أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 30 أغسطس 2025

في الترند!


 


حرص الأستاذ هيكل، على ترجمة كتابه خريف الغضب بنفسه، إلى العربية. بادرت جريدة الأهالي القاهرية المعارضة إلى نشر المقدمة، تمكنَّا في الأرض المحتلة من الاطلاع عليها. تصل إلينا المطبوعات المصرية، فضلة ذيل اتفاقيات الاستسلام.

بهرت، ليس فقط بأسلوب هيكل، ولكن أيضًا بما جاء في المقدمة، عن عصر النجوم، الذي يمكن أن يلمع فيه أمثال السادات، بعد عصر العمالقة الخابي، ويمكن أن يتحدَّد دور السياسي، بمدى ظهوره على أغلفة مجلة تايم مثلا، وليس بانجازاته. طبعا هذا ابتسار مخل لمقدمة هيكل، أظنها اليتيمة التي نشرتها الأهالي آنذاك من الكتاب، لمنعها من النشر وربما مصادرتها. اعتبر كتاب هيكل، الذي أعيد نشره في الأرض المحتلة، الاغتيال الحقيقي للسادات.

أظن أن هيكل عاش، ليشهد عصر الترند، وربما لم يعش تسيده، وتسديد الضربات القاتلة لمفهوم الصحافة كما عرفناه. خاصة في ظل تغول وسائل التواصل الاجتماعي. فتغيب الأولويات والاهتمامات. يمكن للترند أن يوجِّه اهتمام النَّاس إلى فستان فنانة مغمورة، ويمكن أن تُمرَّر مجازر، كما في غزة، والساحل السوري، والسويداء، دون الاهتمام اللازم. كيف يمكن تصوَّر تعامل الرأي العام الترندي مع هذه المجازر، وكأنَّها لم تحدث؟

في الأسبوع الماضي، اقتحم جيش الاحتلال وسط رام الله_ البيره، ولكن الاهتمام بالاقتحام خبا، بعد نزول المحافظة غنَّام إلى الشارع، وبالطبع، نشرت صورها على الفيس بوك وشقيقاته، ما ساهم في تحويل الفعل إلى بروباغندا. فجأة لم يعد ما يُستفز الاقتحام، ولكن نزول غنَّام. وشيوع ما بدا أنَها حملة ضد المحافظة. وليس ضد الاحتلال.

ما أثار اهتمامي، تصريحات اُصدرت، وبيانات حُبرت، وآراء كُتبت، وتحليلات جندرية ونسوية ظهرت، دفاعًا عن ما اعتبر اساءة لغنَّام. مثل كل ترند يخبو. ولم يعد تُذكر (اساءة الاحتلال) إلا الجرحى وأهلهم. لم نعرف ما هي نتيجة الاقتحام.

أمر مفزع، أن يستفز نزول غنَّام للشارع، أكثر من اقتحام جيش الاحتلال، والمأبدة في غزة، وتشريد الآلاف في الضفة، والتعذيب في السجون. ماذا يعكس تسيُّد المزايدات؟ صديق ثوري فتحاوي، يكره فتحاويته، ما يقلقه، ليس فقط ما يحدث لنا، ولكن أيضًا، أنً مُحررًا أمضى أربعين عامًا في السجون، امتلك منزلًا، باعتبار ذلك انحرافًا مبدئيا؟ لماذا يصر ثوريّ المجالس، الذين لا يدركون مدى تفاهتهم، على الإساءة النفسية لأصدقائهم؟

في غابة الترندات، ماذا يفعل أمثالي؟ كيف يمكن المحافظة على سلام داخلي وسط الغابات القاهرة؟ هل ما زال ما يمكن متابعته من كتَّاب أعمدة، أو تحقيقات، أو أخبار فيها مقدار من الحقيقة النسبية؟ هل ما زال لدى الواحد منا صحيفة مفضلة؟ أين المفرّ من الأصدقاء الترنديين؟ من هو الصحفي، ومن هي الصحيفة، وما هي معايير صحافة النَّاس؟

#أسامة_العيسة

الثلاثاء، 26 أغسطس 2025

"سماء القدس السابعة" مدينة الحكايات بمنظور مختلف/ أحمد زكارنة


 .

هذا النوع من النقد، الذي نشره العزيز أحمد زكارنة في مجلة "كتاب" الشارقة العدد 83 ص90-92، ليس فقط يعلِّم مثلي عن روايته، ولكنَّه يؤكد قناعتي القديمة، أنَّ النقد هو نوع إبداعي مستقل.

* القرية، والانكسار، والماء، ثلاثية البقاء والحزن والحياة.

*إن شكّلَ الفضاء المكانيّ بكلّ أبعاده التاريخيّة والجغرافيّة، مجالاً حيويّاً للرؤى والتّصوّرات الاستعماريّة المتخيّلة على مرّ العصور، فإنّ أسامة العيسة يَعتبر القدس في روايته "سماء القدس السابعة – المتوسّط- 2023" مسرحاً مرجعياًّ لتطوّر السّرديّات اللاهوتيّة المتنازعة، حول هويّة المكان وانتمائه، حيث لا تشتبك النّصوص الكبرى (التوراتيّة، الإسلاميّة، التاريخيّة، الصهيونيّة، الكنعانيّة) في حرب سرديّة طاحنة وحسب، وإنّما حاولت جاهدة إعادة تأويل المعنى، بما يخدم تطلّعاتها؛ فالكاتب هنا، لم يقدّم حكاية القدس كبؤرة لتاريخ غير مكتمل، بل كإطار لمستقبل لا يزال مبهماً، مما يدفعنا مباشرة إلى قلب الصّراع الحضاريّ، والدينيّ، والسياسيّ الدائم والمستمرّ.

*تنهض رواية العيسة، من حيث الشكل والمضمون، على بناء موسوعيّ، لا بالمعنى التوثيقيّ البارد، وإنما بالبعد المعرفي المُشتبك، الذي يُمكّنه أن يؤسّس لبنية سرديّة عميقة تُعيد طرح أسئلة الوجود والهزيمة والهويّة ضمن معمار سرديّ شبكيّ مشبع بالرّموز والدلالات السياسيّة والثقافيّة، على نحو يمنح القارئ منظوراً مختلفاً للقدس المدينة الضحيّة، الشاهدة، المغتصبة. لتحاكي وتجادل قصة القدس، بهذا المعنى، عديد الرّوايات العقائديّة والفكريّة، من نصوص ومرويّات وحفريات ووقائع واهازيج واتفاقيّات وتقارير، متقاطعة أحيانا، ومتباينة في مرات أخرى.

*هذا البناء الموسوعيّ، جاء مرتكزاً على ثلاثة محاور أساسيّة هي؛ القرية/ المدينة بوصفها كناية عن فلسطين، والانكسار المتمثل في "طربلة/ عُنّة السبع" باعتبارها مرآة لغياب الفعل العربيّ بعد النكبة وبعد نكسة، والماء كرمزٍ متحوّل للسيادة والهويّة، وهو ما يُمكن أن نربطه بدلالات طاحونة القدس، وسلّم الكنيسة، كذروة رمزيّة للاشتباك والتّخلّي، والانهيار والصّعود في عصور مختلفة؛ وهو ما يُؤكّد أن هذا الجهد البحثيّ المضني، حول "مدينة نصيّة" كما القدس، كان مهماً وضروريّاً في سياق الرّد على رواية الاستعمار، ليس بالشّعارات وحدها، وإنّما بالحكايات أيضا؛ بعيداً عن تفسيرات قواميس اللاهوت اللغويّ، قريبا من الغوص عميقاً في بحار الذاكرة الحيّة، ومن الذاكرة الفرديّة إلى التاريخ الجمعيّ، ومن المكان المجرّد إلى الإنسان الرّوح، ومن الرواية السياسيّة إلى تفاصيل الحكاية التي تتدفّق بلا توقّف، من دون التورّط في الأحكام النهائيّة، ببساطة لأنّ "المقدّس يخلق أعداء كثيرين له، بعكس المُدنّس" ص94

تفاصيل:

https://www.facebook.com/photo/?fbid=24368035199515792&set=a.111134195632564&comment_id=24952417997699314&notif_id=1756201776351745&notif_t=feedback_reaction_generic&ref=notif

#أحمد_زكارنة

#سماء_القدس_السابعة

#منشورات_المتوسط

#أسامة_العيسة

بارانويا غضب الرب في المدينة النصيّة


 

"سماء القدس السابعة" مدينة الحكايات بمنظور مختلف..

...

إن شكّلَ الفضاء المكانيّ بكلّ أبعاده التاريخيّة والجغرافيّة، مجالاً حيويّاً للرؤى والتّصوّرات الاستعماريّة المتخيّلة على مرّ العصور، فإنّ أسامة العيسة يَعتبر القدس في روايته "سماء القدس السابعة – المتوسّط- 2023" مسرحاً مرجعياًّ لتطوّر السّرديّات اللاهوتيّة المتنازعة، حول هويّة المكان وانتمائه، حيث لا تشتبك النّصوص الكبرى (التوراتيّة، الإسلاميّة، التاريخيّة، الصهيونيّة، الكنعانيّة) في حرب سرديّة طاحنة وحسب، وإنّما حاولت جاهدة إعادة تأويل المعنى، بما يخدم تطلّعاتها؛ فالكاتب هنا، لم يقدّم حكاية القدس كبؤرة لتاريخ غير مكتمل، بل كإطار لمستقبل لا يزال مبهماً، مما يدفعنا مباشرة إلى قلب الصّراع الحضاريّ، والدينيّ، والسياسيّ الدائم والمستمرّ.

...

تنهض رواية العيسة، من حيث الشكل والمضمون، على بناء موسوعيّ، لا بالمعنى التوثيقيّ البارد، وإنما بالبعد المعرفي المُشتبك، الذي يُمكّنه أن يؤسّس لبنية سرديّة عميقة تُعيد طرح أسئلة الوجود والهزيمة والهويّة ضمن معمار سرديّ شبكيّ مشبع بالرّموز والدلالات السياسيّة والثقافيّة، على نحو يمنح القارئ منظوراً مختلفاً للقدس المدينة الضحيّة، الشاهدة، المغتصبة. لتحاكي وتجادل قصة القدس، بهذا المعنى، عديد الرّوايات العقائديّة والفكريّة، من نصوص ومرويّات وحفريات ووقائع واهازيج واتفاقيّات وتقارير، متقاطعة أحيانا، ومتباينة في مرات أخرى. ذلك لأنّ "الأديان والتّاريخ تتداخل، وأسماء القبائل والشّعوب تأخذ معانيها في سياقاتها" ص175

...

هذا البناء الموسوعيّ، جاء مرتكزاً على ثلاثة محاور أساسيّة هي؛ القرية/ المدينة بوصفها كناية عن فلسطين، والانكسار المتمثل في "طربلة/ عُنّة السبع" باعتبارها مرآة لغياب الفعل العربيّ بعد النكبة وبعد نكسة، والماء كرمزٍ متحوّل للسيادة والهويّة، وهو ما يُمكن أن نربطه بدلالات طاحونة القدس، وسلّم الكنيسة، كذروة رمزيّة للاشتباك والتّخلّي، والانهيار والصّعود في عصور مختلفة؛ وهو ما يُؤكّد أن هذا الجهد البحثيّ المضني، حول "مدينة نصيّة" كما القدس، كان مهماً وضروريّاً في سياق الرّد على رواية الاستعمار، ليس بالشّعارات وحدها، وإنّما بالحكايات أيضا؛ بعيداً عن تفسيرات قواميس اللاهوت اللغويّ، قريبا من الغوص عميقاً في بحار الذاكرة الحيّة، ومن الذاكرة الفرديّة إلى التاريخ الجمعيّ، ومن المكان المجرّد إلى الإنسان الرّوح، ومن الرواية السياسيّة إلى تفاصيل الحكاية التي تتدفّق بلا توقّف، من دون التورّط في الأحكام النهائيّة، ببساطة لأنّ "المقدّس يخلق أعداء كثيرين له، بعكس المُدنّس" ص94

...

القرية، والانكسار، والماء، ثلاثية البقاء والحزن والحياة

أما محور القرية، وبناء على رموزها ودلالاتها، فقد وردت في الرواية التي قدمها العيسة في ثلاثة أسفار مترابطة، هي "سفرٌ للحياة/ وسفرٌ للحزن والحياة/ وسفرٌ للبقاء والحزن والحياة". فلم يتناولها المؤلف القرية - باعتبارها مجرّد فضاء جغرافيّ تدور الحكاية على جغرافيّتها، ولكن كرمز لفلسطين الوطن المغتصب، الذي ما يزال يتعرّض لمحاولات التفكيك والتمزيق والمحو، التي تدور في زمن "الحداثة السّائلة"، حول سيولة المعنى، حيث خلخلة الثوابت، واضطراب القيم، وتبدّل الهويات؛ ظواهر لا تتمظهر في السلوك الفرديّ أو العائليّ أو الاجتماعيّ وحسب، وإنّما في الأيديولوجيّ والوطنيّ والمؤسساتيّ، إذ تتمثل ثقافة الاستهلاك في الرغبة لا الحاجة، وفي الصورة لا الأصل، وفي العرض لا القيمة.

...

وأمّا محور "طربلة/ عُنة السبع" فقدّمها العيسة بلغة التوريّة، ليمارس حقّه في نقد النّظام العربيّ ذاتاً وموضوعاً، إذ لا شكّ أنّ مرض الإنسان، يُعدّ أمراً طبيعيّاً تماماً كجزء لا يتجزّأ من حياته، لكنّ مرض الأنظمة يتمثل في أفكارها المقيّدة ومُمارساتها العاجزة، بما يعبّر عن تلك "الهياكل" المفرغة من مضمونها ومعناها، حيث القوّة باتت مظهراً دون جوهر، والسيادة شكلاً من أشكال التشظّي، والإرادة صيغة ادّعاء بلا ممارسة.

...

غير أنّ محور الماء كرمزٍ متحوّل للسيادة والهويّة على أرض الواقع لا في الأسطورة، يُمكننا اعتباره عقدة الرواية التي منها وحولها دار العيسة، لا ليقول إنّها مصدر الحياة والبقاء والطهارة، وإنّما ليؤكّد أنها وعد النجاة ومكمن الغرق؛ ولنا في الميثولوجيا التوراتيّة والقرآنيّة، خير دليل، فما بين الطّوفان، واللّجة، هناك من سيغرق ومن سينجو؛ فالماء، "ماء ذكر" قد يحدث خلل ما، ويمكن لمن يشرب من ماء العين أن يتحوّل من رجل إلى امرأة أو العكس" ص9. وهي الإشارة الحاضرة أيضا في قول "كافل" الرّاوي: "المكان الذي وجدَت فيه الحمامةُ غصنَ الزيتون، وأسرعت تحمله إلى النبيّ نوح التّائه في اللُّجّة" ص556

 فالماء إذاً، هو رمز الحضور الفعليّ للخير، والغياب الحصريّ للرّحمة، مما يكشف لنا أنّ الموت في الحالة الفلسطينيّة، ووفق ما ورد في الرّواية، لم يعد نتيجة بيولوجيّة فقط ولا بطوليّة وحسب، بل هو علامة من علامات المعنى الحائر ما بين خلاصة الحقيقة، ومظاهر طقوسها في سرديّات النّصوص المشتبكة، التي ببساطة حوّلته من الحقيقة الأكيدة في الحياة، إلى قرار سياسيّ يُمكنه أن يصنعه، ويؤول معناه، ويؤكّده أو ينفيه. "وأخيراً سمحت سلطات الاحتلال بتسليم جثمان والدي ليلاً" ص556

...

كافل: من المتلقي إلى الراوي ينتقد النظام ويراجع الفعل المقاوم

العيسة الذي لا يعرف على ماذا يختلف الفلسطينيّون، وهم جميعاً تحت شرط الاحتلال، لم ينه روايته، من دون أن ينتقد الممارسة الفصائليّة، ليطرح سؤال الترف السياسيّ والفكريّ على لسان "لور" بلغة ساخرة: "لا أعرف لماذا يتوجّب علينا أن نختلف على أيّ شيء، وكلّ شيء؟ من أين يأتينا كلّ هذا الترف؟ ص644، هذا الترف السياسيّ والحركيّ الذي لا يليق بالواقع المأساويّ المعاش، يسلّط الضّوء على تحوّل ظاهرة الخلاف التي يُمكنها أن تحدث داخل أيّ حركة تحرّر وطنيّ، إلى عادة فلسطينيّة داخليّة، ليست مستقلة عن السياق الخارجيّ؛ وهي العادة التي بدأت مبكّراً مع ظهور وتنامي حضور الثورة الفلسطينيّة المعاصرة، وصولاً إلى ما بعد الزّمن الروائيّ لطرح الكاتب في روايته هنا، وكأنّ الذات الفلسطينيّة صارت مأخوذة بالخلاف كحالة هويّة فرعيّة تضاف إلى، وربما تسبق، هويّته الوطنيّة.

...

هذه التعرّية للمشهد السياسيّ الداخليّ في الساحة الفلسطينيّة، شملت اتفاق "أوسلو" وتداعياته الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة، لا لشيء، ولكن لأننا "قليلو الحظّ، وقليلو التخطيط" ص649، والبطلة "لور" هنا لم تكن تتحدّث بلسانها، ولا حتى بلسان صانعها الروائيّ، قدر ما كانت تعبّر عن الضمير الفلسطينيّ الغاضب على هذا التّشظي الذي إن عبر، فهو يُعبّر عن هويّة وطنيّة مأزومة: "وكان من المؤسف، التّنافس والتّناحر، على تلك المناصب، فالجميع أراد القطف، حتّى قبل استواء الثّمار" ص658.

...

ولأنّ العيسة قد نجا ليروي كما وردّ على لسان بطلته لور، في إحدى رسائلها لـ "كافل": "لقدّ نجوت. نجوت لأروي قصتي، وأنت نجوت، لتروي قصتك" ص622، لم يسقط الكاتب، في شرّك إعلاء البطولة لسموّات فوق النّقد، ولم يتعامل مع المقاومة باعتبارها فعلًا مقدّساً أو خالياً من العيوب، وإنّما ذهب يقاربها بوصفها فعلًا بشرياً مُعرّضاً لكلّ ما هو نسبيّ، لا ما هو أسطوريّ مطلق، وهو ما يدفعنا للقول إنّ العيسة، تمكنّ من أن يطلق العنان لسرديّته من موقع "النّاجي"، لا من وهم المنتصر، لمنح آفق للمساءلة والتّأمل في الأدوات والسّبل، لا للتّمجيد المجانيّ والشعاراتيّ للإقدام والتّضحية؛ فالنّجاة هنا هي البطولة الفرديّة التي عليها أن تحمل الهمّ الجماعيّ، وكأن العيسة أراد أن يؤكّد على لسان بطلته، أنّ الإشكال ليس في الفعل المقاوم، ولكن في من يحتكره، ويمنع عنه هواء الأسئلة.

هذه المعالجة السرديّة لا تعني بأيّ حال من الأحوال نزع البطولة من سياقها، بل تعني أهميّة وضرورة إعادة تعريفها لا بوصفها أيديولوجيّا مغلقة، وإنّما باعتبارها نزعة أخلاقيّة تحرّريّة؛ "قال والديّ بصوت حزين: يا بُنيّ أعرف الآن أكثر من أيّ وقت مضى، بأنّ بنادقنا، وقنابلنا عمياء، عندما تكوّن كذلك مع العدوّ، فإنّها ستصبح أيضا كذلك مع أهلنا وناسنا، نحن فدائيّون، نعم، ونفتخر، ولكنّنا عملنا بردّة فعل، أين هي النظريّة؟ أين هو الفكر؟" ص 633

...

الطّاحونة والسلّم: رمزي الاشتباك والتخلّي، والانهيار والصعود

بلغة أشبه ما تكون بالحفر العميق، راح الرّاوي "كافل" الشّاهد المتأمّل، يُقارب بين مرويّاته، ومرويّات الأب "يوسف" السائق/المناضل، والأمّ القلقة بمصيرها التراجيديّ، وأبي روحيّ، والعم جورج، ولور الصّديقة، والجد نقولا، وكلّ يمثل ذلك الإنسان الفلسطينيّ، ككائن هشّ، مكسور، يحاول أن يتلمّس معنى ما حدث ولا يزال يحدث منذ فجر التّاريخ وإلى بداية هذه الألفيّة الثّالثة؛ ليقذف بنا جميعاً "كافل" المتلقّي والرّاوي في أتون حكاية لمدينة الحكايات بحثاً عن اجابات محتملة لأسئلة: من نحن؟ ومن يملك الحقّ في سرد الحقيقة عنا وعن الآخر النقيض؟ وأي سرد يمكنه أن يشكل ملحمة المأساة والمقاومة معًا؟ "فنحن نحيا بالحكاية، ونورثها كي لا نموت مرتين".

...

في ذروة هذا المشهد التراجيديّ، تتقاطع الطّاحونة وسلّم كنيسة القيامة بوصفهما علامتين سرديّتين رمزيّتين معلّقتين في فضاء الاشتباك والتّخلّي، الصعود والانهيار؛ فالطّاحونة التي تدور بلا طحن، تُحاكي صراع الفلسطينيّ مع تكرار الأسطورة بلا نتيجة واضحة، فالمقاومةٌ مستنزفة في مواجهة طواحين احتلال مدعوم من كلّ أنظمة الأرض، وحقول أمل تُروى بصعوبة بالغة، ولكنّها لم تفقد الحلم؛ وأمّا السلّم، المعلّق منذ قرون على واجهة الكنيسة، فلا يصعده أحد ولا يُزال شاخصاً في المكان، كأنّه تجسيد لجمود المصائر وتواطؤ التّاريخ مع العجز وسؤال المحنة، هل نصعد أم ننهار؟

هكذا، تُصبح القدس في رواية العيسة، مدينة محكومة بخوفٍ لاهوتيّ مزمن، كأنّها تعيش في بارانويا غضب الرّب، لا كعقاب على خطيئة ما، بل كصدى نصّيّ لحكاية معلّقة لم تُكتب نهايتها بعد، حكاية مدينة نصيّة، معلّقة بين صعودٍ مرهق، ودورانٍ أبديّ، وقصاص لم يُعلن موعده.

...

قراءتي لرواية العيسة في مجلة "كتاب" الشارقة العدد 83 ص90-92

الاثنين، 25 أغسطس 2025

يوميَّات فلسطينيَّة في ملتقى تورنتو الدولي


أعلن بيت الخيال بإشراف الروائي كما الرياحي في تورنتو، عن ندوة يوميات فلسطينية/فلسطين في اليوميات شهادات ومحاضرات. يشارك فيها خيرة الكتاب والأكاديمِّيين العرب.

تعقد الندوة ببيت الخيال بتورنتو يوم 26 أكتوبر 2025 ويقدِّمها الكاتب والباحث الفلسطيني عبد الله الخطيب. يقدم الناقد  الدكتور محمد عبيد الله محاضرة عن يوميَّات غسان كنفاني. يقدِّم  الدكتور عبد الجليل العربي من جامعة لشبونة محاضرة عن فلسطين في يوميَّات البرتغالي جوزيه سااماغو.

ويقدِّم مبدعو اليوميَّات شهاداتهم الأدبية:

الكتَّاب: #باسمة_التكروري #عاطف_أبو_سيف #يسري_الغول #نهيل_مهنا

#أسامة_العيسة #طاهر_النور #مفلح_العدوان #ملتقى_تورنتو_الدولي_لفن_اليوميات #بيت_الخيال

#يوميَّات_كاتب_في_ انتفاضة_مغدورة #المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

 

السبت، 23 أغسطس 2025

عبد الجوَّاد وآخرون!


 


سهرت ليلة أمس، مع الدكتور نبيل كوكالي، بعد طول غياب، رفقة الرحالة نزار العيسة والصحفي عوَّاد الجعفري الآتي من أبو ظبي متحرقًا لمشوار مشي، ومعرفة ما ينتظر الضفة الغربية. بين المشي والمشي سعدت بالدكتور، وأحد صفاته بالنسبة لي "الأب النصراني الروحي لأوَّل بنك إسلامي في فلسطين". تذكرنا نشاطاته الكثيرة في مركزه في بيت ساحور، ومنها استضافته للنائب عبد الجوَّاد صالح، الذي أنَّب الدكتور، بعد تلاوته ورقة ترحيبية تمتاز بالاعتدال السياسي، والواقعية الأسلوية. غضب صالح الراديكاليِّ قائلًا إنَّه لم يحضر من رام الله ليسمع مثل هذا الكلام.

بعد أسبوع، وصل النائب، غزة، وأصبح وزيرًا للزراعة. من التشنيعات الّتي راجت، أنَّه عندما كان يعترض في المجلس التشريعي الأوَّل، همس عرفات أنَّه يطمع في وزارة. تعكس التشنيعة طريقة تفكير سادت في سنوات السلطة الأولى. يمكن للراديكالي أيضًا أن يحلم بالوزارة.

التقيت النائب، الذي كننت له الاحترام، مرتين بعد توزيره:

*رافقته مع صحفيِّين إلى التجمعات العربيَّة الفلسطينيَّة وسط تجمع عتصيون الاستيطاني. كانت أنباء انشقاق وكيل الوزارة، بوزارة في نابلس حيث يسكن، مطروقة إعلاميًا. التنافر بين الوزير والوكيل، جزء من سياسة عرفاتية سلطوية.

سألته عن الانشقاق، بدا غاضبًا جدًا قال، إنَّه تقدَّم للنائب العام بملف يتهم فيه الوكيل باختلاس ملايين، ولكن النائب لم يحرك ساكنًا، طالبًا من الصحفيِّين، تحريكه.

*المرَّة الثانية، خلال جلسة للمجلس التشريعي التي عقدت في قاعة بلدية بيت لحم، وحدثت فيها طوشة كبيرة بين عرفات ورئيس المجلس أبو العلاء، بسب مشروع الدستور، وفضت الجلسة بعد مغادرة عرفات، وصراخ أبو العلاء. خطب القائد الفتحاوي أبو شاكر النتشة مستنكرا مقتل الجميِّل في نابلس، الذي خيم مقتله على أجواء الجلسة، وكذلك الاعتقالات السياسيَّة. أبدى صالح غضبه، وتحدَّث منددًا بسياسة الاعتقال السياسي والتعذيب. تدخَّل النائب نبيل عمرو قائلًا: إمَّا أن تكون في الوزارة أو في المعارضة، وما دمت وزيرًا تتحمَّل مسؤولية التجاوزات. فصلَّت وقائع تلك الجسة، في فصلٍ.

ظهر صالح، كرمز نضالي مناهض للاحتلال بصفته رئيسًا لبلدية البيره، ما أدى إلى إبعاده خارج الوطن، وعندما فاز في أوَّل انتخابات تشريعيَّة، كان لديه الاستعداد لمشاركة المعترضين على ما اعتبروه تلاعبًا وتزييفًا.

في أواخر يناير 2012م، شاركت آخرين من الأحباب، سهرة معه في المطعم الثقافي لمجدي الشوملي في بيت ساحور. أخبرته أنَّ صموئيل شمعون ذكره بالخير في روايته السيرية: عراقي في باريس. تذكَّر صموئيل بالخير أيضًا، الذي نقلت له تحيات المناضل المعتق، وأظنه وعد بارسال نسخة من الرواية.

دلني على عين زليخة في جبال البيره، قريبًا من أرضه التي يهتم بها. زرت العين، ودللت عليها باتصال تلفوني به.

كتبت معلقًا على تلك السهرة: " سهرة مع عبد الجواد صالح، ابتدات في بيت لحم، وانتهت في بيت ساحور، مع الأصدقاء: يوسف الشرقاوي، ومجدي الشوملي، ومها السقا. حديث عن الفساد، والوطن المتعوس، والقيادات الملعونة!".

غادر صالح دنيانا اليوم، وما زال حديثنا نفسه!

#عبد_الجواد_صالح

#صموئيل_شمعون

#أسامة_العيسة

السبت، 16 أغسطس 2025

كنعان الثاني


 


سيختلف ناس حارتي، حول الزمن الذي وصلنا فيه كنعان، وقرَّر أن يكون واحدًا منا. كنعان هذا ليس كنعان التاريخي الذي كتبت عنه مقالة تاريخية عندما رفض لقب الأمين العام المساعد الذي أسبغته عليه، وكان ذلك بداية لمشاكله الصحية التي اضطرتني لنفيه إلى جبال رام الله، وهو الآن في عهدة صديق جديد له لاجئًا سياسيًا محدد الحركة، منتظرا زيارتي، ولكنَّه لا يعرف أننا نعيش زمن مرحلة ما بعد أولاد الكلب.

نجح كنعان الثاني، أن يكون صديقًا لنا كلنا. فهو مثلًا من يوصل الطلَّاب إلى المدارس. ويرافق النساء، بغض النظر عن حظوظهن الدنيوية، إلى الشارع العام أو عيادة الوكالة. ولكي يبدو منصفًا يرافق، على مضض، رجالنا. وهذا مدعاة فخر. التزام كنعان الأمني والأخلاقي في مخيم يُقتحم يوميًا من جيش الاحتلال وتحمله الغاز المدمع وحزنه على الشهداء، بالدفاع عن حياضنا، وثَّق علاقته بنا.

اتخذ كنعان من تقاطع طرق الحارة موقعه الاستراتيجي، فيه تنهال عليه الأطعمة. ويحارب الكلاب الضالة التي لا تكفيها حاويات بيت لحم، فتطمع في آلـ 2 كلغم من النفايات التي ينتجها اللاجيء يوميًا، وهي نسبة عالية في ظلّ الوضع الاقتصادي الصعب، ومتى لم يكن صعبًا؟

قرَّر كنعان الزواج، وقع في حب عمره مع تقدمه في السن وميله للسكينة. هذا لا يعني أن سجله يخلو من مغامرات. قبل أشهر خرجت على صوته لأجد الجار فهد حاملًا عصا مكنسة يضرب شريكة كنعان التي لا تتركه. بخبرة العارف في شؤون الكلاب أفهمته أنَّ هذا طبيعيًا وعليه الاعتذار لشريكة صديقنا كنعان التي ستفلته بعد التأكد بتلقحها من جيناته الكريمة، وهو ما زاد من غضب كلبتي كايا صاحبة الدماء الآرية والتي لا نفهم تعاطفي مع دماء كنعان البلدية الهجينة.

قلت إن كنعان تزوَّج فعلا دون إبلاغنا بموعد الزفاف تقديرًا لظروفنا. أصبحت الزوجة تظهر معه وأعادته إلى نشاطه. منا من تندر على كنعان لزواجه من كلبة تعاني من إعاقة في رجلها. لم تجعلنا تتعاطف معها بعد إظهارها شراستها وملاحقتها لاطفال الحارة. لم يتوقف الأمر عند ذلك تجمَّع حول كنعان أنسباؤه وبدأوا ينشطون فجرًا. مما اقلقنا. رجتني كايا افلاتها لتأديب كنعان، ورفاقه لكنني لم أوافق لعدم قدرتها على مواجهة البرابرة. لكل منا آخر، وكنعان هو آخرها المُتعب المحسود.

في ساعات النهار عند التجمع في دكان صهيب يناقش رجال الحارة كيفية مواجهة جماعة كنعان الجديدة، الذي يسجل له محاولاته الدؤوبة لوضع حد لها، لكنَّها لا تفهم أن الحارة حارته والأطفال أصحابه. تناهى إلى سمع كنعان أن منا من بقارنه بابو شباب. ومنهم من يقول المدعو كنعان. منشجعين بلغة بيان رئاسة الوقت، بحق العضو السابق في حزب العمَّال الشيوعي السابق، الطامح لمنصب رجل اليوم التالي.

يعتقد عدد أولاد الحارة الاكثر دراية أن زوجة كنعان، الَّتي يسمونها الحيزبون العرجاء، زُجَّت إليه وجاءت لتنتقم لأن عرجها ليس ربانيًا، وإنما بسبب كمين للأولاد انتقامًا لاعتدائها على الأطفال. والان جميع أفراد شلتها أصيبوا بالعرج، بسبب الكمائن، فاستحقت صفة عصابة العرجان.

التقيت كنعان الليلة الماضية مكانه، بدا مهمومًا، موزعا بين الحب والواجب، ونداء الحارة، والكبرياء والهوى.  طلب رأيي. قلت له يا صديقي لا يغرك الحب، النساء لا يحبن الا أولادهن وكأنهم موكلات من السماء، لحفظ السلالة يتساوى في ذلك السلالات الكلبية والأمنية والجنية.

امتعص هاتفًا: هكذا هم أمثالك من المثقفين، ئنون إن لم نشاوركم وعندما نفعل تتلمظون علينا. لا تعتقد أنك وحيد الثقافة القرنية. أنا أيضًا مثقف ولكن بدون قرون. اعرف حجمك يا رفيق.

بعد ساعات والحارة لم تنم بسبب الحارة. وصلت عصابة العرجان ل‘حداث الفوضى واقلاق راحتنا، وبدأ كنعان محاولًا فرملة العصابة. عندما وصلت وكانت العصابة ابتعدت واتخذت مكانا متأخرًا جاءت عيناي في عينيه. بدتا حزينتين موزعتين بين فسطاطين غير قادر على الحسم.

صرخت به: فسطط يا كنعان قبل أن تُفسطط!

الصورة: كنعان الثاني، تعبًا، وحائرًا، وهامدًا.

#مخيم_الدهيشة

#أسامة_العيسة

الجمعة، 15 أغسطس 2025

عمق النصّ/ مجد بطنجة


 


"استكشفت في رواية المسكوبية عمق النصّ وجمالية محتواه".

الطالب مجد بطنجة، في عرضه لرواية المسكوبية خلال اللقاء الخامس الذي نظمته بلدية البيرة وجمعية أبناء البيرة الخيرية من "نادي المعرفة الثقافي"، والذي أقيم في تل النصبة.

تفاصيل:

https://www.facebook.com/AlBirehMunicipality/posts/pfbid02tHqm5DhN6iGK8HxQgrxfFGq95sM5w2wKjba7Tq6wQc4ztReVzDc3VKmitvXnsrZ2l

#مجد_بطنجة

#المسكوبية

#أسامة_العيسة

الخميس، 14 أغسطس 2025

ما صنعه صنع الله!


 ما صنعه صنع الله!

غمرتني سعادة مقطرة، عندما أعارني الكاتب النبيل جمال بنورة، رواية نجمة أغسطس. الحصول على الرواية، في ظل الحصار الثقافي الذي عانينا منه في الأرض المحتلة. مفاجأة صادمة بالنسبة لي.
ما لفتني في الرواية، وهي عن مفخرة اشتراكية؛ اليد العالي، معمار الرواية واستفادة صنع الله من تقنيات صحفية وبحثية وتصويرية، ولكن ربما الأهم، أن الروائي الذي سجنه عبد الناصر بتهمة الشيوعية، لم يتأثر بالأدب السوفييتي الشائع آنذاك، ورمي الواقعية الاشتراكية خلفه، ولكنه تأثر بالأدب الأميركي.
ثمت علامات في مسيرة صنع الله الروائية: اللحنة، وذات. وفي سيرته موقفه من جائزة نظام كامب دافيد، واتهامه بسرقة رواية شرف، الذي كشف عن خواء في المجتمع الثقافي. حدثت ضجة كبيرة، وبدا أن كثيرين، من مثقفين وصحفيين أرادوا التصديق.
بعكس أهم مجايليه: الغيطاني والقعيد، تفوق أخلاقيًا، ولكنه كبا بتأييده الانقلاب العسكري علي أول رئيس مدني مصري منتخب منذ ٧ الاف عام.
حظي جزء من أدبه بدراسة واحد من أهم النقاد العرب في القرن العشرين، وتوج بكتاب بتوقيعه: محمود أمين العالم.

الجمعة، 8 أغسطس 2025

رياح الأرض المقدَّسة!


 


عشية الانتفاضة الكبرى، وصل دافيد غروسمان إلى قرية وادي فوكين، التي دفعت أثمان موقعها الحدودي. حذره أحد رجالها من جيل النكبة، من الريح الصفراء، التي إذا هبَّت ستأخذ معها العرب واليهود، واقتبس ذلك عنوان كتابه: الزمن الأصفر. الذي جلب له الشهرة. اعتبر كتابه، نبؤة للانتفاضة الكبرى. هذا مهم لبناء سيرة في اليسار الصهيوني المائع.

لم يركن فقط لكتابة الروايات، التي أوصلته إلى جائزة مان بوكر العالمية، بل شارك في الحياة العامة في دويبة الاحتلال، يكتب المقالات ويلقي الخطب. بعد السابع من أكتوبر، طوَّر نظرية اللون الأصفر. بالنسبة لغروسمان، تغيَّر الزمن وأصبح الزمن الأسود.

في يوم الجمعة الأوَّل من شهر آب اللهاب 2025م، نشرت صحيفة لاريبوبليكا الإيطاليَّة، مقابلة معه، أعلن فيها: "الحرب التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة إبادة جماعية"!

يقدّم غروسمان، رشى لقرائه، الذين يقرأوون أعماله في أكثر من 22 لغة، اعتمادًا جديدًا له كصاحب ضمير يقظ، وفي المقابل يقدِّم رشى لسلاهب فلسطينية وعربية ودولية، مستعدة لتتبع أية هزة ذيل من سلهب مسيطر، والعنوان حل الدولتين، وكواحد، من الصهيونية الليبرالية، يعتقد أنَّه ما زال قادرًا على فرض شروط، يشترط أن تكون الدولة منزوعة السلاح.

لا يدرك غروسمان، أن الريح السابعة تفكيكية طوفانية، تطهر الأرض، وتظهرها، وتوحدها!

#دافيد_غروسمان

#أسامة_العيسة

الخميس، 7 أغسطس 2025

حبيبة إميل حبيبي!


 


تعيش صالحة في واحد من أحياء القدس الجديدة، التي بنيت خصوصًا من برجوازية القدس المثقفة، تتقاطع حياتها مع التغيرات التي تعصف بالأرض المقدسة، من الاحتلال البريطاني حتى نكسة 1948 ونكبة 1967م.

يتتبع الكاتب، مصير صالحة، وأحياء القدس الجديدة، التي فُقدت ونُهبت خصوصًا المكتبات الخاصة لساكنيها ومنهم المفكِّر والمربيِّ خليل السكاكيني، وليس هو فقط من يظهر باسمه الحقيقي، فهناك أيضًا الصحفي الشاب إميل حبيبي، الذي يفقد حبيبته في تفجير إرهابي، وسيصبح أبرز الكتَّاب الفلسطينيِّين في القرن العشرين.

#إميل_حبيبي

#بنت_من_القدس_الجديدة

#منشورات_المتوسط

#أسامة_العيسة

الاثنين، 4 أغسطس 2025

في بيروت وعمَّان!


 


يتوفر في مكاتب الناشر في بيروت وعمان.

مكتب عمان: 06/4631227

مكتب بيروت: 01/707891

خدمة التوصيل متوفرة!

#بهمش

#يوميات_كاتب_في_انتفاضة_مغدورة

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

#أسامة_العيسة

السبت، 2 أغسطس 2025

مزيونة تترجَّل!



لا أعرف، ما الذي جعلنا نعتقد، أن هذا النوع من أمهات الأسرى سيعشن على الأقل، حتى تكتحل أعينهن بفذلات الأكباد، الذين ذهبوا، وطال غيابهم؟

غادرتنا اليوم مزيونة في مخيم عايدة، يفصلها عن القدس جدار، وعن بيت نتيف، رمية أمل. ليس لدي شك أنهن من طينة أخرى، غير تلك التي جُبلت وجاء منها البشر، يدبون على الأرض، أمواتًا وأشباحًا.

صمدت مزيونة، لترى ابنها الكاتب والمفكر ناصر أبو سرور، المغيب منذ عام 1993م. غنت له، وحدثته كأنه في منزل المخيم المؤقت، المطوق بدويبة تعش فصلها الأخير. زاملت مزيونة وأخريات في حافلات زيارات أهالي الأسرى. سمعت صوتها عاليًا، فخورة بناصر ورفاقه، يٌنهض العائدين والعائدات بعد لحظات مقتنصة برؤية الأبناء خلف القضبان.

مزيونة أبو سرور، وأمونة عبد ربه، وأم كريم يونس، وأم يوسف العجوري، سلسلة من تلك الطينة.

العاديون والعاديات يطورون الهوية، لأبناء لن يهزموا.

#مزيونة_أبو_سرور

#ناصر_أبو_سرور

#أسامة_العيسة

الجمعة، 1 أغسطس 2025

بين الجوعين الغزيّ والهولنديّ!


 


وكأن مأبدة غزة، لم تحدث، إلا لتؤكد ما قاله لنا أدورد سعيد ووائل حلاق، ومنير فاشة، وأمهاتنا: لا يأتي من الغرب ما يسر القلب. ويبدو أن بيننا، من النخب الجاهزة لأية تلويحة من الغرب، لا تفكر إلَّا باعادة إنتاج نفسها. نرى ذلك بالشهقات حول الحلول السياسية التي لا تنتهي.

ما فعله الغرب في غزة، فعلوه بأنفسهم. من بين جميع أنواع الجوع في الحرب العالمية الثانية، فإنَّ أغرب الحالات وأكثرها إثارة للاهتمام هي الجوع الهولندي. لم يكن أعظم أو أعنف جوع للسكان المدنيين في الحرب، لكنها كانت حالة فريدة من نوعها، تضور مليونا شخص جوعًا في هولندا في شتاء 1944 و1945، مات عشرون ألف منهم. تتذكر الناشطة اليهودية Alma Igra، بمناسبة مجاعة غزة، تلك المجاعة.

تقول: "لم يرد الهولنديون الموت جوعًا بهدوء، لكن العالم لم يرد أن يسمع. في مرحلة ما ظهرت الملكة يوهانا، ملكة هولندا، على الهواء في بي بي سي لمخاطبة الجمهور البريطاني مباشرة ومحاولة تحريضهم على العمل. لم ينجح الأمر. لم تكن المملكة المتحدة والولايات المتحدة هي التي جوعت هولندا، لم توقف الحلول التكتيكية المختلفة الجوع. قال البريطانيون عن الهولنديين: إنهم عرق متقدم، إنهم شعب مثقف. إنهم مثلنا تمامًا. من الأفضل ألا يموتوا جوعًا. ومع ذلك، سُمح لهم بالتضور جوعًا".

أحد الحلول، التي جُربت، هي إسقاط مساعدات بريطانية من الجو وبشكل لا يمكن مقارنته مع إسقاطات الطعام القاتلة على متضوري غزة، لكن هذا النوع من الخطط لم يمنع الموت جوعًا.

تلاحظ ألما: "لم تكن كميات الطعام كافية، ولم توفر البنية التحتية اللازمة للتغذية،  عندما يتضور الإنسان جوعًا يحتاج إلى دعم طبي، وليس فقط كمية غذاء غير محدودة". تؤكد: "لا يوجد حدث موثق في التاريخ العسكري للبشرية، يؤكد أن إلقاء الطعام على رؤوس الناس، من السماء، أنقذ الجوعى. السبب بسيط: الطعام؛ نظام كامل من اللوجستيات والطهي والتبريد والنقل والتوزيع والصنع. في الغذاء هناك دائما شبكات واسعة من العلاقات البشرية والتكنولوجية والإيكولوجية (البيئية). الطعام في جوهره ليس مجرد طعام. دائما نقطة التقاء بين الاجتماعي والاقتصادي والبيئي"

ماذا سيفعل من ينجو من الجوعى في غزة، من مصائد القتل، إذا كانوا غير قادرين على الحصول على مياه نقية، وعلى خبز خبزهم، وانعدام مواقد للطبخ، وافتقاد الكهرباء، والصحون، والتخطيط لما سيأكلون في اليوم التالي؟

عندما يُدمر نسيج الحياة، بهجوم وحشي بالقنابل والأمراض وإطلاق النار الجماعي وإبادة جميع المستشفيات وقتل العاملين بالإغاثة وحرق المنازل وتدميرها، يصبح الحديث عن إسقاط الطعام لا معنى له. فالطعام وحده لن ينقذ النَّاس.

تؤكد ألما، أن عمليات إسقاط الطعام على غزة، ستكون فائدتها ضئيلة للغاية للمتضورين جوعًا، ولكنها قد تفيد من يريدون كسب الوقت. تجويع الغزيين، هو أحد أدوات الحرب بالنسبة للمحور الإسرائيلي-الأميركي. كما حدث في التجويع الهولندي، بالنسبة للألمان والبريطانيين.

الصورة: إسقاط مساعدات على جوعى هولندا.

#غزة

#أسامة_العيسة

الاثنين، 28 يوليو 2025

زياد الرحباني 2008


 


في صيف دمشق 2008، بدا زياد الرحباني وكأنَّه مهدي منتظر. تحتفل عاصمة سوريا والشام، بنفسها عاصمة للثقافة العربية. شهدتُ ما بدا لي حالة هوس جماعية بزياد الذي سيحي حفلة في القلعة. لم أكن من دراويش زياد. فضَّلت حضور صباح فخري. ما الذي جعل دمشق تعيش تلك الحالة؟ كانت تبحث عن كوة أمل.

قبل نحو 12 عامًا، كشف زياد في حديث لتلفزيون الميادين، عن أسرار اجتماعات في منزل عائلته في الرابية، للتآمر على مخيم تل الزعتر المحاصر، وأنَّ ما حدث في المخيم، كان حاسمًا ليحسم موقفه ويلتحق بالحركة الوطنية اللبنانية.

المفاجيء في كلام زياد، قوله أن القائد الفلسطيني أبو إياد، الذي يعلم أمكنة تخزين الأسلحة في المخيم، كان يحضر تلك الاجتماعات، ويقدِّم معلومات للقوات السورية، للمساهمة في قصفها. أكد زياد أنَّه يحتفظ بتسجيلات لتلك الاجتماعات.

طبعًا، أثار ذلك تساؤلات، وتكذيب من أحد قادة فتح الذين عملوا مع أبو إياد، ونُسي الموضوع. أخبرني صديق مطلع، أن زياد قصاد أبا آخر من الأبوات، وأخطأ بذكره أبو إياد.

طبعًا، انتهى الموضوع ببساطة، ولم يستوقف مؤرخا، أو متابعا.

ما الذي تغيَّر، ليخذل زياد، شباب سوريا وصباياها الذين رأوه مخلصَّا ذات صيف في دمشق؟ وليخذل نفسه ويدعم نظام مرتكب مجزرة تل الزعتر؟

أين تسجيلات زياد؟

#زياد_الرحباني

#تل_الزعتر

#أسامة_العيسة

زيت الزيتون في غزة!


 


نقل الصحفي يوفال إبراهام، عن جنود من الدويبة، وصفوا، كما قال، طرقًا مختلفة طُورت لحرق المنازل في غزة. أحدهم قال، إنَّهم أخذوا المخدَّات من غرف النوم ومخدَّات الكنبايات، وكوموها وسط المنازل، قبل إشعالها.

من الطرق الأخرى التي شاعت، طريقة زيت الزيتون، الَّذي لا يخلو منه بيت فلسطينيِّ.

قال جندي: "سكبنا الزيت على الكنبايات، على كل ما ما يمكنه الاشتعال في الشقة، ثم أشعلنا النَّار أو رمينا قنبلة دخان، فيحترق المبنى بأكمله".

في واحدة من المرَّات (وعلى الأغلب تكررت)، أمسك أحد القادة، كما نقل إبراهام عن جندي، هاتفًا في يده ليهنئ بالفيديو صديق تزوَّج، وفي اليد الأخرى سكب زيت زيتون في الشقة. قال جندي إنهم حرقوا بيوتًا مملة.

يلاحظ إبراهام: "هذا ليس جديدًا، استبدال الحرق المنهجي للمنازل في غزة منذ فترة طويلة، بإبادة أكثر فعالية لمدن بأكملها بأدوات ثقيلة". كما حدث في رفح مثلًا.

يضيف إبراهام: "جملة: في كل بيت عربي كان يوجد زيت زيتون، تدفعني للتفكير في استخدام الزيت، الذي ربما كان محور الحياة اليوميَّة لعائلة، لحرق كل ما تملكه في الدنيا. الزيت الذي يعبِّر عن ارتباط الفلسطينيِّ بهذه الأرض، تصبح في أيدينا وسيلة الإبادة. بيننا من تحدث بفخر عن مراكز الجوع في غزة، حيث ذُبح ما يقرب من ألف شخص يتضورون جوعًا في الشهر والنصف الماضيين".

قبل الحرق، تحدث الجنود، أيضًا: "عن ألبومات صور عائليَّة وجدوها في شقق، في الأدراج، ألعاب أطفال، كتب جامعية، عثر جندي على بطاقة هوية لشخص ولد قبل 1948 في يافا، جندي آخر رأى حقائب سفر متفرقة، مليئة بالملابس على الأرض، "وكأن الناس كانوا هنا لحظة قبل وصولنا وركضوا بسرعة". هناك منازل تحترق فورًا. وهناك بيوت يعيش فيها الجنود أيام أو أسابيع ويحرقونها فقط في النهاية".

استوقفني قول جندي: وكأن الناس كانوا هنا لحظة قبل وصولنا وركضوا بسرعة". من خلال تجوالي، ووقوفي على أطلال ما فعلته احتلالات في تاريخ فلسطين الطويل، أقف على ما يجعلني أهتف أنَّ ناس المكان، كانوا حتى لحظات قبل جريمة الهدم والتدمير.

يقول إبراهام: "البعض كان واضحًا لهم منذ اللحظة الأولى، والبعض الآخر استغرق وقتاً ليفهموه، لكن هذا هو الهدف الرئيس في غزة - الإبادة والمحو. لا أمن ولا خاطفين". يضيف: "فعل الحكومة المجرمة اليوم هو إبادة للأمة ولكن الحلم العميق هو تبادل الأمة: أن نتبنى لأنفسنا ما كان لهم. هذا هو الظل الكبير الذي كان يتبع مجتمعنا في كل مكان منذ الإغلاق. لم نصوغ الوجود في هذا الفضاء الذي لا يأتي على حسابهم، ولم نصحح أخطاء الماضي وبالتالي في الوقت الحاضر أسماء المدن والجبال باللغة العربية تهدد الأسماء باللغة العبرية، ونحن نسير في أرضنا ونمسك على ذلك بحزم خوفًا من الظل العظيم، العلم أنه لهم. هم أيضاً. وبدلاً من التفكير كيف سيكون الأمر بالنسبة لنا جميعًا، نصر على الاستمرار في تدميرهم لأننا إذا توقفنا سنضطر إلى النظر إلى أفعالنا وفهم شيء فظيع عن أنفسنا".

"أشاهد فيديو أنشأه الوزير جمليال بالذكاء الاصطناعي، عن اليوم التالي في غزة، يتحوَّل من مخيم موت إلى ريفيرا إسرائيليَّة مزدهرة، بدون جثث، بدون عرب، وأنا أفكر في المرأة التي ولدت في يافا وحرقوا منزلها، غالبا للمرة الثانية والناس في الفيديو مبتسمين وجميلين، جالسين على البحر، وسائرين في غزة الجديدة في نهاية الصرف الصحي . حمص بزيت زيتون".

الخميس، 24 يوليو 2025

عتاب إبراهيم طوقان لشعراء مصر!


 


وجه إبراهيم طوقان (1905-1941م)، عتابًا لشعراء مصر، خلال الهبات الفلسطينية المتتالية في النصف الأوّل من القرن العشرين. يبدو أنَّ للعتب الفلسطيني على القاهرة، جذور قديمة. انتقد طوقان أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم وخليل مطران. تشبه قصائد العتاب الفلسطينية، لطوقان وعبد الرحيم محمد وأبو سلمى وغيرهم، قصائد رثاء المدن في الشعر العربي، كقصائد ابن الرومي (في البصرة) وابن حمديس (في صقلية).

مقاطع من قصيدو طوقان: روضنا من رياضكم فينان.

جئتكم عاتبا بلابل مصر

بلبل الروض عتبه ألحان

رفرف الشعر فوقكم بجناحي

ه وفي ساحكم غذاه البيان

وتسامى صرح العروبة في مص

ر وهل غيركم له أركان

كم بلاد تهزكم ليس فيها

لكم جيرة ولا إخوان

خطبنا لا يهز شوقي ولكن

جاء روما فهزه الرومان

خطبنا لا يهز حافظ إبرا

هيم لكن تهزه اليابان

ما لمطران يا فلسطين شأن

بك لكن له بنيرون شان

سيقولون قدست هذه الأر

ض فما أن لنا بها شيطان

بل فلسطين بالشياطين ملأى

ضجت الأنس منهم والجان

#إبراهيم_طوقان

#أسامة_العيسة