أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

السبت، 5 أبريل 2025

انتفاضة بهمش/ نائلة الوعري


 


صدر للكاتب والقاص والروائي الفلسطيني أسامه العيسة، صاحب رواية: مجانين بيت لحم، كتاب جديد عنوانه: بهمش/ يوميات كاتب في انتفاضة مغدورة. أعدكم بمراجعة له قريبا لاهميته. صدر الكتاب عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر

انتفاضة بهمش ، هي انتفاضة مهدورة. لم تخلف غير الدم والألم ولم تستثمر سياسيًا، الفلسطيني لا ينتصر، ولكنه لا يهزم! شكرًا لأسامة لهذه اليوميات المهمة.

قريبا الكتاب في معرض إربيل الدولي للكتاب. جناح المؤسسة العربية للدراسات والنشر A 18. من 9-19 أبريل  2025.

#نائلة_الوعري

#معرض_إربيل_الدولي_للكتاب

#بهمش

#يوميات_كاتب_في_انتفاضة_مغدورة

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

#أسامة_العيسة

الجمعة، 4 أبريل 2025

عصافير دمشق!


عن الماوردي، في أدب الدنيا والدين، وهو واحد عصره وقريع دهره، ومنظِّر ربط السياسة بالأخلاق: "وحُكي أن سليمان بن داود  عليهما السلام (وعلينا كلنا السلام) مرّ بعصفور يدور حول عصفورة، فقال لأصحابه: هل تدرون ما يقول لها؟ قالوا: لا يا نبي الله، قال: إنَّه يخطبها لنفسه ويقول لها: زوجيني نفسك، أُسكنك أيَّ غُرف دمشق شئت. قال سليمان: كذب العصفور، فإن غرف دمشق مبنية بالصخور لا يقدر أن يُسكنها هناك، ولكن كل خاطب كذاب".

يقال أن لك مدينة في شرقنا عصافيرها الخاطبة (من الخِطبة والخُطبة)!

الصورة: مُطوقة بالكرامة والعشم، حطت بيضها، تشاركني شُرفتي وكتبي ووردي وقهوتي وبرية القدس والغاز المدمع.

#الماوردي

#دمشق

#أسامة_العيسة
 

الخميس، 3 أبريل 2025

تميمة أجدادي!


 


في بداية شهر آذار (مارس) الماضي، عثر طفل عمره أقل من أربع سنوات على خنفساء قديمة في تل قريتنا؛ تل زكريا، الذي لم أتمكن من الوصول إليه منذ السابع من أكتوبر 2023م. كنت على التل في الخامس من أكتوبر، على أمل العودة إليه يوم الأحد في الثامن منه لاستكمال الجولات الميدانية.

تحوَّل الاكتشاف، بفضل الدعاية القوية للمشرفين على الحفريات على تلنا إلى قصة تثير اهتمام الصحافة العالية كالواشنطن بوست مثلاً.

حسب سلطة آثار الاحتلال فإِن عمر التميمة 3,800 عام، تعود للعصر البرونزي الأوسط، وهي خنفساء تشي بالتأثير المصري، عثر على مثلها كثيرًا في تلالنا ومستوطنات العصرين البرونزي والحديدي، وربما غيرهما.

مقال الواشنطن بوست:

https://www.washingtonpost.com/world/2025/04/02/toddler-finds-scarab-artifact-israel/?fbclid=IwY2xjawJbsplleHRuA2FlbQIxMAABHSaBC-fKepMm0Mc6UpbCtHmrs3k7JiZA0v5oP5AlDVydTQkAyzBLK3CFcQ_aem_xh2B9CIFelYeRXfAmUBfZg

#قرية_زكريا

#تل_زكريا

#أسامة_العيسة

الأربعاء، 2 أبريل 2025

عمل روائي متكامل/ حسن عبد الله


 


"بيت لحم تحضر تاريخياً  في عمل روائي متكامل لأسامه العيسة". عنوان فصل في الكتاب النقدي للكاتب حسن عبد الله الذي صدر عن دار الشامل بعنوان: "الدلالات  الاستشرافية في فضاء  الكتب/ رؤى تحليلية" حلق الكتاب تحليلاً ونقداً في فضاء عدد من الكتب من بينها رواية قبلة بيت لحم الأخيرة.

#حسن_عبد_الله

#قبلة_بيت_لحم_الأخيرة

#أسامة_العيسة

 

الثلاثاء، 1 أبريل 2025

إِسوارة نصر!


 


قبل ثلاثة أسابيع، تعرَّض مسجد النصر في نابلس إلى حرقٍ جزئي، المصائب تترى، لم نعد نتوقف عندها.

يظهر هذا المسجد في خارطة مادبا الفسيفسائية (تعود للعصر البيزنطي) كمعبد وعلى يساره ساحة المدينة العامة. لم يتغيَّر الكثير. الساحة الآن هي ما يعرف بباب الساحة. وحارسها أبو عماد حلاوة، المناضل والكببجي المخضرم.

https://www.youtube.com/watch?v=WkD2r8iFPks&feature=youtu.be

عُثر في جنباب المسجد على إِسوارة بإطار ذهبي، تعود للقرن السابع للميلاد، تؤكد على استيطان المدينة قبل العهد الروماني.

تمثل الإسوارة، عدة أساطير يونانية. هي تحفة فنيَّة، تؤكد نسغ الهوية المتغيرة والممتدة.

أين الإسوارة الآن؟ قد تكون في متحف دولة الاحتلال في القدس الجديدة. أو في متحف ما في العالم. يكفينا أن نذكرها.

#مسجد_النصر

#نابلس

#أسامة_العيسة

الأحد، 30 مارس 2025

رواية القدس بامتياز/ مهند طلال الأخرس


 سماء القدس السابعة ، رواية لاسامة العيسة تقع على متن 677 صفحة من القطع المتوسط وهي من اصدارات منشورات المتوسط في ميلانو بايطاليا سنة 2023.


رواية مقدسية بامتياز، كتبت بعين عاشق للقدس وتاريخها وحكايات المكان والزمان والاشخاص والبطولات والاديان والانهزامات والانكسارات والصمود والبقاء والحب والحرب ..

ويغلب على هذا العمل الوطني بامتياز البعد التاريخيّ والتوثيقي، كما ويمكن وصفه بأنه موسوعي بإطار روائي كمحاولة لتخفيف الثقل على القارئ من كم المعلومات التاريخية التي يحفل بها هذا الكتاب.

العيسة في هذا العمل يتنقل بنا عبر دروب القدس وتاريخها ليقص علينا سيرة المدينة الاسيرة، و ليحكي لنا قصة كل معلم ومكان، ويعرض عبر حكاياته المتوالدة كيف يري العرب والمسلمين أنفسهم وكذلك المسيحيين [اصحاب الحظوة و الظهور الاكبر في صفحات الرواية] و كيف يري اليهود موقعهم من الاحداث ، وذلك من خلال كم وافر وزاخر من المعلومات... وهذه المعلومات على وفرتها وجودتها الا انها اثقلت كثيرا عن السرد الروائي حتى انها احيانا دفعت شخصيات الرواية الأساسية دفعا لسرد قصص وثائقية مغرقة في التاريخ والتوثيق..

البطل في هذا العمل هو الراوي وهو يوسف الاب تارة والطفل والشاب كافل تارة اخرى، اختصارا لاسمه ذو الكفل، الذي يدون لنا حكايات تلد بعضها بعضا كما تلد الشخوص الذين يسردون ويتناوبون على الاجابة على اسئلة البطل [كافل] وتباعا تتوالد الحكايات التي اثقل كاهلها التوثيق والتاريخ ..

في سماء القدس السابعة نحن مع سرد روائي سلس تدور احداثه مع وحول شخصية كافل ذي الثلاث مراحل [الطفل فالشاب والاب]، فمع كافل الطفل يكون البطل اباه يوسف الملقب ب "شامان"، والذي يعمل سائقاً في حي المصرارة بالقدس، والسائق هنا وظيفة احسن الكاتب انتقائها لما تحمل في ثناياها معرفة السائق بالطرقات والدروب والاماكن وحكايا الناس ومروياتهم، وطفله "كافل" الذي يقوم بدوره بمرافقته في عمله ويقوم بطرح الاسئلة ويتلقى عليها الاجابات، بحيث يتولى سرد تلك الحكايات بواسطة والده اساسا وعبر شخصيات اخرى ابتدعها المؤلف حسب غرض الحكاية وموضعها ، كل ذلك يتم عبر تقسيم الكتاب الى ثلاثة اسفار لنتمكن من اكتشاف تاريخ مدينة القدس..

هذه الشخصيات، وأهمها والده يوسف، ووالدته وصديقته لور والعم جورج والجد أبو نقولا وعلى قلتها.. اسهمت باتساع افق الرواية واغراقها بكل ما يريد الكاتب، وتحديد مذاهبه وحواراته والاهم توظيف كل انواع المعارف التاريخية والاثارية والدينية والثقافية التي تزخر بها خلفية المؤلف اسامة العيسة، والتي استطاع توظيفها بسلاسة على لسان شخصيات الرواية وتحكم بها بخفة ظاهرة بحيث تذهب الى حيث يريد ككاتب والى حيث نريد كعشاق للقدس وتاريخها الذي لا ينضب...

تمضي صفحات الرواية تباعا ومعها تمضي السنوات وتتلاحق الاحداث وتتعدد مصائر البشر وتغترب وتتغرب وتبتعد وتقترب الشخصيات ويلتقط الكاتب هذه المصائر ويرصدها تباعا عبر شخصيات الرواية لكن يبقى اهم مصير يتتبعه الكاتب هو مصير البطل [كافل] والذي تاهذه اقداره بعيدا عن الوطن ثم تدور في خلده وتنازعه اسئلة مصيرية فيتقين حجم الامانة الملقاة على عاتقه، فيعود للبلاد ليروي حكايته لابنه الصغير ليسلم الامانة ويروي حكايته بطريقته وبتصحيحاته وتنقيباته التي اخبره والده عنها يوما ما في اول صفحات الرواية قائلا في ص 149 و 150 :"قلت له: يا ابي، اراك تعيد الحكايات عن هذه المواقع، وتخلط بعضها ببعض، وتحيرني"، فقال:" هذه طبيعة حكايات بلادنا، في كل مرة، ربما ترويها بطريقة مختلفة، تعدد الرواة والفاتحون والغزاة والمحتلون، وكل له روايته، وكل ترك نتفا من روايته، ورحل، وانت سيكون لك روايتك، ربما ترويها لابن او لحفيد".

ماذهب اليه العيسة في هذه الرواية من ديمومة الرواية وحفظ موقعها في الذاكرة والتاريخ كان التقاطا مهما وملهما لما تشكل الرواية حجر الزاوية في صراعنا مع المحتل صاحب الروايات الزائفة القادمة من بطون الكتب والخرافات والبعيدة كل البعد عن التاريخ الحقيقي الذي يعتمد العلم والمنهجية وادواته الحقيقية في التنقيب والتوثيق والدراسة واهمها اللقا والحفريات والاثار الحسية والادلة الملموسة ....

كل هذا واكثر اوجب ان تبقى الرواية الفلسطينية حية في نفوس ابنائها جيلا بعد جيل؛ وهذا بالذات ما ايقنه العيسة في هذه الرواية وهذا ما احسن توظيفه وتوثيقه ، وهذا ايضا ما قامت عليه حبكة الرواية وموضوعها الرئيس.

وهذا التركيز على قيمة المرويات التراثية والتاريخية والدينية والشعبية نجده حاضرا في معظم صفحات الرواية؛ فمثلا نجده يشير الى اهميته في ص 485 يقول:" كانت امي تروي حكاياتها لي من واقع حياتها الجديدة، وكأن حكايات القدس، وناسها وملوكها وانبيائها انتهت او تبخرت...".

وكذلك الامر في ص 149 و 150 :"قلت له: يا ابي، اراك تعيد الحكايات عن هذه المواقع، وتخلط بعضها ببعض، وتحيرني"، فقال:" هذه طبيعة حكايات بلادنا، في كل مرة، ربما ترويها بطريقة مختلفة، تعدد الرواة والفاتحون والغزاة والمحتلون، وكل له روايته، وكل ترك نتفا من روايته، ورحل، وانت سيكون لك روايتك، ربما ترويها لابن او لحفيد".

هذا عداك عن احتمال كثير من نصوص العيسة لافكار شائكة تستحق ان تكون مثار للنقاش الصحي والموضوعي خاصة عندما يقول ص 498 :" اخذنا نميز بين يهودي طيب وآخر اقل طيبة، بين المجند الذي قتل واحتل، وهو نفسه الذي يمكن ان نكون عمالا لديه او تحت امرته، هو نفسه ايضا الذي يخدم فترة من الزمن كل عام في جيشه الذي يقمعنا ويحتلنا.

هل اصبنا بالانفصام؟ وهل كان لدينا اي خيار؟ص 499.
فصاحبنا العيسة بهذه الرواية المقدسية عمل ككاتب وكمنقب اثاري بارع كمؤرخ لا يشق له غبار وهو يزيح اطنانا من الغبار العالقة على سيرة القدس والجاثية فوق تاريخها الطويل.

صاحبنا العيسة حكاء من طراز رفيع؛ فهو يلتقط حكايا البلاد من افواه اصحابه ومن الناس البسطاء و الغلابا اصحاب المرويات الاكثر ارتباطا بتاريخ البلاد..ليس هذا وحسب بل ان صاحبنا يلعب في المضمار الاحب اليه والينا ويطرز الحكايات كثوب كنعاني جميل، وهذا الثوب يختصر تاريخ شعب باكمله الذي يجتهد الطغاة والسارقون والطامعون لسلبه وطمسه وتحريفه بغية شطبه، بينما يناضل صاحبنا وامثاله لمواجهة هذا الطمس والتحريف متسلحا بالوعي والمعرفة ...

هذا الوعي المنفتح لدى العيسة المستمد من بيئته والمستند الى الثقافة الوطنية المنفتحة تحسبه في احيان كثيرة يغالي في انفتاحه ؛ فمثلا في سرده لتاريخ المدينة المقدسة تحسبه ميالا للتأريخ المسيحي لبلادنا على حساب تاريخ المدينة الحقيقي ... وهويتها العربية والاسلامية، وقد نبرر له ذلك حبا في كل تاريخنا المقدسي بعجره وبجره والذي ال الينا كاصحاب هذه الارض الاصلانيين ..
وقد نجد له التبرير ايضا استنادا لما ذكره في ص 149 و 150 :"قلت له: يا ابي، اراك تعيد الحكايات عن هذه المواقع، وتخلط بعضها ببعض، وتحيرني"، فقال:" هذه طبيعة حكايات بلادنا، في كل مرة، ربما ترويها بطريقة مختلفة، تعدد الرواة والفاتحون والغزاة والمحتلون، وكل له روايته، وكل ترك نتفا من روايته، ورحل، وانت سيكون لك روايتك، ربما ترويها لابن او لحفيد".

العيسة في هذه الرواية الضخمة تحول الى دليل سياحي مختص بالتراث المسيحي حتى تظنه مسيحيا متعصبا...

العيسة سادن للحكايات والمرويات والفلكلور ص 212 لكنه ايضا صاحب وجهة نظر سياسية ومواقف شائكة اودعها لسان شخوص روايته في اكثر من موضع كالذي قالته لورا مثلا ص 623 مثلا حيث تقول:" اعتقد انك تريد ان تعرف بأنني انضممت لاتحاد الطلبة السري، وهو تنظيم يساري...".
واتبعتها بقولها:" كانت القدس في تلك الايام ممتلئة بالفخر والحب والايثار وايضا بتسلل الافساد اليها من زعماء الفصائل الذين خرجوا من لبنان الى تونس لبسط نفوذ لهم فبدؤوا بتخريب الجيل المنتفض، اغدقوا الاموال واستقبلوا الشخصيات الجاهزة لمنح الولاء، ومنها ما كان محسوبا على الملك او على الاحتلال...ص 428.
واكثرها زخما ماورد على ظهر الصفحة 633 من اسئلة على لسان الوالد:" اين هي النظرية؟ اين هو الفكر". ماهي الافكار النوروثة؟ وماهي الافكار الجديدة؟
ص 636 "...ففي النهاية من ارتكب الجريمة معتقلون لدى الاعداء، وسيواجهون احكاما طويلة بالسجن، ليس بسبب موت امي، ولكن لمحاولتهم قتل رامي، الذي نجا مما سماه عمي :" النضال العبثي، الذي يقتل الاقرباء، ويفشل في قتل الاعداء".
ص 658 فيما ورد على لسان لورا في رسالتها الثالثة لكافل... "ماذا تريد ان تعرف ايضا من حكايات معارفك، الشيخ نعيم استقر في مدينة بيت لحم...وتعرض الشيخ للاعتقال من قبل اجهزة الامن في السلطة الفلسطينية" ...
وص 658 ايضا "...ولم يكن من من النادر ان يعذب مناضل سابق مناضلا حاليا، واصبح الحديث عن اساليب التعذيب القاسية مادة متداولة لدى منظمات حقوق الانسان...".

بقي ان نقول بان العيسة في روايته سماء القدس السابعة تجسيد حي لما قاله درويش :"مَنْ يكتُبْ حكايته يَرِثْ أَرضَ الكلام، ويمْلُكِ المعنى تماما".
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=860073

الثلاثاء، 25 مارس 2025

الجبل السحري!



المكَيِرّ، هو جبل القدس السحري، لقاء ما ورائي بين توماس مان، وعنترة بن شداد، وشيطنة الملك داود، وافتتان العرب بأساطير الأوّلين. ما بين تخوم القدس، وبريتها الممتدة حتى البحر الميت.

#بهمش

#يوميات_كاتب_في_انتفاضة_مغدورة

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

#أسامة_العيسة

الأحد، 23 مارس 2025

ذات تشرين عام 1869!


 


قادنا الفنان إبراهيم أبو لبن، أنا ووالده الكاتب صالح، إلى طرقة قبالة منزلهم في بيت لحم القديمة، ليرينا نقشًا مجهولًا، أضفته، ممتنًا، إلى أرشيفي من النقوش.

خُط النقش على قطعة حجر بيضاء واحدة، يؤرخ لبناء منزل يعود ليوسف عيسى الجبرية عام 1869، ويحدد بدء البناء في 7 تشرين أول من تلك السنة التي يصفها مسيحية ملكية، وهي إشارة واضحة ليس فقط لديانة صاحب البناء وإنما أيضًا لطائفته.

يمتاز النقش عن نقوش مشابهة تعود لنفس الفترة، بمستوى فنى أعلى، وبكتابة إملائية سليمة مع محافظته على تقليد كتابة المنظومات.

أسدان على طرفي النقش، رمز تقليدي في فلسطين، منذ أسد يهوذا إلى رنك الظاهر بيبرس (جسر جنداس في اللد) وباب الأسباط على سور القدس السليماني العثماني.

يتوسط النقش، الذي يظهر عليه أثر زلزال، نحت لواقعة صلب السيد المسيح. على جانبيه اثنتان من المريميات الكثيرات المحبات. أعلاه كتب: هذا مَلك اليهود، وهي إِشارة إنجيلية للسيد المسيح. أسفله جمجمة رمز متأخر للموت.

#صالح_أبو_لبن

#إبراهيم_أبو_لبن

#أسامة_العيسة

الجمعة، 21 مارس 2025

غزال السامري!


 


مرتضى الزَبيدي (1732-1790م) اللغوي والمحدث وفلتة العصر العثماني، الفالت (العصر) من كبار الأدباء، فظهر الزبيدي، ليرقع العصر، زار فلسطين عدة مرات، واِلتقى بعض الأعيان كنقيب الأشراف، وعلماء في القدس ونابلس وغيرها، وترجم لبعضهم في المعجم المختص وأحيانًا في درته تاج العروس.

في واحدة من زياراته التقى سامريًا. في قاموسه عرَّف السَّامِرَةُ والسَّمَرَة: (قَوْمٌ من اليَهُودِ) من قَبَائِلِ بني إِسرائيلَ (يُخَالِفُونَهُم)، أَي الْيَهُود (فِي بَعْضِ أَحكامِهِمْ، كإِنْكَارِهِمْ نُبُوَّةَ من جَاءَ بعد مُوسَى عَلَيْهِ السلامُ، وَقَوْلهمْ: (لَا مِسَاسَ)، وزعمهم أَنَّ نابُلُسَ هِيَ بيتُ المَقْدِسِ.

يعلمنا الزبيدي، أنَّه التقى جمَاعَة منهم: "أَيّامَ زِيَارَتِي للبَيْت المُقَدّس، مِنْهُم الكاتِبُ الماهر المُنْشِىء البليغ: غَزَالٌ السّامِرِيّ، ذاكَرَنِي فِي المَقَامَاتِ الحَرِيرِيّة وَغَيرهَا، وعَزَمَنِي إِلى بُسْتَان لَهُ بثَغْرِ يافا".

في بستان أو بيارة غزال السامري، تذاكر علامة مشهور وآخر فلسطيني سامري لا نعرف عنه الكثير، في واحدة من أهم عيون الأدب العربي، وهي مقامات الحريري، بعض شخوص هذا العمل اكتسبت شهرة عالمية في عصرنا. علاقة الزَبيدي بالمقامات قديمة ومهمة، فشرح مقامات الحريري للشريشي من مراجعه العديدة خلال وضعه تاج العروس. ويبدو أنَّه أصبح حجة فيها. ذُكر: "انجذب إلى الزبيدي بعض الأمراء الكبار، فسعوا الى منزله، وترددوا على مجالس دروسه، وواصلوه بالهدايا الجزيلة والغلال، وفي سنة 1190 حضر إلى مصر عبد الرزاق أفندي، رئيس الكتاب في ديوان السلطنة في استانبول، وسمع بالزبيدي فحضر إليه والتمس منه الإجازة وقراءة مقامات الحريري، فكان يذهب إليه بعد فراغه من درس جامع شيخون، ويطالع له ما تيسر من المقامات ويفهمه معانيها اللغوية".

 بعد نحو قرن من لقاء الزبيدي والسامري، يمكننا التقرير، أنَّ مقامات الحريري، كانت محل اهتمام النخب الثقافية في فلسطين. في يوم الأربعاء 21 آب (أغسطس) العام الماضي، التقيت والرحالة نزار العيسة الصديق جورج الأعمى، الَّذي أرانا مخطوطة مبهرة من مقامات الحريري، انجزت في القدس وبيت لحم، تعود لعام 1854م، بخط الخوري إِلياس الخوري بنايوت الخوري أودي أبو حمامة التلحمي (عائلة من رجال الدين)، وكان المساعد له في ذلك ولده الخوري يوحنا إلياس بنايوت. بدت المخطوطة بحبرها وترتيبها كأنَّها خطت للتو.

عندما أهدتني هيلين مرج البحرين مجلدًا للشيخ اليازجي، كانت نظرتها الدالة، محفزا لأخذ الكتاب بجدية، يعلن اليازجي أنَّه: "تطفل على مقام أهل الأدب، من أئمة العرب، بتلفيق أحاديثٍ تقتصر من شَبِه مقاماتهم على اللقب"، ولم يكن ذلك إِلا تصاغر غير ضروري.

سيُهزم فن المقامات، ربما تكون مقامات الشيخ ناصيف اليازحي (1800-1871م) آخر بدائع هذا الفن الذي عاش قرونًا. ولعل فرياق الشدياق، تطوير لهذا الفن. ولكن أعتقد أن آخر المستفيدين من هذا الفن، وإن لم يفصح، كان إميل حبيبي، فرواية المتشائل يمكن إحالتها نسبيًا إلى فن المقامة، فاللغة بطل في العمل، وكان يمكن تسميتها مقامات المتشائل، ولكنه اختار "الوقائع" سأعتبر الأخير فنًا وتطويرًا لفن المقامات، واستفادة وتأثرًا بالشدياق، رغم أنَّ حبيبي، لم يشر إلى ذلك في مقابلاته العديدة. ولم يعد للفن الذي ابتكره (الوقائع).

عودة للعلَّامة غزال السامري، يذكر الزبيدي أن ولده أسلم: "وسُمِّيَ مُحَمَّداً الصَّادِق، وَهُوَ حيّ الآنَ". قد يكون ذكر ذلك نوعًا من محاباة جمهور الزبيدي المتدين، ولكنَّه يفصح عن واحد من أسباب تقهقر الوجود السامري في فلسطين، والدول المجاورة، فكثير من العائلات السامرية أسلمت فعلًا، وما بقي منها على جبل جرزيم، وساحل المتوسط، جنوب يافا، يشكِّل أصغر طائفة في العالم.

.#مرتضى_الزبيدي

#إميل_حبيبي

#حورج_الأعمى

#نزار_العيسة

#مقامات_الحريري

#أسامة_العيسة

الأربعاء، 19 مارس 2025

اسمه محمود الغول!


يعجب المرء، لاستمرار الاهتمام بالشعوذة الثقافية، حول التوراة التي جاءت من اليمن أو الجزيرة العربية، أو الأصول الطائية العربية للفلسطينيين القدامى، وغيرها مما يطفو من زبد سُفالة الثقافة (هذا ليس حكما إنما إشارة إلى اتجاه ووجهة).

بدلًا من العجب من تُبَّع (وهذا تعبير من اليمن) المشعوذين، أود الحديث، مبتسرًا، عن عالم فلسطيني هو محمود علي الغول (1923 - 1983) من سلوان القدس، الذي بحث ونقب في اليمن وغيرها.

توصل الغول، على الأغلب إلى اكتشاف خط الزابور، ولكنَّه لم يعلن ذلك، حتى نقب، بعد وفاته عالم في أوراقه، وتبين له أنَّ الغول اكتشف فعلا خط الزابور. هذه أمثولة على الدأب البحثي وعدم التسرع.

أتقن الغول عدة لغات مهمة في عمله، كالسريانية واللاتينية واللغات السامية. درس ودرَّس الغول في الكلية العربية المحتلة على جبل المكبر المحتل. من أساتذته: أحمد سامح الخالدي، وإسحق موسى الحسيني، وجورج فضلو الخوري، ومن زملائه ناصر الدين الأسد، ومحمود السمرة.

لم تقتصر مؤلفات الغول على نتائج بحثه الأثري، ولكنَّه امتد للآداب، والتاريخ. في عام 2015م، أصدر مشروع كلمة للترجمة في أبو ظبي، ترجمة الغول للإنيادة لفرجيل. التي بدأ في ترجمتها عام 1942.

من يهتم بمعرفة معينة عن الأثار اليمنية فيمكنه البحث عن مؤلفات الغول والفلسطيني الآخر محمد المرقطن، وعدد من علماء/ ت من اليمن. بماذا نفسر اللجوء إلى البحث عن ذلك إلى الشعوذة؟ هذا هو العجب!

الصورة لمحمود الغول في اليمن.

#محمود_الغول

#محمد_المرقطن

#أسامة_العيسة

 

الاثنين، 17 مارس 2025

لامظة الأمهات!


 


في اللغة والحياة!

حيره كيفية كتابة اِسم تلك الحاضرة في المنزل، تنيره بكازها وفتيلتها، وزجاجتها الَّتي تُسمى بنورة، وأحيانًا تسمى كلها بنورة، في مناطقٍ أخرى.

تسميها الأم لامظة، وبالتعريف اللامظة. هكذا تسمى في جبلي القدس والخليل على الأقل، خيَّل إليه أنَّ اِستخدام التسمية المصرية الأرق: اللمبة، قد يكون الأنسب في الكتابة. ولكن من أين أتت تلك التسمية الَّتي تنفرد بها الأم ومجايلاتها.

قبل أشهر وجد احتفاءً من صفحة تراثية يمنية بأشياءٍ قديمة من بينها اللامظة، دفعه الفضول لمعرفة اِسمها باللهجة اليمنية، أجابه أحدهم إنَّهم في إب يسمونها نوارة. آخر قال إنها تسمى باللهجة العراقية لالة.

هزَّ رأسه مبتسمًا عندما قرأ لدى أبو النصر (أبو نصر عبد الله بن علي السراج الطوسي) كلمة لُمْظَة، في قول منسوب لعلي بن أبي طالب: "الإيمان يبدو لُمْظَة بيضاء في القلب فكلّما اِزداد الإيمان اِزداد القلب بياضًا فإذا استكمل الإيمان ابيضَّ القلب، وإنَّ النفاق يبدو لُمْظَة سوداء في القلب فكلّما اِزداد النفاق اِزداد القلب سوادًا، فإذا استكمل النفاق اسود القلب". اللمُّع في التصوف، نشرة نيكلسون، دار الرافدين 2018م.

قرَّر اللجوء إلى المتوفر لديه من قواميس. في محيط المحيط للمعلم بطرس البستاني: "الَلمَظ: بياض في جحفلة الرأس الفرس السفلى. اللُمْظَة: الَلّمظ للبياض المذكور أو البياض في الشفتين فقط"-نشرة مكتبة لبنان. طبعة جديدة 1983.

تصفح منجمه الأثير تاج العروس، الذي يحلو له النط بين صفحاته وحروفه. لم يخب الزَبيدي ظنه به: اللُّمْظَةُ: البياض في الشفتين فقط. الَّلمَظُ: شيء من البياض في جحفلة الدابة لا يجاوز مَضَمَّها. اللُّمْظَةُ: هنةٌ من البياض بيد الفرس أو برجله على الأشعر. اللُّمْظَةُ: النقطة من البياض ضد.

يلجأ الزَبيدي إلى الحديث: "النفاق في القلب لمظة سوداء، والإيمان لُمظة بيضاء، كلما ازداد الإيمان ازدادت اللُّمظة". نشرة دار صادر 2011

في الإبانة الكبرى لابن بطة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إن النفاق يبدو لمظة سوداء، فكلما ازداد النفاق عظمًا ازداد ذلك السواد، فإذا استكمل النفاق اسود القلب"-نشرة دار اللؤلؤة 2018

كيف اشتق فلاحو فلسطين، أو على الأقل من جبلي القدس والخليل، اسما، هو الأنسب والأوفق لتلك النوَّارة العجيبة؟ اللامظة، هدية بر القدس للعربيَّة، لم تدخل قواميس اللغة الحديثة، إن وجدت كالمعجم الوسيط، الّذي عندما عاد إليه وجده مبتسرًا. الطبعة الخامسة (منقحة) 2011م.

اللهجات مخازن للفصحى! تحتاج لحفريات لغوية. يتحدث العرب، متعلميهم وجاهليهم لغة فصيحة اجمالا، حتى إن لم يعوا ذلك!

الصورة عن صفحة لنا محمد!

#بطرس_البستاني

#تاج_العروس

#أطلس_الخالات

#أسامة_العيسة

السبت، 15 مارس 2025

ثقافة تتحدَّى/ يامن نوباني


 


*آلة الحرب الإسرائيلية ألقت بظلالها على المشهد الثقافي الفلسطيني، الذي اقتصر منذ بداية العام الجاري 2025، على حراك ثقافي بطيء، وفي غالبيته كان فعاليات محلية في الضفة الغربية، واقتصر حضور تلك الفعاليات على أبناء كل محافظة على حدة، نتيجة لسياسة التضييق والخناق التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مختلف مدن وبلدات وقرى فلسطين، عبر نشر أكثر من 898 حاجزًا عسكريًا وبوابة، منها أكثر من 173 بوابة حديدية جرت عملية وضعها بعد السابع من تشرين الأول/ أكتوبر عام 2023، منها 17 بوابة وضعت منذ بداية العام الجاري 2025.

*وعن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" صدر كتاب: "بهمِشّ: يوميات كاتب في انتفاضة مغدورة"، والذي يستعيد فيه الكاتب والروائي أسامة العيسة يوميّاته في انتفاضة فِتية فلسطين خلال عامي 2015 و2016، وارتقاء أكثر من 350 منهم خلال المواجهات مع قوات الاحتلال.

https://www.wafa.ps/Pages/Details/117017

#يامن_نوباني

#بهمش

#يوميات_كاتب_في_انتفاضة_مغدورة

#المؤسسة_العربية_للدراسات_والنشر

#أسامة_العيسة

الجمعة، 14 مارس 2025

عن الأبناء والآباء


 


من يومية 15/5/2020:

اِستوقفتني فقرة من رسالة إِرنست همينغوي لأسرته، كتبها بتاريخ 18 أكتوبر 1918 من ميلانو، يخاطب فيها والده، وأجواء الحرب الكونية الأُولى ما زالت مخيمة. هذا الفهم من اِبن، لما يعانيه الآباء، من ألمٍ يتجاوز الحدود، والطبقات، والضفاف الَّتي يتمترس عليها المتحاربون، بدا غريبًا أن يصدر عن شاب مندفع نزق: "..فكّر في آلاف الفتيان الآخرين الَّذين ضحوا. الأبطال كلهم موتى. والأبطال الحَقيقيُّون هم الآباء. الموت شيء بسيط جدًا وقد ألقيت نظرة على الموت وأعرفه حقًا. لو كان ينبغي أن أموت لكان الأمر سهلًا جدًا بِالنِّسبَة لي. أسهل شيء قمت به على الإِطلاق. لكنَّ النَّاس في الوطن لا يدركون ذلك. إِنَّهم يعانون أكثر ألف مرَّة. حين تجلب أُمّ اِبنًا إِلى العالم تعرف أنَّ الاِبن سيموت ذات يوم، وأُمّ الرجل الَّذي مات من أجل وطنه ينبغي أن تكون أكثر النَّاس فخرًا في العالم، وأسعدهم. والآن الموت أفضل بكثير في فترة السعادة، فترة الشباب عبر المحيط، الرحيل في بريق النور، من تهالك الجسم والشيخوخة وتحطّم الأوهام".

الموقف من الموت والخوف منه، أمر نسبيِّ إِلى حدٍ كبير. خلال الحصار والاِجتياح في الاِنتفاضة الثَّانية، لم يكن الموت، بِالنِّسبَة لكثير من الشباب، هو المهم، ولكنَّ الأهم، هو العثور على جثثهم ودفنهم، وفي مناطقٍ كثيرة، شهدتُ كيف يذهب المزيد من الشُبَّان إِلى موتهم، طائعين، مختارين، نزقين، لم يفكروا، وهم يقدمون، على هذا الشيء البسيط جدًا، حسب همينغوي، في الآباء والأمهات، وأرادوا جعلهم فخورين. أي فخر في الموت؟ الموت في فلسطين يفقد هيبته، ومن الصعب الآن النظر إِليه، بالرومانسيَّة الَّتي عاشها الشُبَّان. الآن لم يعد للموت أيَّ هيبة، على خريطة دويلات العروبة.

 بعد سنوات طويلة، سيفجّر هيمنحواي دماغه. لعله لم يقبل بـ:"تهالك الجسم والشيخوخة وتحطم الأوهام". درس فهمه مبكرًا.

# زريفة_سباهية

#مجازر_الساحل

#إرنست_همينغوي

#يوميات_السجن_والسرطان_والكورونا

#أسامة_العيسة

الخميس، 13 مارس 2025

تمارا امرأة أسطورية/ إياد شماسنة



 

تمارا امرأة أسطورية تعيد كتابة التاريخ الفلسطيني وتكسر الحدود الثقافية

"الإنجيل المنحول لزانية المعبد".. ميثوبيا ترفع الذاكرة ضد النسيان والحقائق ضد التضليل.
الاثنين 2025/03/10

مثلت صناعة الأساطير في الفن والأدب أو ما يسمى بالميثوبيا توجها كاملا لبناء سردية لها أركان قوية خاصة وأنها تذوب التاريخ والأساطير في مساحة خيالية، وقد مثلت أيضا توجها هاما للدفاع عن الإنسان ضد الاستعمار والمحو والتزييف، وهذا ما نلتقطه في رواية أسامة العيسة “الإنجيل المنحول لزانية المعبد.”

تعتبر رواية “الإنجيل المنحول لزانية المعبد” من الأعمال الأدبية الفلسطينية التي تمثل استكشافًا دقيقًا لأساطير وشخصيات تاريخية كنعانية، مقدمة تجربة روائية غنية وذات أبعاد فلسفية تتجاوز السرد السطحي، حيث يعيد الكاتب أسامة العيسة تقديم رؤية جديدة للموروث الفلسطيني، ويعمل على خلق ميثوبيا فلسطينية تحمل في طياتها الكثير من المقولات الثقافية والسياسية.

يُعد هذا العمل تجربة متميزة في الأدب الفلسطيني المعاصر، وتعتبر رواية مؤسسة تنتمي إلى ميدان الأدب الذي يعتمد على خلق الأساطير وإعادة إنتاجها، بما يتماشى مع تقاليد الميثوبيا، هذه الرواية التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر تتميز بعناصر سردية معقدة، وتطرح تساؤلات حول الهوية والذاكرة والتاريخ الفلسطيني.

الميثوبيا الفلسطينية

الرواية تسلط الضوء على الزمان والمكان بشكل متناغم يعكس الترابط العميق بين تاريخ فلسطين والجغرافيا الفلسطينية
الرواية تسلط الضوء على الزمان والمكان بشكل متناغم يعكس الترابط العميق بين تاريخ فلسطين والجغرافيا الفلسطينية

قبل الغوص في التفاصيل السردية والرمزية للرواية، من الضروري توضيح معنى الميثوبيا وموقعها في الأدب الفلسطيني. تُعرّف الميثوبيا بأنها عملية خلق الأساطير، حيث يسعى الكاتب إلى بناء أو إعادة بناء أسطورة أو سرد تاريخي يعكس رؤيته وتصوراته الخاصة، سواء كانت أسطورة مستوحاة من التاريخ أو من خياله. قد يبدو هذا المصطلح غريبًا على القارئ، ولكن عندما نربطه بالتجربة الأدبية لأسامة العيسة، تتضح الأبعاد الثقافية التي يستهدفها من خلال تشكيله لأسطورة فلسطينية جديدة.

بدأ استخدام المصطلح في ثلاثينيات القرن العشرين بواسطة ج. ر. تولكين، مؤلف ثلاثية ملك الخواتم، ليُستخدم لاحقًا في الأدب الحديث للإشارة إلى خلق أساطير وأبطال خياليين. وفي الأدب الفلسطيني، تُعتبر الميثوبيا وسيلة لإعادة النظر في التراث الفلسطيني وتقديمه بصورة متجددة، حيث لا تقتصر على سرد الأحداث التاريخية المعلومة، بل تخلق عالمًا متكاملًا جديدًا يعكس الصراع الفلسطيني مع القوى الاستعمارية، ويقدم قضاياه من خلال رؤى أدبية تستلهم الأساطير القديمة.

الرواية أكثر من مجرد سرد لحكاية تمارا، البطلة الكنعانية التي تُحاك الرواية حول حياتها ومعاناتها. بل هي محاكاة لأسطورة قديمة، تُعيد للعالم الصورة الكنعانية من خلال شخصية تمارا، امرأة قوية ترفض أن تكون مجرد جزء من تاريخ مستهلك ومغيب. في عالم الرواية، تمارا ليست مجرد زانية في معبد؛ هي رمز للثورة، ولإعادة بناء الهوية الفلسطينية التي عانت من التشويه والإخفاء عبر العقود.

تُسلط الرواية الضوء على علاقة تمارا بمعابد كنعان، تلك الأماكن التي كانت تشهد طقوسًا دينية تخص عبادة عشتار، إلهة الحب والحرب عند الكنعانيين. وعلى الرغم من أن الرواية تقدم وجهة نظر الأنثى في هذا السياق التاريخي، إلا أنها تتجاوز الأبعاد الجندرية لتتطرق إلى أبعاد أخرى تتعلق بالصراع الفلسطيني مع رواية الآخر، تلك الرواية التي تسعى إلى محو هوية الشعب الفلسطيني.

في “الإنجيل المنحول لزانية المعبد”، يلعب النزاع التاريخي بين العبرانيين والكنعانيين دورًا محوريًا. وتُقدّم الرواية هذا النزاع ليس فقط من خلال الصراع التاريخي بين الديانات، بل أيضًا من خلال التفاعل الاجتماعي والسياسي بين الشخصيات. الكنعانيون، بمن فيهم تمارا، يتحدون الرواية العبرانية التي حاولت طمس التاريخ الفلسطيني القديم، وتقديم أنفسهم كأصحاب الأرض الشرعيين.

يستحضر العيسة شخصيات كنعانية تشكل بؤرة الرواية، ويبني من خلالهم ميثولوجيا جديدة تُحاكي ما يمكن أن نعتبره الميثولوجيا الفلسطينية. الرواية تُظهر تمارا كرمز للأنثى الفلسطينية التي تحمل همًّا تاريخيًا ومعنويًا، متمردة على الأدوار التقليدية التي حُبِست فيها عبر العصور. ومع تحول السرد إلى محاكمة تمارا بسبب “فعلها” المقدس في معبد عشتار، فإن الرواية تطرح العديد من التساؤلات حول العدالة، والشرف، والهوية.

إحدى أبرز المزايا التي تقدمها رواية العيسة هي قدرتها على استحضار الماضي الكنعاني وتقديمه من خلال سياق فلسطيني معاصر. ولعل في ذلك إشارة مباشرة إلى العلاقة العضوية بين الأرض والشعب الفلسطيني، حيث أن الرواية تسلط الضوء على الزمان والمكان بشكل متناغم يعكس الترابط العميق بين تاريخ فلسطين والجغرافيا الفلسطينية. ويُستخدم في الرواية العديد من الأساطير الكنعانية التي تربط الماضي بالحاضر، فتظهر تمارا كأيقونة ثورية، تشارك في صراع مستمر لتثبيت حضورها وهويتها في مواجهة محاولات المحو والتشويه.

العيسة، من خلال هذا البناء السردي، لا يقتصر على إعادة سرد التاريخ، بل يقدم إعادة إحياء له، مستفيدًا من أدوات الميثوبيا التي تدمج بين أساطير العالم الحقيقي والخيالي. ومن خلال هذه الرواية، لا يقتصر العيسة على تقديم سرد تاريخي جاف، بل يقدم صورة مفعمة بالحياة عن فلسطين والأبطال الذين سكنوها.

الأنوثة والمقاومة

إحدى أبرز المزايا التي تقدمها الرواية قدرتها على استحضار الماضي الكنعاني وتقديمه من خلال سياق فلسطيني معاصر
إحدى أبرز المزايا التي تقدمها الرواية قدرتها على استحضار الماضي الكنعاني وتقديمه من خلال سياق فلسطيني معاصر

تمارا ليست مجرد شخصية نسائية تقليدية؛ بل ترمز  للمقاومة الفلسطينية في أبهى تجلياتها. في الرواية، تصبح تمارا قائدة لمقاومة التاريخ الذي حاول تهميش دور النساء في بناء الهوية الفلسطينية. تُقدّم لنا تمارا في إطار صراعها مع الشخصيات العبرانية، وصراعها مع النظام الأبوي، ورفضها لأن تكون ضحية في مسرح كبير تحكمه القوى العظمى.

مقاومة تمارا تبدأ من تحطيم الهويات المغلوطة التي أُلبست عليها، حتى أنها ترفض أن تكون جزءًا من القصة التي يحكيها الآخرون، لتعيد كتابة تاريخها من منظورها الشخصي. يُظهر العيسة تمارا كامرأة معقدة، تتمازج فيها الطقوس القديمة مع قوة الشخصية الحديثة. تُقدّم هذه الشخصية تمارا كأنثى فلسطينية قادرة على قلب موازين القوى، بل وتهديد السرد المضاد الذي يسعى لتصفية الذاكرة الفلسطينية.

عنوان الرواية يحمل طابعًا جدليًا استثنائيًا، وهو بمثابة دعوة للتساؤل وإعادة التفكير في الكثير من المفاهيم الدينية والتاريخية، الإنجيل المنحول يشير إلى انقطاع عن السرد التقليدي، ويطرح رؤية جديدة للكتاب المقدس والتاريخ الديني. كما يثير تساؤلات حول مفهوم الأبطال والمجاهدين والأنبياء في التاريخ، وكيف يمكن أن يكون للضحية الصوت الأقوى في رواية العالم.

العنوان تحدٍ مباشر للرواية الكبرى التي صاغها التاريخ وفرضها الاحتلال، كما أنه يشير إلى كيف يمكن لتاريخ الاحتلال أن يكون محرفًا، شأنه شأن الأناجيل المحرفة التي تتغير وفقًا للغرض السياسي.

من خلال إعادة كتابة الأساطير الفلسطينية، يسعى العيسة إلى تقديم مشروع ثقافي يتجاوز الروايات السائدة التي تفرضها القوى الاستعمارية، ليفتح المجال أمام الرواية الفلسطينية الجديدة التي لا تسعى إلى البكاء على الأطلال بل تسعى إلى بناء أفق جديد للهوية الفلسطينية في الأدب العالمي. وتقدم الرواية بعدًا فلسفيًا نقديًا حول معركة الذاكرة مقابل النسيان، ومعركة الحقائق ضد التضليل التاريخي.

بذلك، تكتسب رواية العيسة مكانتها الخاصة في الأدب الفلسطيني باعتبارها عملاً أدبيًا يتجاوز حدود الأدب التقليدي إلى إنشاء ميثوبيا فلسطينية جديدة، تعكس تاريخًا وأيديولوجيا وفكرًا حضاريًا يعيد تأصيل الهوية الفلسطينية في مواجهة المحاولات المتكررة لمحوها.

إن “الإنجيل المنحول لزانية المعبد” ليست مجرد رواية عن تمارا أو معركة بين الكنعانيين والعبرانيين؛ هي دعوة حية لإعادة النظر في الأساطير التي أسست الهوية الفلسطينية، ورؤيتها الثقافية والتاريخية. من خلال هذه الرواية، يُعيد أسامة العيسة صياغة الأساطير الفلسطينية، مقدماً لها بعدًا جديدًا يمكن أن يكون نقطة انطلاق لفهم أعمق للتاريخ الفلسطيني وأبعاده الفلسفية، السياسية، والاجتماعية.