أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2019

الديكتاتور في خريفه..!


ولد أدولف هتلر، وشارلي شابلن، في نفس العام (نيسان 1889)، وحملا نفس الشارب، الذي وصفه المخرج الروسي ايزنشتاين بالفراشة السوداء.
ولكن ثمة فرق بين الشاربين؛ بالنسبة لشابلن لم يكون سوى شارب مزيف، شيء يشبه القناع، خاص بالشخصية الساخرة التي اخترعها، ولكن بالنسبة لهتلر، فإن الفراشة السوداء، أضحت جزءًا من شخصيته، حتى إنها عُرفت باسم الشارب الهتلري. ولا أعرف لماذا لم تعرف باسم مخترعها.
سيسخر شابلن كثيرًا من هتلر، ويتهمه بسرقة شاربه الذي اخترعه، كعلامة فارقة لشخصية هزلية، تمثل البطل من غير بطولة (انتي هيرو)، بينما هتلر فسرق الشارب ليكون علامة لبطل حقيقي لا يقهر، كما رأى نفسه، وسيتولى جوبلز الباقي.
سيعلي شابلن سقف السخرية من هتلر في فيلمه الديكتاتور العظيم، عندما يقدم هتلر كشخصية معقدة، وضعيفة، وسخيفة، وجبانة، ويجعل العالم أجمعه يضحك على ذلك الديكتاتور، ويبشر بخريفه ونهايته، وهو ما حدث، اختفى هتلر مع طاقمه ومن بينهم جوبلز الذي كذب وكذب حتى صدق نفسه، وصدقه الديكتاتور.
لم ليكن التأثير بين الاثنين، من جانب واحد، فهتلر تمكن من إنطاق شابلن، ففيلم الديكتاتور هو أوّل فيلم ناطق لشابلن، الذي بقي وفيا لأفلامه الصامتة، ويبدو أنه استمر في رفضه استغلال التقنية الجديدة في الأفلام مدة عشر سنوات، حتى أنتج فيلم الديكتاتور العظيم عام 1940م، ولم تكن بلده أميركا قد دخلت الحرب، ولم تكن تستشعر خطر هتلر.
كتبت مجلة فرايدي الأميركية: "إن لأودلف هتلر ملايين من الأعداء ولكن الرجل الصغير الحجم الذي ولد في نفس السنة مع هتلر، شارلي شابلن، يعتبر واحدا من اعتى خصوم هتلر".
لا يختلف ديكتاتور شابلن، عن أي ديكتاتور في شرقنا السعيد، فلكل ديكتاتور جوبلزه على مستواه وبحجمه.
في حين نفتقد الساخرين العظام، أمثال شابلن، وغير العظام، فإنَّ النّاس، تسخر من كل ديكتاتور وجوبلزه، وهي تعلم بأنّ لكل ديكتاتور خريفه، ولكن الديكتاتور لا يقتنع، يؤمن إيمانًا عميقًا بأنه نصف إله، وبأنَّ الآلهة كانت حاضرة لحظة تكونه في بطن أمه.
الفرق بين جوبلز هتلر، وجوبلز الديكتاتور الشرقي، بان الأوّل صدق نفسه وانتحر مع ديكتاتوره، أمّا الثاني، فهو جاهز ليكون عبدًا لأي سيد، يؤلف من أجله المطولات، من أموال الشعب.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق