أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الاثنين، 28 مايو 2018

ننؤر..!




لا يظهر واقع عين ننقر، التي تقع على الحد الفاصل بين مدينتي دورا والخليل، بما كانت عليه سابقًا، حسب الروايات التي سمعتها من بعض سكان المنطقة، عندما مشيت من عين كنار، إلى عين ننقر أو ننؤر كما يلفظ الخلايلة الاسم.
لا اريد ان أذكر واقع العين الآن، أرغب بالعودة إلى ما كانت عليه، وكما يذكرها الشاب سامي عمرو في يومية كتبها بتاريخ 10 آب 1942م، عندما دعا زميلات العمل اليهوديات والعربيات، في منشأة مدنية للجيش البريطاني في القدس، لرحلة الى المنطقة، إنها صورة لمشهد خيالي:
"وأخيراً وصلنا إلى وجهتنا فأنزلنا المتاع ويممنا شطر وادي ننقر الجميل الذي، إذا وقفت فيه، أطربتك أصوات الجداول وخريرها المختلط بألحان الطيور وشجرها، ويسر خاطرك الخضار الممتد من أول الوادي إلى آخره، والمياه التي تعترضك أينما ذهبت، والبرك الزرقاء الجميلة المتبعثرة هنا وهناك بين مسافة وأخرى، وأشجار الجوز الباسقة بأوراقها العريضة ورائحتها المسكية النفاذة. وكذلك أشجار التفاح والبرقوق والمشمش التي أخذت على عاتقها إتحاف الوادي بتلك الألوان التي تخترق وترش حلته الخضراء السندسية بأجمل الحمرة والزرقة والبنفسجية.
نعم نزلنا في ذلك الوادي الذي وصفته لوبا (بالجنة الصغيرة)، ووقع اختيار الجميع على بقعة عالية من الوادي تشرف على بقية أنحاءه (أنحائه)، ويواجهها صخرة عالية تتكسر عليها المياه وتنحدر إلى أسفل فتملأ البرك الغفيرة وتتجاوزها لإرواء تلك الأشجار والبقول المتناثرة بينها. تفرقنا في أنحاء الوادي، فذهب أسعد مع ماري وبربرا، وأنا ذهبت مع لوبا، وقد ذهب حافظ مع هند. وكانت كلما تعترض لوبا سلسلة من الأشجار المتشابكة أو الحيطان العالية، أحملها وأنزلها دون أن أتكلم. وقد جبنا أنحاء الوادي وأخيراً رجعنا والكل يفتش عنا!! آن وقت الطعام، فجلسنا لتناوله، وكان لذيذاً مع بساطته، وقد أحبته الفتيات. وقد كان مع الطعام زجاجة من النبيذ".
"واقترب المساء، وسرنا كالأشباح، وقلبنا لا يزال عالقاً ومرتبطاً بهذه الجنة الصغيرة كما وصفتها لوبا. وبدأنا بالرجوع وفي عيننا عبرة، وفي قلبنا حسرة. أما العبرة فهي دمعة السرور التي سكبتها أعيننا ونحن في تلك الجنة، وأما الحسرة فما هي إلا لخروجنا من ذلك الفردوس الأرضي الذي أحبته وأسمته لوبا بلطفها وخفتها. ورجعنا دون أن ننبس ببنت شفة، ساكتون خاشعون كأن على رؤوسنا الطير. ورجع الأهل إلى البيت بينما سافرنا إلى القدس. وكم تركت هذه النزهة تأثيراً في قلبي".
من الصدف الحسنة، أن يوميات عمرو، وقعت في يد الباحثة والاكاديمية الاميركية
كيمبرلي كاتز، التي أعلت من شأنها، ونشرتها بالانجليزية ثم بالعربية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق