أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 26 يونيو 2025

عن فلسطين ومنها وإليها/ محمد لبيب


 


*أتحفنا أسامة العيسَة قبل ثلاث سنوات بروايته "الإنجيلُ المَنحولُ لزانيةِ المَعبدِ". تستعرض الرواية كيف تم التأسيس في الشرقُ لخطيئة الزِنا كفعلٍ فرديٍ مؤنّثٍ، يوصِم المرأة ويتخطىٰ الرجُل، وخاصةً عندما يكون الزاني سيدًا في قومِه!

*طوال صفحات الرواية سيتابع القارئ بإيقاع أقرب إلى الميثولوجيا الاغريقية تلك المواجهة بين "كنعانية" و"إسرائيلي" والتي ستتحوَّل بالتدريج إلى مواجهة مع ربّ اليهود و"سفر التكوين" و"العهد القديم" برُمّته.

*كأنه يتحدث عن فلسطين، انحاز العيسَة" لبطلته في الصفحات الأولى، وقدمها على أنها: "رَمزُ الألوهَةِ المؤنّثةِ، الأمُّ الكُبرىٰ، الفرجُ، المَمرُ الإجباري لكُلِّ البَشَرِ".

على الجانب الآخر، أدان كل ما يمثله "يهوذا": "كانَ يُريحُه مَنظَرَ الدَمِّ المَسفوكِ".

*سباحة تاريخية تفكِكُ وتعيد قراءة القِصّة التاريخية المشهورة في (سفر التكوين: ٣٨)، ولكن هذه المرّة من زاوية كنعانية تنتصر للمظلومين، وتبعث رسالة من أحدِ أحفاد "عشتار" مَفادُها:

“المَقهورينَ والضُعفاءُ يستَطيعونَ أيضًا كِتابةَ التاريخِ”

* عن فلسطين ومنها وإليها، عن العودة إلى الإيمان والثبات واليقين.

التفاصيل على صفحة الدكتور محمد لبيب:

https://www.facebook.com/mohammad.labibb

#محمد_لبيب

#الإنجيل_المنحول_لزانية_المعبد

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

#أسامة_العيسة

الأربعاء، 25 يونيو 2025

أمير من إِيَّاهم!


كعادته، في التقسيم الحولي لتاريخه، يخبرنا ابن اياس بتقليديَّة روتينيَّة: "ثم دخلت سنة ثمانمائة، من الهجرة النبوية، وانقضى قرن السبعمائة، وقد جرى فيه من الحوادث ما تقدّم ذكره، وقد ورد فى الأخبار: على رأس كل قرن فتنة".

من الواضح أن ابن اياس يريد تعظيم ما سيجرى في القرن الجديد، الذي سيتتبع حوادثه. ابتدأ العام الجديد "بشهر المحرم، واستهلّ يوم الاثنين، ويوافقه من شهور القبط اليوم السابع والعشرون من توت".

في 29 المحرم 800ه (الأحد 1397/10/29): "نزل الأمير قلمطاى، الدوادار، والأمير نوروز الحافظى، رأس نوبة، والأمير فارس، حاجب الحجّاب، إلى الأمير شيخ الصفوى، أمير مجلس، ومعهم خلعة نيابة غزّة، فلبسها وخرج من وقته ليسافر، ونزل بخانقاة سرياقوس".

إذا كان يوم الأحد سعد السلطان على صفوي، فإنه في ليلة الثلاثاء نهاية المحرم، كان الأمر مختلفا بالنسبة لغيره من النخبة المملوكية. يخبرنا ابن اياس: "توجّه الأمير سودون الطيار، بكمشبغا، وبكلمش، فى الحديد، إلى الإسكندرية، فسجنا بها".

يبدو أن الأمير شيخ لم يسعد كثيرا، حسب المتوقع بوظيفته الجديدة، ففي اليوم التالي: "استعفى الأمير شيخ، من نيابة غزّة، وسأل الإقامة بالقدس، فرتّب له النصف من قريتى بيت لحم وبيت جالا من القدس، يرتفق بهما، وسار إلى القدس".

