أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 8 ديسمبر 2019

قدس النوّاب..!



عندما وصلت (وتريات ليلية) إلى القدس، لم ترق للمثقفين، وهاجمها بعضهم كعبد اللطيف عقل، في مقالة، وصف فيها مظفر النوّاب، بالمتصوف البذيء الذي وصل إلى القدس. (ربما غير عقل رأيه لاحقًا وقلد مظفر).
ولكن ذلك الرفض لم يكن إلّا سحابة لم تمطر، فالنّاس من جيلي النكسة والنكبة، راق لهم كثيرًا شتم الحكّام العرب.
يؤمن الفلسطينيون بأنَّ النكبة والنكسة كانتا نتاج خيانة عربية، طبعًا هذا لا يمنعهم كلما دق كوزهم بجرة الاحتلال، أن يصرخوا أين العرب؟ وكأنهم يستندون بهم ليجربوا هزيمة أخرى.
وتحولت صرخة مظفر لدى كثيرين: ما أوسخنا، دون أن يستثني أحدًا، إلى فعل تطهري، من دنس الوساخة.
في سفر الرؤيا تظهر إحدى صور القدس البديعة، كعروس نازلة من السماء، في تشبيه يناسب الحالة الرعوية والتبشير بقدس جديدة، ولكن بعد ألفي عام، لم ترق لي أبدا صورة القدس لدى مظفر، كعروس لعروبة مهزومين، وقفوا خلف الأبواب وهم يسترقون السمع بينما يتم اغتصابها.
أزعجني ما يمكن أن تكون واحدة من أفشل الصور الفنية عن القدس، وظنها قد تكون مقززة، ولكن هذه هي القدس، في مخيلة جموع فلسطينية وعربية، يعشش في مخيالها الشرقي، عقد أنثوية لا يمكن أن تتزحزح، من فتح عمورية، حتى القدس المجردة من كونها مدينة رمزية، كوزمبلوتية، نصية.
ومنهم، ما زال ينتظر المعتصم، وصلاح الدين.
ضبابية مظفر أدت به إلى الانتصار لمقتحم الحرم السلفي جهيمان، في بكائية شهيرة، وكأنه يبكي الحسين، وتحولت إلى نشيد لدى يسار القدس الطفولي.
هل رحل الشاعر حقًا؟ أم أن الفيسبوكيين، يرحّلونه إلى العالم الآخر بين الفينة والفينة؟
إذا لم يرحل فعلاً، هل يمكننا تصور شعوره عندما يقرأ نعيه كما حدث لأمجد ناصر، وحنا مينا؟
هناك مثقف عاش قل عقود طويلة، اسمه ابن خلدون، تحسس ما لدى العرب من استعجال تصديق الأخبار، فدعا إلى: "إعمال العقل في الخبر".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق