أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 22 مارس 2018

الإستزلام..!




إحدى آفات الحركات الوطنية الفلسطينية المتتالية، هي ظاهرة (الإستزلام) والتي تمثل مستوى تطور مجتمعي توقف عند حد معين، وما يرتبط به من مصالح. يتغذى الإستزلام على نزعات عشائرية، ومناطقية، ومافاوية.
مارس المفتي أمين الحسيني الإستلزام، وأحاط نفسه بمن أطاعه طاعة عمياء، ورفعه إلى مراتب فوق بشرية كما فعل مثلا عيسى البندك في مذكراته.
في كتابه (رحلة العمر من شاطئ غزة إلى صحراء الجفر) يتحدث عبد العزيز العطي عن عقد مؤتمر العمال العرب بتاريخ 12 أيلول 1946م في سينما الحمراء في مدينة يافا (على الأرجح انه يقصد عام 1947م).
ويذكر: "تحدث في المؤتمر قائد "منظمة الفتوة" شبه العسكرية السيد كامل عريقات، التي أنشأها مفتي القدس الحاج أمين الحسيني، مقابل "منظمة النجادة" التي أنشأها المحامي محمد نمر الهواري، وما أزال أذكر بعض ما جاء في كلمة عريقات، إذ قال: أنا لست بالخطيب، إنما رجل عسكري، فإذا أمرني سيدي هذا، (وأشار بيده إلى صورة الحاج أمين الحسين المعلقة في زاوية المسرح)، فسألقي باليهود في البحر".
من صفات المستزلمين المبالغة في مسح الجوخ لمرؤسيهم، كما فعل كامل عريقات، الذي سيجد نفسه وسيده ومعهم أغلبية الشعب الفلسطيني مطرودين من ديارهم، بعد أن تبجحوا بإلقاء اليهود في البحر.
ويضيف العطي: "وألقى عدد من القادة النقابيين كلمات في المؤتمر، أذكر من بينهم خليل شنير. وفوجىء المؤتمرون بخبر اغتيال السيد سامي طه في حيفا، زعيم "جمعية العمال العرب"، التي مقرها مدينة حيفا، وكان سامي على علاقة قوية مع حزب العمال البريطاني، وينوي تشكيل حزب عمال فلسطيني من النمط ذاته، ويبدو أن جريمة الاغتيال قد نفذت في ذلك الوقت بالتحديد، في محاولة لإلصاق التهمة بالشيوعيين، لكن عريف الحفل، الذي بث الخبر، أعلن باسم المؤتمر إدانة تلك الجريمة النكراء".
اغتيال النقابي سامي طه يوم 11-9-1947م، أحد الأحداث المفصلية في الحركة الوطنية والنقابية قبل النكبة، ويعتقد على نطاق واسع انه اغتيل من قبل رجال المفتي، وبأوامر منه، حيث توسع في عمليات الاغتيال الداخلية، التي لم يجري فيها أي تحقيق حقيقي أو مراجعات، حتى ان بعض حوادث الاغتيال، كما يعتقد بعض من الأجيال الجديدة نفذتها العصابات الصهيونية، ومثال ذلك اغتيال الدكتور أنور الشقيري في عكا، الذي قدم في إحدى المسرحيات كضحية للإرهاب الصهيوني، في حين انه ذهب ضحية إرهاب الحاج أمين، وكان لاغتياله صدى واسعا في حينه.
وكان لاغتيال سامي طه أثره على مواقف عصبة التحرر الوطني التي تأسست لتضم الشيوعيين والديمقراطيين العرب، ويذكر العطي، بان العصبة قررت مقابلة اللجنة الدولية التي وصلت فلسطين للاستماع لآراء العرب اليهود في فلسطين، ولكن الهيئة العربية العليا التي يرأسها المفتي حذرت من مقابلة اللجنة، فتراجعت العصبة عن مقابلة اللجنة الدولية، ويعتقد العطي ان "مرد ذلك يعود إلى خشية قيادة العصبة من التعرض لحملة اغتيالات كما جرى لسامي طه".
ويقدم لنا صلاح صلاح في مذكراته صورة سوداوية للوجهاء أعضاء الهيئة العربية العليا بعد النكبة عندما أصبحوا في المخيمات، وجهدوا ليحافظوا على صورتهم الشكلية حتى لو تم ذلك التعاون مع المكتب الثاني اللبناني.
ومن صفة المستزلمين، قدرتهم على تغيير سيدهم، وما أسرع ما غير كامل عريقات موقعه، وكذلك فعل عيسى البندك، فأصبحا في خدمة خصوم المفتي، وتوليا مناصب مهمة في الدولة الأردنية.
وفي كل مرة يقرب زعيم الحزب، أو الحركة، ما يعتقد أنهم أهل الثقة، ويبعد أهل الخبرة، وفي كل مرة يخسر، ويخسر الوطن.
**
الصورة: الشهيد سامي طه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق