أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الخميس، 4 ديسمبر 2025

قارورة جَدَّتي التي لا أعرفها!


 


الصورة لقارورة فاتنة، إلَّا لمن يرى عكس ذلك، عُثر عليها في تل زكريا، تعود للعصر البرونزي المتأخر.

بعض القطع الأثرية تروي قصة ليس فقط من خلال كيفية استخدامها، ولكن أيضًا من خلال الصور المنقوشة بحرفية على وجهيها، مثل قارورتنا.

حسب علماء الآثار، فإنَّ القوارير هي نوع من الأوعية المميزة التي ظهرت خلال العصر البرونزي المتأخر، وأصبحت شائعة بشكل خاص في مراحله اللاحقة (LB IIB). غالبًا ما يشار إليها باسم "قوارير الحجاج"، بناءً على النظرية القائلة إنَّ المسافرين استخدموها لحمل السوائل خلال الرحلات الطويلة.

العديد من الأمثلة المعروفة من المنطقة تعرض أنماطًا هندسيَّة مرسومة، مثل اللولب والدوائر والزخارف،  أسلوب قد يعكس التأثر بالتقاليد الفنية في إيجة. لكن هذه القارورة من تلّ قريتنا، تتميَّز، بأسلوب أقل شيوعًا، وهو نقوش الحيوانات.

يمكننا رؤية على جانب القارورة، اثنين من الوعول يواجهان بعضهما، إضافة لظهور رسم لنعامة، وقد تظهر زخارف لأسماك محتملة على الجانبين. بينما تظهر زخارف الحيوانات على أنواع أخرى من الأوعية في العصر البرونزي المتأخر، إلَّا أنَّه أقل شيوعاً على القوارير، مما يجعل قارورتنا فريدة بشكل خاص.

عثر على القارورة سليمة تقريبًا، في منطقة الحفريات المعرفة بـ T2، في جزء من طبقة تدمير واسعة النطاق ترتبط بالنهاية الدرامية للموقع خلال العصر البرونزي المتأخر. ما أكثر احتلالات تلنا.

قد لا نعرف أبدًا من كان يملكها من أسلافنا، أو من حملتها، من جدَّاتنا، وماذا وجد فيها: ماء أو زيت أو نبيذ أو عطر. المهم أنها نجت من كارثة ضربت تلنا، قد تكون حملة عسكريَّة أو بيئية، ولكنَّها نجت من النَّار والدمار، وأكثر من ثلاثة آلاف عام للوصول إلينا.

أحب تسميتها قارورة جَدَّتي البعيدة، التي لم أعرفها. هل فكَّرت أنَّها يمكن أن تصلنا صورتها بعد قرون، بينما هي معتقلة في مخزن للمنقبين الغرباء في تلنا!

#قرية_زكريا #تل_زكريا #أسامة العيسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق