تتسلل النسمات الآتية من البحر، إلى ساحة خان الإفرنج في قلب السوق في بلدة عكا القديمة، وهي ما يحتاجه مواطنو المدينة الساحلية وزوارها في الجو الحار، ولكنها ليست دائما قادرة على ترطيب المواضيع التي تشغل المواطنين والزوار، ومنها تصاعد العنف في المجتمع العربي في الداخل، مع تزايد حوادث القتل والانفلات الذي يستهدف نسيج هذا المجتمع، كما يرى الناشر المثقف يعقوب حجازي، بينما يحمل الشاعر سامي مهنا، الرئيس السابق للاتحاد العام للكتّاب العرب الفلسطينيين في الداخل، سلطات الاحتلال المسؤولية عما يحدث، ضمن خطة مدروسة.
يحب مهنا العودة إلى الوراء، أكثر من عشرين عاما، لتفسير ما يحدث. يقول: "منذ عام 1948 حتى عام 2000، لم يكن العنف موجودا في المجتمع العربي كما هو الوضع الآن، مستويات العنف في مجتمعنا، كانت تشبه مثيلاتها في أي مجتمع آخر في العالم، ولكن ليس بالوتيرة التي نشهدها الآن، فما الذي حدث؟".
يضيف مهنا: "لعلنا نذكر هبة أكتوبر 2000، وارتقاء 13 شهيدا، وتمدد المظاهرات إلى مختلف مدننا وقرانا، وأيضا في ذلك العام حدث انسحاب قوات الاحتلال من لبنان. في تلك الفترة كنت أعمل في وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) محررا للشؤون الإسرائيلية، ولفت انتباهي تقرير عن وحدة مخابرات انسحبت وكانت مهمتها إثارة الفتن والشقاق في المجتمع اللبناني من أجل السيطرة، وهو أسلوب استعماري قديم ومعروف، ترجمت التقرير عن وحدة المخابرات هذه التي لم يعد أفرادها إلى منازلهم، ولكن عملهم انتقل إلى مجتمعنا العربي، خصوصا بعد هبة أكتوبر".
يذكِّر مهنا، باعترافات قائد الشرطة الإسرائيلية، أن العصابات الإجرامية محمية من الشاباك، لأن أفرادها عملاء، ولا تستطيع الشرطة الاقتراب منهم، أو أن تحقق معهم، ومن بينهم عملاء فروا من الضفة الغربية أو لبنان واستقروا في الداخل.
يعتقد مهنا، أنه خلال أكثر من عشرين عاما، سمحت السلطات بضخ الأسلحة في المجتمع العربي. يؤكد: "لا شك لدي أن هناك أيديا موجهة أعطت الضوء الأخضر للتخريب، فانتشر العنف، وتزايدت العصابات والعائلات الإجرامية وأصبح لكل منها جيشها وجنودها، ندعو دائما شبابنا كي لا يكونوا فرائس يضحى بها لصالح العصابات التي تحقق أرباحا خيالية. لقد أصبح العنف أيضا اقتصادا يدر الملايين على العصابات الإجرامية".
يعيد يعقوب حجازي، ما يحدث، إلى سياسات الحركة الصهيونية، التي استهدفت كما يقول المدن الساحلية التي صمد فيها فلسطينيون، مثل عكا، وحيفا، واللد، والرملة.
يضيف: "استهدفت مدننا في الفكر الصهيونية، لقتل الروح المعنوية لدى ناسنا، ووأد آمالهم وطموحاتهم، فقسموا المجتمع إلى طوائف، وفرقوا بين الريف والمدينة، وبعد التقسيم إلى طوائف وتجمعات، استهدفوا النسيج الاجتماعي، ولكننا سننهض من جديد، أنا على ثقة بذلك".
تصاعد العنف، تمثل في اغتيال الصحفي نضال إغبارية (44) عاما، الأسبوع الماضي، في مدينة أم الفحم، ووجهت الاتهامات من قبل عائلته والفعاليات المختلفة إلى العصابات الإجرامية.
نظمت فعاليات احتجاجية تنديدا باغتيال إغبارية، واستنكارا لتقاعس الشرطة الإسرائيلية في ملف الجريمة المستشري في المجتمع العربي.
https://www.alhaya.ps/ar/Article/139539/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A-%D9%85%D8%A8%D8%B1%D9%85%D8%AC
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق