أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

دمعة المسيح على القدس لم تجف بعد






على سفح جبل الزيتون الغربي، تربض كنيسة صغيرة، لا تلفت الانتباه كثيرا، وكأنها تتشح بالحزن، تيمنا باسمها (كنيسة الدمعة) وهو الاسم الشعبي لها، بينما تسمى رسميا ( كنيسة بكاء الرب).

للصعود الى الكنيسة، من القدس، يتوجب مكابدة طريق صعب، ولكن التعب يتبخر سريعا، في أجواء المكان الذي يضم كنيسة بنيت عام 1955م على أنقاض كنيسة بيزنطية قديمة، ما زالت أرضيتها الفسيفسائية موجودة. أعادها البعض الى القرن السابع، وعليها كتابة تشير الى انها مكرسة للقديسة حنة.

وفي مدخل الموقع، ثمة عدة مغر، تضم توابيت ومعاظم، تؤشر الى مقبرة، او مقابر تسبق الحقبة البيزنطية، وهي قبور رومانية، ولكن بعض الأبحاث تشير الى العثور على دلائل في هذه المقابر تعود الى الالف الثاني قبل الميلاد، مما جعل البعض يشير الى ان الموقع ضم مقبرة القدس اليبوسية.

ويبدو ان بطريركية اللاتين، المشرفة على الكنيسة حاولت تأهيل هذه المقابر، لكنها لم تنجز عملها بالشكل المطلوب، وبقيت التوابيت القديمة وسط حالة من الفوضى، ومهددة بمزيد من الخراب.

ورغم قدم هذه المقبرة، الا انها تُقدم من قبل العاملين في الكنيسة على انها قبور شهداء المرحلة المسيحية المبكرة، عندما عانى المسيحيون من الاضطهاد الروماني، قبل تبني الامبراطورية الرومانية المسيحية كديانة رسمية في القرن الرابع الميلادي.

واسم الكنيسة (بكاء الرب) مترجم عن اللاتينية (Dominus Flevit) أي الرب يبكي. وهو مرتبط بالتقليد المسيحي العائد إلى القرن السادس عشر والذي حدد في هذا موقع بكاء يسوع على مدينة القدس.

ويمكن ان نجد في انجيل لوقا ما يشير الى حادثة البكاء على المدينة المقدسة: "ولمّا اقترب فرأى المدينة بكى عليها وقال: ليتك عرفتِ أنتِ أيضا في هذا اليوم طريق السلام! ولكنّه حُجب عن عينيك. فسوف تأتيك أيّام يلفّكِ أعداؤكِ بالمتاريس ويحاصرونكِ ويضيّقون عليكِ الخناق من كلّ جهة، ويدمّرونكِ وأبناءَكِ فيكِ، ولا يتركون فيكِ حجرا على حجر، لأنّكِ لم تعرفي وقتَ افتقاد الله لك".

ومن موقع هذه الكنيسة، تطل بعض الكنائس البديعة مثل كنيسة مريم المجدلية الروسية، بقبابها الذهبية، والمسجد الاقصى، في منظر بانورامي، لا يكف عن اعطاء القدس روحها وتألقها.

وقبالة كنيسة الدمعة، واعلاها واسفلها، يقع جزء كبير من قبور المقبرة اليهودية، التي لا تكف عن التوسع، ويختلط الدفن فيها بتقاليد دينية وبمطامع سياسية استيطانية.

وشرعت سلطات الاحتلال في مشروع يستهدف استجلاب الدعم من يهود العالم لهذه المقبرة، وتحويلها إلى رمز يهودي رئيس في المدينة المقدسة. والمشروع الجديد اضطلعت به مؤسسة إسرائيلية هي (الحديقة الأثرية في مدينة داود) ويتضمن تحديد شواهد القبور وتوثيقها، وتحميل المعلومات على الإنترنت. وحتى الآن جرى تحديد عشرات الآلاف من القبور اليهودية على جبل الزيتون، وإدماجها في قاعدة البيانات على موقع خاص على الإنترنت، والهدف وفقاً لحديقة مدينة داود الأثرية: "رفع مستوى الوعي بأهمية مدينة داود، وتكريماً لذكرى الأشخاص الذين دفنوا في المقبرة، وكذلك لتبادل المعلومات عن الرحلات والأنشطة".

 ومدينة داود هي التسمية اليهودية لقرية سلوان، جنوب المسجد الأقصى، التي كانت فيها المقبرة اليهودية، بين وادي قدرون التابع لسلوان، وحتى رأس العمود، ثم تمددت صعوداً إلى جبل الزيتون.

 ويقدم الموقع الإلكتروني قصصاً عن أشخاص دفنوا في المقبرة، ويعرض وثائق بالأسماء لكل شواهد القبور، ومعلومات عن الأشخاص الذين دفنوا في تلك المقابر.

 ويتيح الموقع لزائره القيام بزيارة افتراضية للمقبرة من خلال صور جوية لجبل الزيتون، وإنشاء خريطة سياحية عن الطريق التي سيسلكها للوصول إلى المقبرة، مع تعليمات خدماتية، مثل أين يمكنه إيقاف سيارته.

 وقال مدير العلاقات العامة للمشروع، أودي راجونز: "إننا نأمل أن يعطي هذا الموقع اليهود في جميع أنحاء العالم فرصة لإزالة الغبار عن قبور أحبائهم، منذ أجيال متتابعة، ولاستعادة القصص المدفونة تحت الأرض واكتشافها".

 وأفاد بأنه حتى الآن جرى توثيق أكثر من 20،000 من شواهد القبور، ويقدّر القائمون على المشروع، وجود ما بين 200،000 و300،000 قبر في المقبرة، وهو رقم يثير الشك ويعزز التساؤلات عن الأهداف السياسية والاستعمارية من المشروع.

 ويغفل الإسرائيليون أن الأرض المقامة عليها المقبرة، هي أرض وقف إسلامي، وفقاً للمؤرخ عارف العارف الذي يذكّر بأن المسلمين، أذنوا لليهود، باستعمالها لقاء أجر معين يدفعونه في كل سنة لمتولّي الوقف، ويقول إنه اطّلع في سجلات المحكمة الشرعية بالقدس على سجلّ وقّعه القاضي الشرعي، وجاء فيه أن ممثل الطائفة اليهودية نقد أصحاب الوقف، بحضور القاضي، 200 دينار ذهباً، مقابل استخدام طائفة اليهود أرض الوقف لدفن موتاهم، وذلك عن عامي 968 و969 هـ أي 1560 و1561م.

وتقف كنيسة الدمعة، صغيرة، دامعة، وهي ترى المقبرة اليهودية، تتمدد لتحيط بها، وتخنقها..!!

هناك 5 تعليقات:

  1. Wow, incredible blog layout! How long have you been blogging for?
    you made blogging look easy. The overall look of your site is fantastic,
    as well as the content!
    Look at my web page ... usc football news

    ردحذف
  2. I constantly spent my half an hour to read this webpage's articles all the time along with a mug of coffee.
    Here is my webpage - english premier league transfer news 2010

    ردحذف
  3. I just like the helpful information you provide on your
    articles. I will bookmark your blog and take a look at once more here frequently.
    I am moderately sure I'll be told many new stuff right right here! Best of luck for the next!
    Visit my web site - transfer rumours 2010 premier league

    ردحذف
  4. Thanks for helping me to obtain new thoughts about desktops.
    I also contain the belief that one of the best ways to help keep your laptop
    computer in perfect condition is a hard plastic case, or
    shell, which fits over the top of the computer.
    A lot of these protective gear usually are model unique since they are fit perfectly on the natural covering.
    You can buy them directly from the vendor, or through third party places if
    they are for your notebook computer, however its
    not all laptop could have a spend on the market. Once again,
    thanks for your suggestions.

    Visit my web page; anonym dating

    ردحذف
  5. Hello There. I found your blog using msn. This is an
    extremely well written article. I will be sure to bookmark it
    and return to read more of your useful information.
    Thanks for the post. I will certainly comeback.

    Look into my blog post - free adult personals

    ردحذف