أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الجمعة، 8 ديسمبر 2017

شهوة الفَعْص..!






































حدث ذلك في رد اليوم الأوّل على قرار حاكم العالم الأوحد، سليل سلالة طغاة حكموا إمبراطوريات، وسيوصفون دائما بالجنون، من نيرون، إلى الحاكم بأمر الله، إلى ترامب.
عندما وصلت النادي الأرثوذكسي، وبيت جالا تبدو هادئة، بفعل الإضراب الشامل على الأرجح، التقيت موسى عدوان، يقف بجانب مركبته المفعوصة، ومازال مصدومًا، ولكن كانت لديه رغبة بالحديث، قال بأنه فوجيء وهو يقود مركبته بالقرب من النادي بشاحنة صاعدة، قاطرة ومقطورة، صدمت مركبة أمامه، فاقترب بمركبته إلى الرصيف، كرد فعل على ما رآه، وهو يطلق بوق المركبة لينبه سائق الشاحنة الذي بدا مصممًا على الاقتراب منه وضرب مركبته ورصها إلى الحائط، مكملاً طريقه صعودًا، وكأن شيئا لم يحدث.
سألته إن كان رأى وجه السائق، وكيف كانت ملامحه وهو يكمل عملية الفَعْص التي بدأها، فأجاب عدوان، بأنه لم ير سوى وحش من الحديد؛ شاحنة قاطرة ومقطورة من نوع فولفو، تدعس ما يصادفها.
مركبة عدوان، واحدة من نحو عشرين مركبة (العدد لم يحدد بعد) فعصها السائق، الذي استبدت به شهوة الفَعْص، وهو يجلس في شاحنته المرتفعة، ولا يرى المركبات سوى مخلوقات من حديد تستوجب الفَعْص، وهو شعور يستبد دائما بالمستبدين، عندما يملكون قوة غير خاضعة للمحاسبة.
أوَّل مركبة فعصها الفاعص، وهو ينزل إلى بيت جالا، وعندما وصل منطقة السهل، بدأ بصدم المركبات بالقرب من ملعب السهل، متجها يمينا إلى دوار النورماندي، ثم صعد إلى رأس بيت جالا، وفي طريقه يصدم أية مركبة تصادفه، ولم يستجب لنداءات النَّاس الذين شاهدوه بالتوقف.
فعص الفاعص مركبة عمومية بالقرب من مفرق النورماندي، وجرها أمامه بتصميم لعشرات الأمتار، وعلى طول الطريق من السهل إلى اعلي بيت جالا، تظهر أثار المركبات التي صدمها الفاعص بغلٍ ودفعها أمامه.
المركبات تتضرر، والنَّاس يسقطون مصابين، وشهوة الفاعص تستعر، حتى وصل رأس بيت جالا، وتجاوز
الحاجز العسكري الاحتلالي، وسار بعكس السير حتى وصل مشارف قرية حوسان، وترك الشاحنة في المكان، وهو ينظر خلفه، وكأنه نيرون، مبتهجا بحرق روما.
من تستبد به شهوة الفَعْص، في يوم غضب؟ سيعتقد النَّاس بأنه مستوطن ينفذ اعتداءا، ولكن سيتبين بـأنه سائق عربي، اعتقلته شرطة الاحتلال وسلمته للشرطة الفلسطينية.
وأنا أغادر بيت جالا، رأيت ممثلي المؤسسات ورجال الدين يتجمعون في المنشية قرب شجرة الميلاد، معتصمين ضد قرار ترامب، وسيحتاج البيتجاليون ساعات أخرى ليستوعبوا الصدمة وينزلون بأعدادٍ كبيرة (اكبر بكثير من أعداد من تجمعوا قرب الشجرة)، إلى المنشية رغم البرد، مع اقتراب انتصاف الليل، مطالبين بحقهم، وسيهدأوون عندما تظهر بادرة لحل عشائري.
شعار البتجاليين القدماء "مردنا جبل الخليل" أي ان عاداتهم كقيسيين مسيحيين، مثل عادات أهل جبل الخليل (جبل القيسيين).
المحتجون الذي أغلقوا الطرق فتحوها، ليحتشدوا مساء اليوم لحضور العطوة العشائرية.
كيف استبدت شهوة الفَعْص بالفاعص الأربعيني؟ هل هي خلفيات سياسيّة أو أيديولوجيّة؟ أم عاطفية؟ هل يمكن أن يكون فشل في حب خلف شروع في قتل جماعي؟
قد نعرف، وقد لا نعرف، فبعد أيَّام أو أسابيع، والجهود العشائرية تنهر لنفسها أنهارا، قد لا يكون هناك من يهتم، مع استمرار فعص المحتلين بفتيتنا على نقاط التماس، وقد يتوارى ما حدث إلى حكاية ربما يتذكرها البعض مضيفين إليها الكثير من الرتوش اللازمة للحكايات الشرقيّة..!
وستكون للإضراب فائدة واحدة على الأقل، وهو تدبير خفي من الأقدار، أن الفاعص فشل في قتل العشرات، وهذا سهم رد إلى صدر ترامب..!
شكرا لدعوات الأمهات..!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق