أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 10 يونيو 2012

عابود.. مدينة الزهور النادرة





في وادي الليمون، في بلدة عابود، التي تقع في منتصف الطريق بين القدس ويافا، بدا عالم النبات الفلسطيني بنان الشيخ، يعرف طريقه جيدا، قاد المشاركين في جولة نظمتها وزارة الاعلام وجمعية الحياة البرية الفلسطينية، الى نبتة لا تكاد تظهر وسط غطاء نباتي، خلف عين الدلبي في الوادي، وقال بكثير من الحماسة: «هذه النبتة تدعى لسان الحمل الكبير».
واضاف بتأثر: «نبات لسان الحمل الكبير هو نبات بالغ الندرة، تنبت انواع منه في مناخ البحر المتوسط، وانواع اخرى في المناخ الانتقالي بين المناخ المتوسط والصحراء، وتوجد ايضا انواع منه في الصحراء، وتكتسب اهمية هذا النبات من نواح جمالية، انه نبات يحب البيئة المائية، ورقه عريض، انه نادر، لقد شاهدته في الاردن، في مدخل سد زقلاب الشمالي، اما في بلادنا فإننا نسجله لأول مرة في بلدة عابود».
خلال تاريخها الطويل، اكتسبت عابود، التي كانت تتبع مدينة الرملة المحتلة سابقا، وهي الان تتبع محافظة رام الله، عدة اسماء منها (مدينة الزهور) وهو الاسم، رغم عدم تداوله رسميا لتسمية القرية، الا انه يبدو انه المفضل لكثير من اهالي ومؤسسات البلدة.
ابراهيم فوزي من جمعية الحياة البرية يقول: «نبات لسان الحمل الكبير، ينبت فقط في الاغوار وهنا في عابود، التي كانت تسمى مدينة الزهور، من يزورها في الربيع سيكون محظوظا بتنوعها البيئي».
المفاجأة كانت في انتظار الدكتور الشيخ، الذي خرج من بين المشاركين، الى حافة وادي الليمون الغربية، متجهاً نحو نبتة وكأن لسان حاله يقول: «وجدتها وجدتها».
واخبر الشيخ الذين تحلقوا حوله: «هذه نبتة الغاشية، نوع من الغاشية، فهناك نوع اخر يطلق عليه حبة الملوك».
وتابع بتأثر بالغ: «لقد امضيت عمرا بين النباتات، ولكنها المرة الاولى التي اشاهد فيها هذا النوع من الغاشية هنا في عابود، رايتها في السابق في الكتب فقط، انها من اندر انواع النباتات في بلادنا، لقد تجولت في فلسطين حتى جبل الشيخ، انها المرة الاولى التي ارى فيها هذا النبات، لم يسجل في الضفة الا الان».
وبعد ان تفحص زهور النبتة بواسطة عدسات مكبرة قال الشيخ: «هذا النبات من ناحية جمالية مهم، لكن لا اعرف اهميته من الناحية الطبية، بعكس النوع الاخر من الغاشية (حبة الملوك) التي لها خاصية وقف نزيف الجروح».
واضاف: «الغاشية نبات متسلق، وهذا النوع الذي اكتشفناه في عابود، نسميه غاشية عطرة، لتمييزه، عن نوع الغاشية الاخر، ان لزهرة هذا النبات رائحة عطرة».
وحسب الشيخ، فانه يوجد في عابود 270 نوعا من النباتات، وفي المرات السابقة، رصد نبات العصف الشرقي، الذي كان يُعتقد انه انقرض في فلسطين.
شغف الدكتور الشيخ بالنباتات لا حدود له، وخلال الجولة التي شارك فيها صحافيون، وادلاء سياحيون، لم يكف عن الاشارة الى انوع مختلفة من النباتات، وعندنا وقف عند عين الزرقاء، التي يتدفق ماؤها في وادي صريدة رفع نبتة التقطها من امام العين وقال: «هذه النبتة تدعى (سحيدي) ولها اسم اخر هو (صباح الخير)، هو نبات مائي، اما لماذا يسمى صباح الخير، فلان الفلاحين عندما يجزونه في المساء، ويعتقدون انهم تخلصوا منه، يأتون في الصباح فيجدونه وقد نما من جديد وكأنه يقول لهم صباح الخير، انه ينتشر بشكل جنوني في الاراضي الزراعية».
