني فتية قاوموا المغادرة، يتصببون عرقًا، أُقدِّم لهم الماء، ليعودوا تسللًا إلى أرضهم وحلالهم الحيواني والنباتي.

يبهرني ناسنا، لا أحد خائف، أنا أيضًا استغرب من عدم خوفي، لماذا لا نخاف؟ أكيد يرونني، هؤلاء الزعران، وربَّما يسلِّط أحدهم فوهة قنص اتجاهي.

بعد السابع قتلوا شابًا من قرية وادي رجال القريبة، لكن لم يرحل أحد من الأهالي، دفنوا شهيدهم ونهضوا.

أنظر حولي، رغم الوضع الاقتصادي الصعب بعد السابع، أرى من يبني، عُمّرت مزارع صغيرة، استثمر ناسنا من الأراضي التي احتلت أوَّلا في النكبة، في بناء شاليهات. لا أحد خائف. الموت لا يخيف، يجب أن يخيف، لكن لا أحد يخافه. جيل جديد يخط ربيعه على الجدران، ويحلم، سيمر بما مررنا به، حماقات واعتقال واستشهاد، ومن يصمد منهم، يزرع وينشيء، وربما مثلي يقرأ الكتب.

لا أطيل المكوث على السطح، مع انحسار الظل، تتراكم الكتب والفناجنين. انتقل إلى شرفة أخرى، بكتب وقهوة، تتراكم، وكأنَّها حائط سد.

ينصحني رمزي: عليك نقل الكتب، تكفي رصاصة منهم تخترق الزجاج فتحرق. لا اهتم بنصيحته، أقاوم، كما فعل الأسلاف، واجهوا الغزوات، بالصبر الأبدي. دهشت اليوم، بنبات نبتة الزوزو، ما أكثر الأسماء التي منحها ناسنا لها. هل نبتت مبكرة؟ زوزتي هذه تكبر وتعمِّر شهورًا قبل أن تذوي، أُسجِّل يوميَّات الإيناع والذبول، أُحاول التعلم من دورة حياة لا تنتهي، الزوزو (قرن الغزال) لا تخاف الموت، لا تموت لكنَّه يشبَّه لنا.

سرقها المحتلون، واعتمدوها نبتة وطنية من وطن مسروق، بعد منافسة بينها وبين نبتتنا شقائق النعمان. لا أعرف إذا كانت نبتت في حبلنا الذي يعتلونه.

أحاورها، أسمعها تهمس فرحة بإيناعها، في بلاد تُوْقع ولا تقع، وتنجب مؤتمنين.

#قرن_الغزال

#خلايل_اللوز

#أسامة_العيسة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق