أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 24 فبراير 2008

صدور طبعة ثانية بعد 84 عاما من كتاب مثير للاهتمام

بمبادرة عائلية قدّر لأحد أهم الكتب العربية، الذي يؤرخ لتاريخ الكنيسة في الأراضي المقدسة، أن يعاد طبعه بعد 84 عاما من طبعته الأولى.



وصدرت الطبعة الثانية من كتاب (تاريخ الكنيسة الرسولية الاورشليمية) لمؤلفه خليل قزاقيا، بمبادرة من "أولاد وأحفاد قاليوبي جريس انسطاس" الذين أعادوا طبعه "وفاء لذكرى المرحوم الخال خليل إبراهيم قزاقيا".


ورغم شهرة الكتاب، إلا أن الحصول على نسخة منه كان أمرا صعبا، لأن ما تبقى من نسخ منه تحتفظ بها بعض العائلات، كإرث عائلي، لم يكن يعمم.


ومؤلف الكتاب خليل قزاقيا، كان ناشطا من أجل نصرة القضية الأرثوذكسية، ومناهضة السيطرة اليونانية على الكنيسة العربية الأرثوذكسية في الأراضي المقدسة، وهي القضية التي لم يقدر لها أن تحقق نصرا حتى الآن.


ويمكن بشكل أو بآخر، القول بأن لجوء قزاقيا إلى كتابة هذا الكتاب، كان بهدف تدعيم مطالب القضية الأرثوذكسية، ولكن الكتاب تحول إلى مرجع مهم في موضوعه.


ولد خليل إبراهيم قزاقيا عام 1864، وكان قسم من عائلته يقيم في مدينة بيت لحم، والقسم الآخر في اسطنبول، وتوفي والده وشقيقه ودفنا في اسطنبول، التي وصلها للدراسة، بعد أن أنهى دراسته الابتدائية في مدرسة البنين الأرثوذكسية في بيت لحم.


وبعد أن أنهى جزء من دراسته في اسطنبول، عاد قزاقيا إلى بيت لحم، ووفقا للباحث حنا جقمان فإن قزاقيا التحق بمعهد اللاهوت الأرثوذكسي في دير المصلبة بالقدس لمدة أربع سنوات، وبعد إنهائه للدراسة في المعهد عين معلما في مدارس البطريركية الأرثوذكسية في فلسطين.


وتميزت ثقافة قزاقيا، بإتقانه لعدة لغات منها اليونانية، والتركية، والروسية، وهو ما أفاده في جهوده البحثية لاحقا.


وإلى جانب التدريس، عمل قزاقيا مع والده وأخيه في التجارة، وخصوصا تصدير منتوجات الأراضي المقدسة التذكارية المصنوعة من الصدف وخشب الزيتون، وغيرها، إلى روسيا وتركيا.


ولم تكن حياته الشخصية بالنجاح الذي حالفه في حياته العملية، فزوجته الأولى وهي من عائلة أبو سعادة الفلسطينية، توفيت وكذلك أولاده منها، فتزوج مرة ثانية من فتاة يونانية مقيمة في القدس، ولكنها توفيت بدون أن تنجب أطفالا.


ثقافة ونشاط قزاقيا، جعلته يحسب على الرعيل الأول من النهضويين الفلسطينيين في مطلع القرن العشرين، أصحاب الأحلام الكبيرة، والذين عاشوا بين حربين كونيتين طاحنتين، وكانوا يبحثون لبلادهم عن مكان تحت الشمس، في ظل قوى كبيرة قاهرة.


وأصبح من أعلام الحركة الوطنية الأرثوذكسية، وكان عضوا في المؤتمر العربي الأرثوذكسي الأول المنعقد في حيفا بتاريخ 15 تموز (يوليو) 1923، وكذلك كان عضوا في الوفد العربي الأرثوذكسي المكون من ممثلين فلسطينيين وشرق أردنيين، الذي ذهب إلى اسطنبول، لعرض مطالب العرب الأرثوذكس من بطريركيتهم في القدس التي يسيطر عليها اليونان.


وأمضى أعضاء الوفد أشهرا طويلة في العاصمة العثمانية، وذلك لكسب دعم الحكومة العثمانية لرعاياها العرب الأرثوذكس.


ويمكن الآن تصور معاناة أعضاء الوفد في عرض مطالبهم، من المدة التي قضوها في اسطنبول، وعندما عاد أعضاء الوفد إلى ديارهم، بقي قزاقيا في العاصمة العثمانية، ليبذل جهدا إضافيا لشرح القضية الأرثوذكسية هناك، ويتضح مما نعلم الآن، أن قزاقيا لم يقصر جهده على المؤسسة الرسمية العثمانية، ولكن أيضا وبشكل أساسي طرح القضية على المؤسسات الصحافية والشعبية.


وبعد أن استنفذت المهمة التي ألقاها على نفسه، غادر اسطنبول، ولكن ليس إلى فلسطين، وإنما إلى دير القديسة كاترينا في شبه جزيرة سيناء، وفي هذا الدير انزوى باحثا ومنقبا في مخطوطات مكتبة الدير الشهيرة، ولم يغادر الدير إلا ومعه مخطوطة كتابه الذي أصبح معروفا على نطاق واسع فيما بعد.


وحمل قزاقيا مخطوطة الكتاب، وقصد القاهرة، لتخرج طبعة كتابه الأولى عن مطبعة المقتطف والمقطم عام 1924م، وعاد إلى فلسطين بكتابه (تاريخ الكنيسة الرسولية الاورشليمية).


ويقول جقمان: "عاد قزاقيا من القاهرة بغنيمته النفيسة، وقد لاقى كتابه رواجا كبيرا في فلسطين وشرقي الأردن وغيرها، ولم يبق بيت فيه وعي وحب الثقافة إلا واقتنى نسخة منه، إن كان في الكرك ومأدبا والسلط، أو في مدن فلسطين بأكملها".


ويضيف: "بعض العائلات حافظت على هذا الكتاب من الجد إلى الأحفاد وعرفت قيمته، وبعضهم فقده بسبب إهمال الأبناء والأحفاد، وقد اعتبر هذا الكتاب مرجعا أساسيا لتاريخ كنيسة القدس في مراحلها المختلفة التي تبدأ بعهد أول أسقف لكنيسة القدس، ثم باقي المراحل حتى مطلع القرن العشرين".


وضمن قزاقيا كتابه مواضيع تتعلق بالقضية الأرثوذكسية حتى عام 1923، أي قبل عام من صدور كتابه الذي لا يزال مرجعا أساسيا لتاريخ الكنيسة في فلسطين.


وحسب جقمان فإنه: "عدة كتب تناولت موضوع تاريخ الكنيسة في الأراضي المقدسة، كانت موادها وحوادثها مسروقة عن كتاب قزاقيا، وكان آخرون صادقين فأشاروا في كتاباتهم بأمانة إلى مصدر هذه الأخبار".


ولكن يلاحظ في معظم الذين يدرجون الكتاب كمرجع في أبحاثهم، أنهم يذكرون اسم الكتاب خطأ أو اسم المؤلف أو كليهما معا، مما يشير إلى أن هؤلاء الباحثين لم يعتمدوا على نسخة من الكتاب وإنما نقلوا عن كتب أخرى ربما استخدمت كتاب قزاقيا كمرجع لها.


وحتى الآن لا توجد في بعض المكتبات الهامة، مثل مكتبات الجامعات الفلسطينية، نسخا من الكتاب، وفي جامعة بيت لحم مثلا، توجد نسخة مصورة عنه، بعد أن أعارت إحدى العائلات التي تملك نسخة من طبعة الكتاب الأولى، نسختها لمكتبة الجامعة لتصويرها، ثم استردتها.


ورغم شهرة الكتاب وصاحبه، على الأقل في أوساط المعنيين بتاريخ الكنيسة في الأرض المقدسة، إلا أن هناك من كبار السن، ممن عرفوا قزاقيا، كانوا أشاروا في أحاديث سابقة مع كاتب هذه السطور، بأنه لم يكن يملك أسلوبا مميزا في الكتابة، وربما هذا ما يفسر ما ذكره قزاقيا في الصفحات الأولى لكتابه إلى أن "هذب لغته ناصر عيسى لواصي".


وقد يشكل صدور الطبعة الثانية من الكتاب، وإن كانت طبعة محدودة واحتفالية، مناسبة للباحثين والمهتمين تقديم قراءات نقدية لما قدمه قزاقيا في كتابه، الذي يعتبر أحد أهم المراجع العربية في موضوعه، وسط وفرة في المراجع الأجنبية التي كتبها باحثون من مختلف البلدان عن موضوع مهم يتجاوز كثيرا كونه موضوعا محليا، حيث تصارع على كنيسة القدس، وما يزال، عناصر من مختلف أنحاء العالم، خاضوا حروبا، ومعارك، وسفكوا دماء باسم المثل الدينية.


http://www.thaqafa.org/Main/default.aspx?xyz=BOgLkxlDHteZpYqykRlUuI1kx%2fVDUOFoybElcbDBn9ki84CIki4IU2VXx4fo%2blJ4w9UYuxqY%2bKXeGr7qcw%2fuiQLgxi9IsvpQChWe%2bFbyuKRNnYGi%2bpgy8%2b6K5SiTiZ9vnQUUX04CIm0%3d



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق