أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأحد، 23 فبراير 2020

الحواتمية الثقافية..!



استمرار اهانة الحمار الفلسطيني. هذه المرة من فصيل ماركسي، يرفع رايات حمراء، خلال احتفالات الجبهة الديمقراطية بذكرى انطلاقتها في بلدة أبو ديس.
لم تجد جبهة نايف حواتمة، غير الحمار الفلسطيني، لتنتهك حقوقه، وتخط عليه كلمة ترامب.
الكتاب المقدس، قبل أكثر من ألفي عام، انتصر للحمار، وكان بذلك متقدمًا على الحواتمية الثقافية.
هل هذا إعلان، لكيفية تعامل الحواتمية، مع حقوق الحيوان، عندما نحقق النصر، ونقيم دولتنا وعاصمتها القدس الشريف، كما أُعلن في مهرجان انطلاقة الديمقراطية في رام الله. ما زلت لا أفهم المقصود بالقدس الشريف.
أمّا عن الديمقراطية بالمفهوم الحواتمي، فلا يحتاج إلى إعلان، وإنما التذكير، بأن السيّد حواتمة، دام ظله الماركسي، ما زال يُنتخب أمينًا عامًا منذ أكثر من نصف قرن. يغير ولا يتغير.
هذا المشهد، جزء من تقويض جهود، منظمات حقوق الحمير، وكتّاب الأطفال، والجهود التربوية، بشأن حقوق الحيوانات الفلسطينية.
من جبل الزيتون (أعتقد أنه على السيّد حواتمة، إذا كان يعرفه حقا، أن يخبرنا في أي قدس شريف يصنفه)، حيث صعد رب فلسطيني إلى بيته السماوي، بعد أن بكى القدس وأهلها، معلنًا إخفاقه، أكتب هذه الكلمات، وأنا أرى في الأسفل جدار التوسع والخنق، يحيط بابو ديس، حيث رفعت الأعلام الحمراء وصور الرفيق حواتمة، وجرّ الحمار المظلوم.
لماذا يجب على الفصائل الاحتفال بانطلاقتها، ورفع أعلامها؟ ولماذا تنظم ما تسميه مارشات عسكرية؟
وما لا أعرفه، حقيقة، هو ما الذي يجعل لهذه الفصائل، أصلاً، أنصارًا؟


الجمعة، 21 فبراير 2020

صَلب بالعون الرباني..!


قد يكون يوم الاثنين 14-صفر 981ه (15-6-1573م) معتدلاً في القدس، كمثل الأيام الحزيرانية في المدينة المقدسة، ولكنفي ذلك اليوم، وقع حدث، لا نستطيع تقدير تأثيره على العباد، وإن كنت أعتقد أنه سكنذاكرة أهل القدس لفترة طويلة لاحقة، ثم، وكما يحدث عادة، نسيته المدينة.
في ذلك اليوم، نفذ الصوباشي، الأمر الشريف السلطاني، بأخذ روحيّ مواطنين شقيقين هما أحمد وبدر الدين ولدي إبراهيم ابن الأسود.
تذكر حجة من محكمة القدس الشرعية (سجل55، صفحة 474)، بأنه نفذ صلب الأخوين احمد وبدر الدين، بموجب الأمر الشريف السلطاني، ونجح التنفيذ بالعون الرباني.
نعلم أن صوباشي القدس "زيد قدره" الذي نفذ الإعدام اسمه حسن. يذكر الدكتور محمد العلمي، صاحب كتاب قضاة القدس الشريف ومجالس حكمهم، أن هذه الحجة الوحيدة التي تشير إلى تنفيذ الإعدام بأمر سلطاني، مرجحا أن يكون ذلك بسبب عصيان نفذه المذكوران.
كم عدد العصاة الذين تحدوا ظلم السلاطين، والولاة، والإقطاعيين؟
إنه تاريخنا الذي لم يكتب. انتصر التاريخ الرسمي، الذي جعل الكثيرين، من أحفاد العصاة، حتى الآن يسبحون بحمد السلاطين، ظل الله على الأرض.
كيف يمكن لأحفاد العصاة، أمثالنا، تنبي التاريخ السلطوي الرسمي، الذي برر قتل الثوّار والعصاة؟
أمّا أحفاد الإقطاعيين، والقضاة، وأركان الدولة، فالمسألة بدت لهم وكأنها محسومة، وضعوا أنفسهم، في خدمة كل سلطة توالت على بلادنا، ويمكن تتبع سير بعض هؤلاء من العهد البريطاني، حتى عهد السلطة الفلسطينية المحدود.
احتفت المكتبة الوطنية الإسرائيلية في القدس الجديدة، بكتاب قضاة القدس ومؤلفه، وعلق أحد متابعي المكتبة على الفيس بوك، متسائلا لماذا يضعون كلمة إسرائيلية، ما دام معظم مواضيعهم فلسطينية؟
تتحوّل، القضايا الفلسطينية الوازنة، ثقافيًا وتاريخيًا وأثريًا، إلى شأن إسرائيليّ، تستحوذ عليه مؤسسات رسمية، وغير رسمية، أمّا في الفضاء الفلسطيني الثقافي الشللي الحزبي الضيق، والفضاءات العربية، فلا يتجاوز الموضوع الفلسطيني، في معظمه شعار: على القدس رايحين، شهداء بالملايين.




الاثنين، 17 فبراير 2020

مأساة أنثى الضبع الحامل








رحلة طويلة نسبيا قطعتها أنثى الضبع من منطقة الرماضين، في أقصى جنوب الضفة الغربية إلى متحف فلسطين للتاريخ الطبيعي في بيت لحم.
كانت سلطة جودة البيئة، استلمت جثة الضبعانة، التي لقيت حتفها بعد القبض عليها، وربطها بحبل في عنقها، وجرها، ما أدى اختناقها، ونفوقها.
قررت سلطة جودة البيئة، تسليم الجثة، لمتحف تاريخ فلسطين الطبيعي، لأخذ جلدها للتحنيط واستخدامها ضمن المعارض التعليمية لزوار المتحف، للتوعية حول دور هذه الكائنات في بيئتنا الفلسطينية.
ولم يكن يعلم القائمون على المتحف، أنهم سيكونون على موعد مع مفاجأة، وهذا ما حدث، ولكنها مفاجأة مؤلمة، أضفت أبعادا أخرى على مأساة الضبعانة القتيلة.
خلال عملية التشريح، تبين لخبراء المتحف، أن الضبعانة حامل، وكانت على وشك الولادة، ونظروا بحزن للجنين الصغير المرقط، الذي أدى قتل والدته، إلى حرمانه من اختبار الحياة في دنيانا.
استخرج المشرحون، الجنين، وحفظوه في المتحف، لتحنيطه، وعرضه، وليكون شاهدا على مأساة يأمل جميع المهتمين بالبيئة أن لا يتكرر.
متحف التاريخ الطبيعي، وجه دعوة إلى: " جميع أطياف المجتمع من مؤسسات وأفراد، إلى حماية الضباع في فلسطين نظرا لدورها البيئي في التخلص من الجيف المنتشرة في بيئتنا الفلسطينية، وكونها حيوانات غير ضارة للإنسان ولا تهاجم إلا لحماية صغارها تبعا لغريزة البقاء، ولكن في الحالات الطبيعية لا تهاجم الإنسان أو الحيوانات الأخرى وتبتعد في حال وجوده بالقرب منه".
أمّا سلطة جودة البيئة، فنشرت مادة توعوية حول الضبع المخطط، الذي يعيش في فلسطين، والشرق الأوسط، وإيران، وتركيا، والهند.
وأكدت هذه السلطة: "يعتبر وجود الضبع في البرية ضروري لتوازن النظام البيئي، حيث يقتات على الجيف وينظف البيئة منها ويمنع بذلك من انتشار الأمراض، ويتغذى أيضاْ على الخنازير البرية ويحد من انتشارها، حيث انتشارها بأعداد كبيرة يؤدي لتدمير المزروعات، لذلك يعد صديقاً للمزارع".
وأضافت: "الضبع المخطط حيوان خجول مسالم بالرغم من كل الأساطير التي نسجت حوله أنه يضبع ويقتل فلم تسجل أي حادثة من هذا النوع في التاريخ، على عكس الضبع المرقط الموجود في إفريقيا".
وحذرت السلطة: "يتعرض الضبع حتى يومنا هذا للقتل العبثي والمتعمد، ما أدى لاختفائه وتناقص أعداده من الطبيعة في فلسطين، وانقراضه في أخرى".
وختمت السلطة متفائلة: "نلاحظ تسمية بعض الأماكن كالوديان والكهوف باسمه وهذا دليلٌ واضح على وجوده السابق في المنطقة".
وأكثر من هذا تحمل بعض العائلات الفلسطينية، أسماءً مستمدة من اسم الضبع.

السينما الفلسطينية..أسستها امرأة..!





نوهت السينمائية خديجة حباشنة، بدور سلافة جاد الله الهام في تاسيس السينما الفلسطينية الحديثة، اولتي تعتبر أوّل مصورة سينمائية فلسطينية، وعربية.
وقالت حباشنة، خلال حفل إشهارها لكتابها: فرسان السينما..سيرة وحدة أفلام فلسطين، في دار الكلمة في بيت لحم، بان سلافة ابنة مدينة نابلس، درست التصوير السينمائي في معهد السينما في القاهرة، بداية من العام الدراسي 1960-1961، ومن زملائها المصور سمير فرج، والممثل حسن يوسف.
تخرجت سلافة في العام الدراسي 1963-1964، وعملت في وزارة الإعلام الأردنية، وبعد الظهور العلني لحركة فتح، عرضت سلافة فكرة إنشاء قسم للتصوير على قيادة حركة فتح من خلال معرفتها بالقائد خليل الوزير (أبو جهاد)، وحصلت على موافقته.
وحسب حباشنة، فانه هكذا بدأت سلافة مع هاني جوهرية ومصطفى أبو علي، تأسيس وحدة السينما في الثورة الفلسطينية وشعارهم: "من خلال الصورة الثابتة والمتحركة، نستطيع إيصال ونشر مفاهيم الثورة إلى الجماهير والحفاظ على استمراريتها".
في العام الماضي 2019 صادف مرور خمسين عاما، على أول فلسطيني ثوري أنتجته وحدة أفلام فلسطين، التي تعتبرها حباشنة أول مجموعة سينمائية ترافق بدايات حركة تحر وطني.
وبهذه المناسبة صدر كتابها فرسان السينما، الذي يتناول سيرة وحدة أفلام فلسطين، وفرسانها، وقالت حباشنة أنها وصفت سينمائي الوحدة بالفرسان، لما تمتعوا به من نبل ونكران ذات وتضحية.
وقالت حباشنة، بان الكتب صدر أيضا، في الذكرى العاشرة لغياب أحد مؤسسي هذه الوحدة وآخر فرسانها، وهو المخرج مصطفى أبو علي الذي رحل في رام الله بتاريخ 30 تموز 2009م.
واعتبرت أن تأسيس وحدة أفلام فلسطين كانت: "بداية لانطلاقة سينمائية فلسطينية شارك فيها العديد من السينمائيين التقدميين من فلسطين والبلاد العربية والعالم، مما شكل ظاهرة سينمائية نضالية عالمية حول القضية الفلسطينية".
وسبق إشهار كتابها، عرض فيلم تل الزعتر، وهو من إنتاج عام 1977، ومن إخراج مصطفى أبو علي، وبينو أدريانو، وجان شمعون، وهو أوّل فيلم فلسطينيّ إيطالي بإنتاج مشترك بين "مؤسّسة السينما الفلسطينيّة" وUnitelfilm. يوثّق الفيلم المجزرة التي ارتكبت ضد الفلسطينيين واللبنانيين في مخيّم تل الزّعتر الذي وقع تحت إدارة الأمم المتّحدة شمال شرقيّ بيروت في ١٢ آب/ أغسطس ١٩٧٦. يعيد فيلم تل الزّعتر رواية تاريخ المخيّم ودماره ومقاومة أهله عبر أصوات مع رجال ونساء وأطفال نجوا من المجزرة، ممّن تمّت مقابلتهم وتصويرهم في الأسابيع التي تلت المجزرة في نهاية آب/ أغسطس ١٩٧٦ في بدايات الحرب الأهليّة اللبنانيّة.
وتحدثت حباشنة، عن الظروف التي أنتج فيها الفيلم، والذي فقد، حتى عثر عليه لاحقا. ويظهر في الفيلم أطباء كانوا في مخيم تل الزعتر، مثل الدكتور يوسف العراقي، الذي تحدث عن صعوبة الأوضاع الطبية في المخيم، والمجازر التي ارتكبها الانعزاليون، كما وصفوا في الفيلم، بحق المدنيين.




السبت، 15 فبراير 2020

عن فائق..!



ذكرياتي عن فائق الحوراني، مبكرة، تعود إلى ثمانيات القرن الماضي، كان أكبر من سِنه، معرفةً وتجربةً وخبرةً. نِمت في منزل عائلته في سوق اللبن في الخليل القديمة. واستكشفت سحر العمارة المملوكية والعثمانية، وذائقة ورائحة أسواق المدينة القديمة.
في تلك الأجواء رسم شقيقه الفنان خالد، وكان آنذاك طالبًا في جامعة الخليل، لوحة غلاف مجموعتي القصصية الأولى، التي صدرت في القدس عام 1984م.
نام عندنا في المخيم، ومكث وتردد كثيرًا، لم ننم ليال ونحن نناقش قضايا الفن، والسياسة، والمجتمع. كان مبادرًا دائمًا، رجل أعمال ناجح رغم صغر سنه. بنى بالطوب سور على مدخل غرفتي. لا شيء لا يعرف فائق إنجازه. وخلال مكالماتنا المتقطعة في السنوات الطويلة اللاحقة، كان يفخر دائمًا بأنّه بنى طوبًا في مخيم الدهيشة.
يترجل فائق، في مفاجأة قاصمة. لعله أطال، هذا الذي لا تحتمل الدنيا خفته، الإقامة بيننا.

الأربعاء، 12 فبراير 2020

الصحافة والأدب..!

يُتهم بعض الأدباء، بأنّهم يلجأون إلى الأساليب الصحافية، كليًا، أو جزئيًا في أعمالهم الروائية، وكأن الصحافة، مثلبة، أو فن قليل الاحترام، بالنسبة للأدب على الأقل.
ما لا يعرفه النقاد، بأنَّ المتهمين من الأدباء، يدركون مثالبهم العظيمة تلك، ويقرون بها. مثلاً يقرّ جورج أورويل، في مقال له بعنوان: لماذا أكتب؟ نشر في الجزء الأوَّل من أعماله السياسية والأدبية (صدرت بالعربية بترجمة أسعد الحسين)، بما ضَمّنُه في كتابه عن كتالونيا، الذي يروي تجربته في الحرب الأهلية الأسبانية.
يذكر أورويل: "كتابي عن الحرب الأهلية الأسبانية، الولاء لكاتالونيا، هو كتاب سياسي صريح طبعًا، لكن في جزئه الأساسي كتب في تجرد واحترام للشكل. حاولت بكل جهدي أن أروي الحقيقة كلها دون انتهاك لغرائزي الأدبية، لكن من بين الأشياء الأخرى هناك فصل طويل يغص باقتباسات من الصحف وأشباهها تدافع عن التروتسكيين الذين اتهموا بالتآمر مع فرانكو. من الواضح أن مثل هذا الفصل الذي سيفقد أهميته بعد سنة أو اثنتين عند القارئ العادي، سوف يفقر الكتاب، وقد حاضر بي أحد النقاد الذين احترمهم قائلاً: لماذا وضعت كل هذا الهراء؟ لقد حاولت ما كان يجب أن يكون كتابًا جيدًا إلى كتابة صحفية؟".
يقرّ أورويل إن ما قاله الناقد: "صحيح، لكنني لم أستطع القيام بغير ذلك. صدف أنني عرفت، ما سمح للقلة القليلة في انكلترا أن تعرفه، بأنَّ هناك رجالاً أبرياء اتهموا زورا وبهتانا. لو لم أغضب من ذلك، لما كتبت الكتاب أبدًا".
من الأمثلة الحديثة على مثلبة الصحافة في الأدب العربي، رواية الطنطورية، لرضوى عاشور، التي ضمنتها تحقيقًا صحفيًا منقولاً، عن أرشيف مركز الأبحاث الفلسطيني، ومآله، ويتضمن التحقيق لقاء مع المرحوم سميح شبيب، ابن المركز والذي ترأسه في رام الله.
أقرت رضوى، في إحدى الندوات عن روايتها، باستخدامها الأسلوب الصحفي، وكأنه ذنب، ولكنها قالت، بأنها لم تكن لتفعل غير ذلك، وأوردت بأنها سألت مرّة الراحل يحيى الطاهر عبد الله، لماذا أقحم فلسطين في روايته الطوق والأسورة؟ فأجابها، بأنّه صعب عليه أن يكتب رواية دون أن تكون فلسطين حاضرة فيها.
أعتقد بأن على الروائيين، أن لا يعتذرون، عمّا اقترفوا من صحافة في أدبهم..! أو عن أي من مثالبهم الأخرى.

أمّا أنا فأستعد بشوق، لقراءة المجلد الثاني من أعمال أورويل الأدبية والسياسية..!

السبت، 8 فبراير 2020

استحواذ على المعرفة..!



في اجتياح الضفة الغربية في ربيع 2002م، لم يكن منظر الموت في الشوارع الفلسطينية، هو فقط المألوف، ولكن أيضًا رؤية الجنود، وهم يخرجون من المكاتب والمنازل، يحملون الحواسيب والكتب والوثائق وغيرها، وتكرر ذلك، خلال حملة البحث عن ثلاثة مستوطنين اختطفوا قبل ست سنوات، وتبين لاحقًا أنهم قتلوا. وكأن واضحًا بأنَّ عملية البحث التي أطلقتها قوات الاحتلال، لم تكن فقط العثور على المستوطنين، وإنما لتجديد الكثير من ملفاتها.
ما حدث استمرار لتقليد كولنيالي ابتدأ قبل النكبة، ولم يقتصر على الأراضي الفلسطينية، فخلال الاجتياح الإسرائيليّ للبنان عام 1982م، نُهب مركز الأبحاث الفلسطيني في بيروت، ونُقلت محتوياته إلى دولة الاحتلال، وعندما أعيد في صفقة تبادل، لم تبدِ منظمة التحرير اهتمامًا به، وتناثر في الجزائر، ليصبح قصة كلاسيكية، لدى القلة التي يتذكرونها، عن الإهمال وقلة الحيلة، وأشياء أخرى عديدة.
تخصصت رونة سيلع، بأرشيفات الاحتلال الإسرائيليّ، وكتابها هذا (لمعاينة الجمهور: الفلسطينيون في الأرشيفات  العسكرية الإسرائيلية) واحد من الكتب بالغة الأهمية في مجاله، يتضمن، بالإضافة إلى الجهد البحثي النادر في موضوعه، صورًا نادرة، ومحاولة بناء رؤية غير منحازة اعتمادًا على الأرشيفات الاحتلالية.
تخلص سييلع إلى: "إن إسرائيل كدولة تحوّلت إلى واحدٍ من مراكز المعرفة الأكبر عن الفلسطينيين، وهي لا تحتوي على المجموعات والأرشيفات التي عممت أو نهبت فحسب، بل أيضًا لديها معلومات استخباراتية جمعتها عن الفلسطينيين".
كنت أود الإشارة، إلى الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي على التمثيل المعرفي، ولكن الواقع أن الطرف الفلسطينيّ غائب عن الموضوع، اكتفى بمقولات ببغائية، عن القدس العاصمة الأبدية، التي رايحين عليها شهداء بالملايين، وفي الواقع هو ليس من أولويات المشهد الثقافي الفلسطينيّ المريض الذي يعيد إنتاج شللية منظمة التحرير، أي يعيد إنتاج الفشل.
في الواقع، أيضًا، تحوّل التمثيل المعرفي الكولنيالي إلى نقاش إسرائيليّ-إسرائيليّ، مثل قضايا مهمة في المسألة الفلسطينية، أثريًا، وثقافيًا، وسياسيًا. وحتّى فيما يتعلق برفض صفقة القرن، فإنَّ مظاهرة اليسار الإسرائيلي في تلّ أبيب، هي الأكبر، والأكثر وضوحًا في رفع الشعارات، وجدية الرفض.
كتب مقدمة الكتاب انطوان شلحت، مثل باقي الكتب التي يصدرها مركز مدار، وهي غير لازمة، وزائدة، ومناقضة لتلك الجدية التي يبدها المركز في اختيار الكتب الإسرائيلية لترجمتها.

الجمعة، 7 فبراير 2020

صورة عتيقة...!



عاصر جدي أربع دول/سلطات: العثمانيّة، والبريطانيّة الانتدابية، والمصريّة الملكيّة، والأردنيّة الهاشميّة. لم تكن ذكرياته عنها، سوى عذاب. خدم مرتين في الجيش العثمانيّ، في معارك لم يفهم ما علاقته بها، وعاد منها فاقدًا البصر، وقُرص من اللؤم البريطاني، والاستبداد المصريّ المملوكي، والوصاية الهاشميّة العربيّة، وعاصر والدي نفس السلطات،  مضافا إليها الإسرائيليّة الكولنياليّة.
سأذكر والدي صامتًا، وهو يحضر محاكمة أخي الفتى في محكمة رام الله العسكريّة. لعله، والذي جعلته النكبة صميتا، يكاد يكون صائمًا عن الكلام، يتفكر في الأقدار الشكسبيرية التي وجد نفسه فيها، مع أبناء شعبه، قال لي مرّة، بأنَّ فلسطين، لم تهنأ يومًا باستقلالها: احتلال، يخلف احتلالاً.
هذه الصورة، التي اطلع عليها لأوّل مرّة، تثبت بأنّني مخضرم، التقطت على الأرجح قبل أشهر من حرب الأيّام الستة، حسب التسمية الإسرائيليّة، والنكسة، حسب العرب، وحرب تسليم ما تبقى من فلسطين الانتدابية لإسرائيل، حسب والدي، أو حرب الساعات الست، كما أُسميها تلطفًا. يعني أنني عاصرت الأردنيّة، والإسرائيليّة، والفلسطينية الوظيفية (حسب تعبير الرئيس أبو مازن). أنا بالنسبة لإسرائيل العظمى اشتاخيم، وبالنسبة للسلطة الفلسطينيّة، فلسطينيّ وظيفيّ، أتساوى بذلك مع رئيسي (يا للزهو)، ولو كنت في غزة، لاعتبرت من الشعب، الذي من شروط المقاومة، ضربه في الشوارع.
الصورة من أرشيف وجيه الشيخ (الثاني من اليمين)، الذي يظهر فيها، إضافة إلى شوقي (الثالث من اليمين) يحتضنه خاله المناضل محمد بونس (جودت) الذي لم يمض على خروجه من سجن الجفر حينها، كما أخمن، إلّا فترة محدودة، بعد سبع سنوات قضاها في السجن الصحراويّ، الذي دخله فتى ربما لم ينبت شاربه بعد (كما روى لي لاحقًا المناضل حرب حرب)، وأنا الثاني من يسار الصورة، على رِجل شقيقي الراحل.
يظهر في الصورة، كما يرجح وجيه شقيقه الراحل، عزات.
كيف ولماذا أُخذت الصورة؟ قبيل انعطافة في تاريخ الأرض المقدسة، وما أكثر انعطافاتها.
تتشابه السلطات في فلسطين، وتتشابه الصور..!
صورة عتيقة..!
عاصر جدي أربعة دول/سلطات: العثمانيّة، والبريطانيّة الانتدابية، والمصريّة الملكيّة، والأردنيّة الهاشميّة. لم تكن ذكرياته عنها، سوى عذاب. خدم مرتين في الجيش العثمانيّ، في معارك لم يفهم ما علاقته بها، وعاد منها فاقدًا البصر، وقُرص من اللؤم البريطاني، والاستبداد المصريّ المملوكي، والوصاية الهاشميّة العربيّة، وعاصر والدي نفس السلطات،  مضافا إليها الإسرائيليّة الكولنياليّة.
سأذكر والدي صامتًا، وهو يحضر محاكمة أخي الفتى في محكمة رام الله العسكريّة. لعله، والذي جعلته النكبة صميتا، يكاد يكون صائمًا عن الكلام، يتفكر في الأقدار الشكسبيرية التي وجد نفسه فيها، مع أبناء شعبه، قال لي مرّة، بأنَّ فلسطين، لم تهنأ يومًا باستقلالها: احتلال، يخلف احتلالاً.
هذه الصورة، التي اطلع عليها لأوّل مرّة، تثبت بأنّني مخضرم، التقطت على الأرجح قبل أشهر من حرب الأيّام الستة، حسب التسمية الإسرائيليّة، والنكسة، حسب العرب، وحرب تسليم ما تبقى من فلسطين الانتدابية لإسرائيل، حسب والدي، أو حرب الساعات الست، كما أُسميها تلطفًا. يعني أنني عاصرت الأردنيّة، والإسرائيليّة، والفلسطينية الوظيفية (حسب تعبير الرئيس أبو مازن). أنا بالنسبة لإسرائيل العظمى اشتاخيم، وبالنسبة للسلطة الفلسطينيّة، فلسطينيّ وظيفيّ، أتساوى بذلك مع رئيسي (يا للزهو)، ولو كنت في غزة، لاعتبرت من الشعب، الذي من شروط المقاومة، ضربه في الشوارع.
الصورة من أرشيف وجيه الشيخ (الثاني من اليمين)، الذي يظهر فيها، إضافة إلى شوقي (الثالث من اليمين) يحتضنه خاله المناضل محمد بونس (جودت) الذي لم يمض على خروجه من سجن الجفر حينها، كما أخمن، إلّا فترة محدودة، بعد سبع سنوات قضاها في السجن الصحراويّ، الذي دخله فتى ربما لم ينبت شاربه بعد (كما روى لي لاحقًا المناضل حرب حرب)، وأنا الثاني من يسار الصورة، على رِجل شقيقي الراحل.
يظهر في الصورة، كما يرجح وجيه شقيقه الراحل، عزات.
كيف ولماذا أُخذت الصورة؟ قبيل انعطافة في تاريخ الأرض المقدسة، وما أكثر انعطافاتها.
تتشابه السلطات في فلسطين، وتتشابه الصور..!