نصف ما ينتجه فلاحو بيت لحم والقدس، فقط لكي يتدبَّر الامير شؤونه، ماذا سيبقى للفلاحين؟ سيبقى لهم السوط والسجن والجوع والكفاف، إن لم يفوا بحاجة الإقطاعي الجديد.

لكن الأمر لم يطل كثيرًا، مع الأمير المتعالي على وظيفة نيابة غزة، ففي نهاية السنة الهجرية؛ شهر ذي الحجة 800ه (آب 1998م)، وصل الخبر إلى عاصمة السلطنة، حيث كان ابن إياس مقيما: "أنّ الأمير شيخ الصفوى كثر فساده بالقدس، وتعرّضه لأولاد النَّاس، يريدهم على الفاحشة، فرسم السلطان بنقله من القدس، واعتقاله بقلعة المرقب من طرابلس، فاعتقل بها".

لعلَّ ابن إياس يقصد بأولاد النَّاس، أبناء المماليك، ومعظمهم من المنفيين، الذين يرسلهم السلطان بطَّالين إلى القدس، وليس أولاد الفلَّاحين، وقد يكون هذا حاسما في قرار السلطان سجن الأمير مختل الأخلاق.

في ذي القعدة 801ه (تموز 1999م) يذكر ابن إياس بحيادية: "توفي الأمير شيخ الصفوي بقلعة المرقب مسحونا".

يمكننا تخيّل فرحة أولاد النَّاس والفلَّاحين، وتشفيهم في الأمير المختل، ولكلِ أسبابه!

#إبن_إياس

#أسامة_العيسة


الاثنين، 23 يونيو 2025

عندما صارع أبو جورج دولة عظمى!


 


امتلك أبو جورج، قرار الحرب والسلم في مخيمنا، أو الأصح قرار الحرب، لأنَّه لا يؤمن بالسلم والسلام وعملية سلمية ومترادفات أخرى، وعلى الأرجح لا يدرك مصطلحات يرددها محللو الجزيرة في الحرب الأخيرة: مثل الصبر الاستراتيجي، والإشباع الجوي، والانزلاق الصاروخي.

عندما كنا نرى أبو جورج، كامنًا حاملًا دبشتين في يديه، نسره بالهرب والاختفاء، لأننا نعلم ما سيترتب على رشقه مركبات الجنود والمستوطنين، من منع تجول واقتحام وإطلاق نار واعتقالات.

سعت الصحافة إليه، وأعدت وكالة الأنباء الفرنسية، كما أذكر، تقريرًا، أبرق إلى أنحاء المعمورة عن ولد لاجيء قال لأ كبيرة.

أبو جورج صامت، لا يعلِّق ولا يتحدَّث ولا يُهدد. امتلك فقط إرادة القتال، ومن يمتلكها، لن يهزم! هكذا تقول ملامحه وهو يجلس أمام منزله متقاعدًا ثوريًا قديمًا.

#مخيم_الدهيشة

#أسامة_العيسة

الجمعة، 20 يونيو 2025

القدس من نسائها وبنسائها أيضاً!


 


صدر عن منشورات المتوسط-إيطاليا، رواية "بنت من الـقـدس الجديدة"، للكاتب الفـلـسـطـيـني أسامة العيسة، والتي يواصل فيها مشروعه الأدبي في التقاط التفاصيل الصغيرة لكتابة الكلّ الفـلـسـطـيـني. فيقدّم هنا عملاً جديداً ينبش في الذاكرة الجمعية، من خلال مصائر شخصيات تعيش بين الانتماء والانكسار، وبين الأمل وخذلان المؤسسات.

بطلة الرواية صالحة، ابنة حيّ البقعة، فتاة جميلة، ومثقفة، ومتمرّدة، تذهب إلى المحكمة لتطالب بثمن بكارتها، التي أُزيلت دون وجه حقّ، كما تقول. فهي ليست ضحية، بل صاحبة حقّ. تقف وحدها في مواجهة قاضٍ ومجتمع وميراث طويل من التواطؤ والخوف. جسدٌ هشٌّ في مدينة من الجدران.

يكتب العيسة، بأسلوب ساخر، مشبع بالتفاصيل الدقيقة، وبعين ناقدة حادة، عن تقاطع الجسد مع القانون، وعن الشرف حين يُعرّى أمام مؤسسات عاجزة، وعن مدينة لا تُقرأ من حجارتها فقط، بل من نسائها أيضاً.

عند العيسة قدرة لافتة في التقاط نبض المدينة من شرايينها الصغيرة، لا من خرائطها المزوّرة لذا فهي ليست رواية عن فتاة وحسب، بل عن مدينة كاملة تُروى من خلال الفجوات التي خلفها الاحتلال، ومن خلال تفاصيل الحياة اليومية، والشرسة في صدقها، والغريبة في واقعها. فنجده يعيد تشكيل ذاكرة الـقـدس، لا من بوابة التاريخ المقدس أو الحكايات الرسمية، بل من زواياها الهامشية: من خوخات السور، ومن المحاكم، ومن الشوارع التي تشهد ولا تنطق.

رواية مشبعة بلغة سردية غنية، وبتفاصيل المكان المقدسي غير المروّض، والمتأرجح بين التاريخ والأسطورة، وبين المطبّات اليومية والخيبات الكبرى.

هنا، تصبح الحكاية وسيلة للمقاومة، أما الهامش فهو المتن الحقيقي.

أخيراً، صدر الكتاب في 160 صفحة من القطع الوسط.

الصورة: بلطف عن صحيفة العربي الجديد

تفاصيل:

https://www.facebook.com/photo?fbid=1159151996239883&set=a.561953259293096

#بنت_من_القدس_الجديدة

#منشورات_المتوسط

#العربي_الجديد

#أسامة_العيسة

الأربعاء، 18 يونيو 2025

الوقع نفسه/ أيمن خندقجي


 


العزيو أسامة، تصور بأننا نعيش الوقع نفسه!؟ هذا ما كتبته قبل عشر سنوات:

كتبت عن جنون القادة الذين يبيعون أجساد الفلسطينيين في سبيل الحفاظ على أنفسهم!

كتبت عن العقلاء ونسبتهم إلى المجانين!

بأية لغة كتبت؟ لا أعلم، لغة الروح أم لغة العقل، ومَن كنت تخاطب؟

لعلك يا رفيق تقرأ وجوه المارين، تقرأ بؤسهم وفقدانهم الأمل، تقرأ وجوههم الشاحبة في كل شيء، في الاوجاع والحزن وصرخات مدوية!

الخيبات المتكرره والوجوه المزيفة والأكاذيب الذي تعَّرض لها هذا الشعب مزقته.

كل شيء أصبح يبحث عن الفرح ولا يجده!!

#أيمن_خندقجي

#مجانين_بيت_لحم

#أسامة_العيسة

الأحد، 15 يونيو 2025

بنت القدس الجديدة: غريبة مغتربة ومنكوبة/ عمر شبانة


 


منذ العتبة الأولى لهذه الرواية، أقصد منذ عنوانها الرئيس، نلتقط عنوانين مهمين في العنوان الأساسي "بنت من القدس الجديدة"، ففي العنوان ثمة بنت، وثمة اسم المدينة "القدس الجديدة". وحين ننتهي من قراءة الرواية، بنهاية مأسوية بموت البنت (صالحة، لنلحظ رمزية الاسم ودلالاته)، واختفاء المدينة "التي فقدت اسمها وأصبحت القدس الغربية، يقطنها غرباء"... نكتشف الرابط بين بطلتين رئيستين في الرواية، هما البنت والمدينة، الرابط المتمثل في المصير المشترك بينهما. بطلتان تتناوبان على مركزية السرد و"البطولة"، بطولة سلبية بالطبع، تنطوي على الكثير من المعاناة لكل منهما... مع وجود شخصيات واقعية وحقيقية تحتل مكانة في حوادث الرواية ووقائعها. وهو ما سنلمسه في الرواية عبر الوقوف على بعض أبرز معالمها ومكوناتها ومحطات منها.

في رواية أسامة العيسة هذه "بنت من القدس الجديدة"، تتكون من 28 فصلًا أو مقطوعة (دار المتوسط، 2025)، وقريبًا مما فعل في روايته السابقة "سماء القدس السابعة" (المتوسط أيضًا، 2023)، ولكن بعيدًا عنها أيضًا، نقف على مدينة القدس، من خلال قضية الفتاة (صالحة، ابنة حي البقعة، الجميلة، والمثقفة، والمتمردة)، وهي قضية تبدو هامشية أو ثانوية في مجتمعنا الذكوري، لكنها في الواقع، وكما تتعامل صالحة معها، قضية اجتماعية مركزية، وهي قضية فقدان الفتاة عذريتها بفعل شاب غير مسؤول، وإن كانت "حكايتها"، كما جاء في نهاية الرواية، تحيل على مسؤوليتها هي (صالحة) أيضًا، عن فقد بكارتها، ولكنها تبرر ذلك بالجو الذي جرت فيه عملية فض البكارة؛ الغناء وعازف البزق النوري (الغجري) والحاصدات في الحقول.

نهاية الرواية وبداية القصة

حين نصبح على العتبة النهائية للرواية، نكتشف أن صالحة، كما يأتي على لسانها، قد أسلمت نفسها إلى الشاب المتهور محمد حنا الذي جاء به والدها ليعلمها قواعد اللغة العربية (بعض المسيحيين يطلقون اسم محمد على أبنائهم في بعض الحالات)، منذ سمحت ليديه بالاشتباك مع يديها وكتفها، ثم وضع رأسها على كتفه، وتبادل القبلات، وصولًا إلى "الخط الأحمر" ومحاولتها الانسحاب ولكن بعد أن "وقعت الفأس في الرأس"، كما نقول في أمثالنا... حيث كان قد وقع المحظور. والغريب في أمر صالحة إصرارها على اللجوء إلى القضاء للحصول على حقها "ثمن البكارة" التي لا تقدر بثمن، أمر أثار سخرية الناس والقضاة، لأنه ليس من عادات بلادنا ومجتمعاتنا.

لكن القدس تغيرت، ففي سياق التعريف بمجتمع القدس، يلقي الروائي نظرة على فتيات المدينة ونسائها من خلال قصيدة للشاعر إسكندر الخوري البيتجالي يعرض فيها أخلاق بنات القدس المتأثرات برياح ضربت المدينة: "بارزات النهود حمر الخدود/ عاريات الصدور ضمر القدود/ يتخطرن في الشوارع تيهًا/ بحلي من أساور وعقود/ وبرود شفافة من حرير/ شف عما اختفى وراء البرود". ونعثر في الرواية على بيوت دعارة ومظاهر فساد جعلت من المدينة مدنسة، وهو ما يلفت إلى سعي الكاتب للوقوف على هذه المظاهر، خصوصًا في عالم القضاء... مستعيرًا شيئًا من لغة الأسلاف التراثية في وصف بعض فئات المجتمع، من "المجانين، الهبل، الحمقى، والنوكى"...

الوثائقي والتاريخي

وقد فتح الروائي الأبواب ليدخل عوالم عجيبة وغرائبية، حين راح القاضي يبحث في كتب القضاء عن حالة مشابهة ليقيس عليها (يكتشف القاضي، بين ما يكتشف، قضايا دعارة في ملفات محكمة في عام 1545 م والقرن السادس عشر ميلادي)، ولكن القاضي لا يجد قضية مشابهة. وسنتعرف في نهاية الرواية على بعض مراجع الروائي ومصادره التي اتكأ عليها لكتابة روايته، هذه الرواية التي تجمع الوثائقي التاريخي، الحوادث الواقعية، فضلًا عن المتخيل- الأنموذجي كما تجسده حكاية صالحة ومصيرها. ولجهة هذه المصادر والمراجع، يذكر منها الروائي ما يسميها "استهداءات"، وهي: بحث للدكتور محمد علي مصطفى العلمي عن قضاة القدس الشريف ومجالس حكمهم، و"تاريخ القضاء والإفتاء في بيت المقدس" لبشير عبد الغني بركات، و"يوميات خليل السكاكيني" (8 مجلدات).

وفيما يتعلق بـ"بطولة" المدينة، فهي تتجسد في مظاهر عدة، أبرزها ما يعرفه الكاتب ويرويه عنها على لسانه حينًا، فهو يتخذ موقع الراوي على نحو مباشر في بعض المقاطع، بل يحضر بصفته "كاتب/ راوي المجانين"، وما يرويه على لسان صالحة وآخرين حينًا آخر. وهو يستعين في ذلك بمشاهداته ومعلوماته وقراءاته عن المدينة التي لا يتردد في وصفها بالمدينة "المقدسة المدنسة"، وتكرار هذا الوصف في غير موقع من الرواية، وفي سياقات مختلفة منها.