وادي الليمون، الذي اكتسب اسمه من شجر الليمون الذي اشتهر فيه سابقا، ارتبط بذكريات عديدة في ذاكرة الكثيرين من ابناء المنطقة مثل الصحافي عبد السلام الريماوي الذي يقول بحماسة: «عندما كنا اطفالا، كنا نجمع الملح الطبيعي من الصخور الذي نسميه ملح الغولة، ونستخدمه في اكل ثمار الليمون، التي نسرقها عن الاشجار».
الدكتور حمدان طه وكيل وزارة السياحة والاثار يؤكد: «ذكرت عابود في المصادر التاريخية القديمة، من الفترة الرومانية وما قبلها، تدل الاثار التاريخية في عابود على غنى البلدة، وللأسف لم تجر الا حفريات اثرية محدودة في البلدة».
وردا على سؤال حول دور وزارته في هذا الامر قال طه: «بالنسبة لنا، كانت عابود من أول المواقع التي اهتمت بها وزارة السياحة والاثار، بدانا مشروعا في عابود عام 1996، شمل اعمال ترميم لكنيسة ستنا مريم في البلدة، المعروفة باسم العابودية، وهي معلم ديني رئيسي في المنطقة، لقد كشفت حفرياتنا عن دلائل بيزنطية في الكنيسة، تأسست هذه الكنيسة في القرنين الخامس والسادس الميلاديين، واعيد ترميمها في اواسط القرن الحادي عشر، بموجب نص سرياني موجود في الكنيسة، وهو نص نادر، يؤرخ لإعادة بناء الكنيسة في سنة 450هـ اي 1058م، في الفترة الفاطمية».
تبعد عابود 45 كلم عن القدس، و45 كلم عن يافا، ولموقعها هذا اكتسبت اهمية، كانت تقع على الطريق القدس-راس العين (انتيباتريس) وقيسارية.
ويقول الدكتور طه: «ارتبطت عابود بشبكة طرق قديمة، مثل طريق بين نابلس والقدس، وطريق متفرعة عنها تربط جفنا براس العين، وبقايا هذه الطرق موجودة، منها مقاطع بين بير زيت وجفنا، وايضا في وادي صريدة، ما زالت توجد مقاطع محفوظة مبلطة من هذه الطرق الرومانية».
وبدا الدكتور محمود خليفة، وكيل وزارة الاعلام، فخورا، بالجولات الاعلامية التي تنظمها وزارته، لتعريف الصحافيين على المواقع الاثرية والطبيعية في فلسطين.
اما نداء يونس، المنسقة لبرنامج الجولات الاعلامية، فتتحدث بحماسة عن هذا البرنامج، الذي يستهدف ايضا الصحافيين الاجانب، ويشاركها الحماسة عماد الاطرش مدير جمعية الحياة البرية، التي تسعى الى نشر الثقافة البيئية في المجتمع الفلسطيني.
الصحافي محمود فطافطة ثمن دور وزارة الاعلام: «كعادتها تتحفنا وزارة الإعلام برحلاتٍ إلى المناطق الفلسطينية. رحلات نسترد فيها روح التاريخ وعبق الأمل لوطنٍ يتشظى وجغرافيا تتساقط أمام أعيننا بفعل المستعمرات دون أن نقدر على مواجهتها أو منع هذا السرطان من التوغل والتغول أكثر في الجسد الفلسطيني الذي أصبح غائراً في نتوءات العزل والإقصاء».

هناك تعليقان (2):

  1. Hurrah, that's what I was seeking for, what a material! existing here at this blog, thanks admin of this website.
    Look into my homepage ... transfer news at arsenal football club

    ردحذف
  2. Great work! This is the type of information that are meant to be shared around the internet.
    Shame on Google for not positioning this publish
    upper! Come on over and seek advice from my web site .
    Thanks =)
    Check out my weblog : transfer news football championship

    ردحذف