أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 7 أبريل 2012

"الكتاب الملعون" يصدر من جديد..!

في نهاية سبعينات القرن العشرين، ظهر في القدس، صوت متفرد، انه الدكتور سليمان بشير، العائد حديثا من ألمانيا، حاملا إجازة دكتوراه في التاريخ.
لسبب غير مفهوم، بدا ان بشير، لا يريد ان يضيع وقتا، وكأنه يعلم، بان عمره سيكون قصيرا، وبانه يعمل في بلاد "تقصر العمر"، فأصدر اطروحته عن الحركة الشيوعية في المشرق العربي، وبالإضافة الى عمله الاكاديمي، نشط حزبيا في صفوف الحزب الشيوعي الاسرائيلي، وتوالت إصداراته، ولعل اهمها (جذور الوصاية الأردنية) الذي صدر عن وكالة أبو عرفة بالقدس، ولقي الكتاب اهتماما من الباحثين والجمهور، لرصانته وجديته، وللموضوع الذي يناقشه بالوثائق.
ورغم ما بدا من توجه بحثي له طابع سياسي، لدى بشير، كما يمكن ان يستشف من كتابه (جذور الوصاية الأردنية) ومجادلاته السياسية-الفكرية، على صفحات صحف ومجلات الحزب الشيوعي الاسرائيلي، وصحيفة الطليعة، التي رأس تحريرها بشير البرغوثي، زعيم الحزب الشيوعي الفلسطيني، الان ان اهتمامات الرجل، كانت موجهة لمسار اخر جديد ومختلف، ظهر في كتابه (توازن النقائض) ضمنها محاضراته الأكاديمية في جامعة بير زيت في الجاهلية وصدر الاسلام.
وكل هذا النشاط كان ينبيء، عن جهود باحث، لديه الكثير ليقوله، وهو ما ظهر عام 1984م، في كتابه (مقدمة إلى التّاريخ الآخر: نحو قراءة جديدة للرواية الإسلامية)، الذي حاكم فيه فترة صدر الإسلام، معتمدا على وثائق ومخطوطات، عثر عليها في المكتبة الظاهرية في دمشق، وحصل بشير، كما يذكر في مقدمة كتابه على صور منها بمساعدة الدكتور منذر صلاح رئيس جامعة النجاح الوطنية انذاك، والدكتور هشام ابو رميلة من قسم التاريخ فيها، والدكتور صائب عريقات مدير دائرة العلاقات العامة فيها وشكرهم: "على مساعيهم الحميدة في تصوير وتأمين وصول المخطوطات".
وحصل بشير، على إجازة تفرغ لمدة عام من جمعية الدراسات العربية برئاسة فيصل الحسيني، لكتابة مخطوطة الكتاب، ولكن ما حدث بدا غريبا، فبشير وجد نفسه فجأة وحيدا، والكل يتنصل من الكتاب حتى قبل صدوره، فاضطر لطباعته على حسابه الشخصي، في طبعة محدودة، لم تتجاوز الـ 200 نسخة، واخذ ببيعها بنفسه.
ورغم عدد النسخ القليل، والذي استهدف المثقفين، إلا ان ذلك لم يحل دون ان توجه لبشير اتهامات عديدة، لتجرؤه، في بحث علمي، على محاججة قضايا مهمة في التاريخ الإسلامي، ووصل الامر الى فصله من عمله في جامعة النجاح.
وتخلى عنه الشيوعيون، المحسوب عليهم، لأنه لم يكن ضمن اجندتهم، الدخول في معارك ثقافية ثقيلة من هذا النوع، فبقي بشير وحيدا في معركة غير متكافئة. ولم يناصره الكتاب والمثقفون.
ورغم هذا "الجحود" الفلسطيني، الا ان الكتاب وجد طريقه إلى الخارج، وصدر بطبعات غير مرخصة، وتم تداوله من قبل مؤيدين لما جاء فيه، في حين حظي بنقد لم يرتق إلى مستوه البحثي كما في مقالة كتبها الباحث المصري كمال النجمي في مجلة (الهلال) العريقة.
ولكن في هذه الاثناء رحل الدكتور سليمان بشير، وحسب مقربين له، فانه رحل مفعما بالغربة، التي شعر به، بعد أزمة كتابه "الملعون".
ورغم رحيله، بقي كتاب بشير "ملعونا" من جهات اكاديمية فلسطينية عديدة، حيث هوجم من قبل هذه الاوساط.
وفي الوقت ذاته، نشر مؤيدو بشير، ومعظمهم من خارج فلسطين، كتابه على الانترنت، واصبح بإمكان من يريد تنزيله، وسماع وجهة نظر صاحبه الغائب.
ومؤخرا، اصدرت دار الجمل في المانيا، التي يديرها الشاعر العراقي خالد معالي، طبعة جديدة من كتاب بشير، بعد 28 عاما من صدور طبعته الاولى محدودة التوزيع في القدس، وكأن لسان حالها يقول بان الأفكار لا تموت.

هناك 6 تعليقات:

  1. Howdy! I'm at work surfing around your blog from my new iphone 4! Just wanted to say I love reading your blog and look forward to all your posts! Carry on the great work!
    My weblog : arsenal transfer news 2013

    ردحذف
  2. Hello! I could have sworn I've visited this site before but after going through some of the articles I realized it's new to me.
    Anyways, I'm definitely delighted I came across it and I'll be
    book-marking it and checking back regularly!
    Here is my webpage - transfer news football

    ردحذف
  3. A ρeгѕon essеntially help to mаke critically artіclеs I mіght state.
    That is the very firѕt time ӏ frеquented yοur ωеbsite page and tо this poіnt?
    I amazed ωith the researсh you made to maκе
    this аctuаl submit amazing. Wondeгful tаsk!



    Heгe is my ρagе :: houston garden centers phone number

    ردحذف
  4. بدأت بقراءته , لكنني لاحظت أفتقارنا للمراجعات حول الكتاب .. نقدا ً و تمحيصا ً ..

    ردحذف
  5. تصحيح صاحب المقال هو عبد الرحمن شاكر و ليس كمال النجمي في عدد 5 مايو 1987

    ردحذف