هجرة وغائبون وأملاك مصادرة

القدس مدينة منكوبة قبل نكبة عام 1948 وبعدها أيضًا، وذلك من خلال هجرة بعض أهلها الأثرياء، إلى أنحاء عدة من العالم، وخصوصًا إلى مصر، حيث نستمع إلى (صالحة) تتحدث عن إقامتها هي ووالدها وبعض الفلسطينيين في أحياء مصر الراقية، ويتبع ذلك حديث عن مصادرة بيوت الغائبين وأملاكهم من قبل الوكالة اليهودية، ومنحها إلى اليهود المهاجرين. وفي السياق يجري الحديث عن مصادرة المكتبات العربية، أو إتلافها، ومن ذلك مصادرة مكتبة خليل السكاكيني التي تحتوي آلاف الكتب من مجلدات ووثائق في تخصصات نادرة... فضلًا عن مكتبة والد صالحة (تحتوي على آلاف العناوين)، وكتب مهداة له من كتاب عرب تركوا مؤلفاتهم بتوقيعاتهم من أمثال العقاد وطه حسين وغيرهما، وإضافة إلى مكتبات ومحتويات الجيرمن كولوني والغريك كولوني.

وبينما صالحة تواجه ما تبقى من أيامها، وتفكر في العودة إلى القدس الشرقية، بعد ضياع الغربية، تسمع أن محمد حنا قُتل بنيران العصابات الصهيونية، أي أن قضيتها قد انتهت، وتكون نهايتها الأولى بإيداعها في دير للمجانين في بيت لحم، مدينة مجانين فلسطين، كما يحب الكاتب أن يسميها، وهو المتخصص بكتابة تاريخها وحوادثها وشخوصها. وفي دير المجنونات، قسم العاقلات، تغدو صالحة راوية "حكاءة" محبوبة لدى النزيلات، تروي حكايات تجمعها من هنا وهناك، وترويها وتعيد روايتها. بل كتبت عددًا من المفكرات تروي فيها يوميات وحوادث، مفكرات آلت إلى الخباز "أبو ميلاد"، المهجر من الكرك لأسباب قبلية تتعلق بالثأر، ومن آلت إلى الكاتب الذي لا بد أنه أعاد صياغتها بوصفها واحدة من حكايات مجانين القدس.

في فصل بعنوان "إسراطين في زمن التايمزيين"، وما بين الجد والهزل، يظهر في الرواية تيار علماني يحضر فيه والدها، وتحضر أسماء من التيار اليساري القومي والشيوعي، ويصدر صحيفة شعارها "حرية، إخاء، مساواة"... تيار يبرز من خلال صدامه مع العثمانيين ومع المجتمع. ومن بين مقترحاته اشتقاق، أو اختراع "إسراطين" من إسرائيل وفلسطين... ويعرض لما جرى في تاريخ فلسطين من غزوات وفتوحات باسم كتاب الدين، وينادي بدولة علمانية لجميع سكانها، سابقًا مشروع القذافي وكتابه الأخضر واقتراحه الشهير. وفي سياقات أخرى سوف نلتقي بصالحة ولقاءاتها بالصحافي الشاب إميل حبيبي، ونقرأ عن نجيب نصار وكثيرين غيرهما من بين شخصيات واقعية.

نقرأ في الرواية وخلاصاتها أن حكايات القدس "شهرزادية طويلة لا تنتهي". هذه واحدة من خلاصات الرواية وحكاياتها المتفرعة، وبلا دخول في تفاصيلها، فالكاتب صاحب تجربة عميقة في الصحافة، وجمع التحقيقات والشهادات، والرصد الحثيث للأمكنة في المدن والمخيمات، وهو "يؤلف"، أي يقوم بالموالفة، بين ما يجمعه من هنا وهناك، وبين ما تجترحه تخيلاته لـ"صناعة" روائية يحاول بها أن يحدث اختراقًا فنيًا غير معهود في الرواية. وهذا يتبدى في أساليب السرد، كما يبدو في الملامح التي عرضناها من هذه الرواية التي ترسم بعض تشوهات المجتمع الفلسطيني، منذ الاستعمار العثماني، ثم البريطانيين (يسميهم العيسة "التايمزيين"، نسبة إلى نهر التايمز، وربما جريدة التايمز)، وصولًا إلى الاستعمار الكولونيالي الصهيوني، القائم على النفي والتهجير ثم الاستيطان.

وإلى هذا كله، ثمة الكثير من أحوال القدس والمقدسيين الجديرة بالقراءة والتعمق.

https://diffah.alaraby.co.uk/diffah/books/2025/6/15/%D8%A8%D9%86%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%BA%D8%B1%D9%8A%D8%A8%D8%A9-%D9%85%D8%BA%D8%AA%D8%B1%D8%A8%D8%A9-%D9%88%D9%85%D9%86%D9%83%D9%88%D8%A8%D8%A9?fbclid=IwY2xjawK76NhleHRuA2FlbQIxMABicmlkETFUeHVJQlFaR25NQWxZM1EzAR7mDJ6sILKMfJx07dKy7fMvbfnDj4mSCr0DmUQmrV8FcNwdO0aSUgaVqwMABQ_aem_jA924_e2A6WRZlWx2B5vzQ

الخميس، 12 يونيو 2025

لبن الغيظ!


 


لسببٍ ما، يمكن توقعه أو تخيله، وضع محضر المحكمة علي عبد المحسن في مخّه، صاحبة الصون والعفاف جَفُّول، من مجدل عسقلان. ويبدو أنَّه اعتاد مضايقتها أو إغاظتها حسب تعبيرها، كما حدث في أحد أيام 1586م، وكانت عسقلان ومجدلها تعيش منعظفها في القرن العثماني الأوَّل.

كانت السيدة المصون جفَّول مرضعة، وبسبب إغاظتها: "انزعجت وأرضعت بنتها سلطانة، فشربت لبن الغيظ، وماتت، بسبب كلام المُحضر". ماذا أسمعها المُحضر، الذي لا شك علقت به صفات بيرقراطيي السلطة، أية سلطة، والقوَّة التي تجعلهم يعتقدون، أنَّه يمكنهم فعل ما يريدون في العوام، خصوصًا نسائهم.

يعلِّق الباحث بشير بركات الذي نشر الوثيقة من أرشيف محكمة القدس الشرعية: "ترشدنا هذه الحجة إلى إدراك العوام آنذاك أنَّ الغضب والرعب يُحدث تفاعلات بيوكيماوية في الدم، حتى أنَّها قد تفسد حليب المرضعة، والله أعلم".

استخدام كلمة لبن، يشي بالتأثير المصري، سيستخدم الفلسطينيون لاحقًا كلمة حليب.

إذا لم يقتل حليب الغيظ الرُضع، فيعيشون في بلادنا مغيظين، فأية براكين سيفجرونها عندما يعيشون بغيظهم؟

هجرت المجدل، وأضحت المجدليات في قطاع غزة، كما كتب أحد أبنائهن، درر اللاجئات، جمالًا، ومهرًا، وقوَّة.

الصورة: تمثال لأفروديت عثر عليه في بحر عسقلان.

#مجدل_عسقلان

#أسامة_العيسة

الثلاثاء، 10 يونيو 2025

منزل الست منيرة!


 


هذه الحافلة في طلعات قرية القسطل في طريقها من القدس إلى يافا، ويظهر، على الأرجح منزل الست منيرة اللبنانية في قرية قالونيا. الطلعات تسمى الشقيقات السبع، والمقصود منعطفات الطريق، الَّتي صممها مهندس ألماني، ويسميها الأهالي، الليَّات.

ما الدور الذي لعبته النساء، والست منيرة واحدة منهن، في تشابكات الصراعات في فلسطين الانتدابية؟ بالمناسبة أمقت مصطلح فلسطين التاريخية المقيت، ويبدو أنني سأمقت مستخدميه!

#بنت_من_القدس_الجديدة

#منشورات_المتوسط

#القسطل

#قالونيا

#أسامة_العيسة