أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 24 نوفمبر 2023

الضحك في زمن الإسراليزيم!


 


بدا صديقي خالد، اليوم، بمزاجٍ مختلف. في كل مرَّة أتصل به، خلال مذبجة الإسراليزيم، عندما أتمكَّن من ذلك، تنساب صحكاتنا، رغم الوضع المأساوي الذي عاشه. اليوم بدت ضحكاتنا أكثر ثقة.

عاد إلى منزله في رفح، الذي رفض مغادرته في بداية الإسراليزيم، لا يبعد منزله كثيرًا عن الحدود مع دولة الاحتلال، وبالقرب من منزله، يمر المغادرون والآتون عبر معبر رفح.

كان مقررًا أن يغادر إلى الجزائر، للمشاركة في محفل فني، ممثلًا لفلسطين، لكنَّه قرر، مع عملية طوفان الأقصى، البقاء مع أسرته.

شعر أنَّ وضعه أفضل من غيره، فقد أنجز قطف زيتونه، وتطوَّع مواطن، في أيام الإسراليزيم الأولى، لعصر الزيتون، ليصير زيتًا.

تطوعت امرأة تمرّ على منازل من صمدوا، لشراء ما يحتاجونه، وايصال المشتريات للجيران. وكل ذلك وسط الدبع، كان يتجمَّع خالد وعائلته، في أكثر غرفة يمكن أن تكون آمنة، يسمعون الدبع الاحتلالي حولهم.

نزح الجيران إلى المشافي، وقرَّر الصمود، ولكنَّه نزح، لاحقًا، وكان وأفراد العائلة يعيدون إلى منزل رفح، بحثا عن خصوصية، مفتقدة في المشافي والمآوي الأخرى.

كنت أتصل به أحيانًا، فيكون مع صحبة على كشك قهوة قريبة، يمارسون المتوفر من الحياة، وهم يشاهدون القصف، وشهداء يرتقون. أتحدَّث مع بعض صحبته، وكأنَّنا أصدقاء منذ دهر، متحلين بالأمل والضحكات، والسخرية من العالم. غزة عالم مستقل عن العالم الذي نعرفه.

شهد خالد، وسمع من الأطباء، على بعض تجليات الإسراليزيم، حين تصل الأجساد قطعا، يصعب، مثلًا، تحديد هذه الرِجل لمن وتلك لمن.

تساوى في جلسة الكشك، الثري الذي فقد كل شيء والذي ليس لديه ما يفقده، ما دام الرأس يشمخ بالكرامة.

استفسرت من خالد، عن مشاعر النَّاس في أوَّل أيَّام الهدنة، وقوافل المساعدات التي دخلت، وآليات توزيعها، ووضع النَّاس في مدينة غزة، وما حولها.

ضحكت، وصديقي كثيرًا كما نفعل دائمًا، ولكن هذه المرَّة بطعمٍ مختلف!

#خالد_خمَّاش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق