أهلين

"من عرف الله سار، ومن سار طار، ومن طار حار". عجيل المقدسي.

الأربعاء، 27 مارس 2019

العودة الأخيرة لشهيد النخوة إلى وادي فوكين



منذ ساعات الصباح الأولى، احتشد المواطنون في حلقة كبيرة، في ساحة مستشفى بيت جالا الحكومي، فيما رفعت الأعلام الوطنية ورايات حركة فتح، في انتظار خروج جثمان الشهيد أحمد جمال مناصرة (28) عامًا، ليعود إلى قريته وادي فوكين، العودة التي تأجلت منذ ليلة أمس.
في نحو التاسعة والنصف من ليلة الأربعاء، كان أحمد في طريق عودته إلى قريته، غرب بيت لحم، ولكنّه، لم يتوقع ما يمكن أن يعيقه للوصول وادي فوكين، فخلال انتظاره القصير على مفرق النشّاش، جنوب بيت لحم، رأى مواطنا جريحا، بعد إطلاق قناص احتلالي النار على مركبته، فنزل مناصرة، ونقل المواطن علاء غياظة، وهو من قرية نحالين المجاورة لوادي فوكين، إلى مستشفى اليمامة في بلدة الخضر، وهي أقرب مستشفى، وأدخله إلى غرفة الطواريء ليعالج من إصابة خطيرة في بطنه، ولكن علاء الذي يتألم، كان قلقا على مصير زوجته وابنتيه اللواتي تركن في المركبة التي أطلق عليها النار، فوعده مناصرة، بالعودة إلى مفرق النشّاش، وإحضارها.
يظهر شريط مصور الشهيد أحمد، وهو يستمع لشابٍ يقول، بان سيارة الإسعاف، ستصل خلال عشرة دقائق، وستنقل الزوجة والبنتين، ولكن الشهيد، يؤكد بأنه وعد غياظة، بجلب عائلته، فيخرج من المستشفى ويصل مفرق النشّاش،  ولدى وصوله الموقع، أطلق عليه وابل من العيارات النارية، ليرتقي شهيدًا للنخوة والشهامة، كما وصفه أصدقاؤه.
في داخل مستشفى بيت جالا الحكومي، حيث يتم تحضير الشهيد لرحلته الأخيرة إلى قريته، لم يتمالك والده نفسه، فسمح لدمعات ساخنة، ظلت حبيسة عينيه، بالتحرر، في وداع ابنه، الذي كان من المفترض أن ينام في منزله، كما يفعل كل ليلة، ولكن رصاصات الغدر، غيرت روتينه اليومي.
في ساحة المستشفى، التي أمضي فيها مناصرة ليلته الأولى، شهيدًا، دون تمكنه من العودة إلى وادي فوكين، سادت أجواء من الحزن والهدوء، الذي سرعان ما تبدد، لدى خروجه محمولاً على أكتاف أفراد من الأمن الوطني، في جنازة عسكرية تكريما له، بينما اصطفت على الجانبين، مجموعتان من منتسبي الأمن الوطني، تشريفا للشهيد.
وانطلقت الهتافات باسم الشهيد، وتنديدًا بجريمة الاحتلال بحقه، وإعلاءً للمطالب الوطنية في الحرية، والاستقلال، وتقرير المصير.
وقطعت جنازة الشهيد الحاشدة، شارع القدس-الخليل، واعترضت قوات الاحتلال، بعض المركبات الموكب، وصادرت رايات حركة فتح، ولكنها لم تحل هذه المرة، دون عودته، إلى قريته وادي فوكين، المحاطة بالمستوطنات، شهيدًا وري الثرى في ترابها، في عرس وطني شاركت فيه قرى العرقوب المجاورة، ومختلف بلدات وقرى المحافظة.
استقبلت الأم المكلومة، ابنها الشهيد، في يوم الأم، بابتسامة، وهو محمولاً على الأكتاف، وعندنا اقترب جثمانه منها، طبعت قبلة على وجهه، ورفعت كفها تحييه، وهو يغادر إلى مثواه الأخير.
قالت والدته، بأن ابنها قضى على مذبحة الحرية، ومن أجل فلسطين، التي: "لا يوجد شيء يرخص عليك يا فلسطين" مؤكدة أن الاحتلال زائل لا محالة.
وربط محافظ بيت لحم كامل حميد، بين جريمة قتل الشهيد مناصرة، واستشهاد ثلاثة مواطنين في نابلس وسلفيت، متوقعا أن تزداد حدة آلة القتل الإسرائيلية، مع استعار معركة الانتخابات الإسرائيلية، محملاً رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو المسؤولية، وحذر أبناء شعبنا لأخذ الحيطة والحذر.
ونعت حركة فتح/إقليم بيت لحم، وحركة الشبيبة في جامعة فلسطين الأهلية، بكل فخر واعتزاز، شهيدها مناصرة، الذي أنهى دراسته في الجامعة، وحصل على درجة البكالوريوس.
وشهدت محافظة بيت لحم، إضرابا عاما وشاملا، أعلنته لجنة التنسيق الفصائلي: "احتجاجا على الجريمة النكراء التي ارتكبها جنود الاحتلال على حاجز احتلالي قرب النشّاش وأدت إلى ارتقاء الشهيد احمد مناصرة وإصابة الشاب علاء غياظة إصابة خطيرة".
وحسب الدكتور محمود إبراهيم، الذي أشرف على إجراء عملية لغياظة، فان غياظة أصيب برصاص من نوع دمدم متفجر قاتل في البطن، من مسافة قريبة.
وأكد مصدر أمني مسؤول، ان إعدام الاحتلال لمناصرة، هدفه التخريب على سير الحياة الفلسطينية في محافظة بيت لحم التي تستعد لاستقبال فعاليات ماراثون فلسطين الدولي السابع، غدا الجمعة، الذي يحمل رسائل عدة أهمها فضح ممارسات الاحتلال العنصرية بحق شعبنا.
وأكد المصدر، أن مواصلة فعاليات الماراثون وإنجاحها يوم غد هي رسالة حياة وسعي للحرية جسدها احمد باستشهاده وسيجسدها شعبنا يوم غد من خلال فعاليات الماراثون.



الجمعة، 15 مارس 2019

فاجعتا بيت لحم في يوم ماطر حزين



بينما كانت الشرطة، تحقق مع المشتبه بقتل زوجته، وتسمع أقواله، بعد فترة من وقوع جريمة القتل في مدينة بيت لحم، حُشر طلبة مدرسة الفرير داخل مدرستهم، ليس بسبب الأمطار، وتكوّن بركة مياه في شارع جمال عبد الناصر أمام المدرسة، كما يحدث في كل شتاء، تكشف عن هشاشة البنى التحتية،، ولكنّ لتفاقم الأوضاع في أكثر من شارع في بيت لحم، وسماع أصوات إطلاق النّار.
في الصباح أعلنت الشرطة، مقتل مواطنة عمرها 31 عاما، وباشرت بالتحقيق، وقال المتحدث باسم الشرطة العقيد لؤي ارزيقات إن الشرطة تلقت بلاغا، يفيد بقتل شخص لزوجته في شارع الصف في مدينة بيت لحم.
وأفاد بأن طواقم الشرطة عند وصولها لمكان الجريمة عثرت على جثة المواطنة، وعليها أثار دماء، ويشتبه بتعرضها للطعن بآلة حادة، من قبل زوجها.
ومع شيوع الخبر، شهدت شوارع عدة في بيت لحم، أعمال فوضى، وعمد عشرات الشبان، الذين يعتقد بأنهم تحركوا فيما يسمى فورة الدم، إلى إغلاق المحلات، وإثارة الشغب، فتدخلت قوى الأمن الوطني، لإعادة الهدوء.
ومع استمرار إطلاق النار، وإغلاق شوارع، وتعطل حركة السير، وتفاقم أزمة السير في الشوارع، أغلقت باقي المحلات أبوابها، تحسبا لأي طاريء.
وانتشرت أعداد كبيرة من رجال الأمن في شوارع بيت لحم، في ظل ظروف جوية سيئة، مما فاقم من سوء الأوضاع في المدينة، فوجد كثير من المواطنين أنفسهم، عالقين بسبب الأمطار، والوضع في الشوارع، وصعوبة الوصول إلى المركبات.
وتمكنت الشرطة والأجهزة الأمنية، من فرض الأمن، واعتقلت عددًا ممن وصفتهم  مثيري الشغب، وفي تطور غير متوقع، أعلن استشهاد نائب قائد منطقة بيت لحم العقيد جمال عودة (أبو صهيب)، وهو يترأس القوة الأمنية التي أوكلت إليها إعادة الأمن لمدينة بيت لحم.
وقال العقيد ارزيقات، بان عودة أصيب بجلطة، خلال فرض الأمن والنظام في مدينة بيت لحم، ونعى اللواء كامل حميد محافظ بيت لحم، إلى القيادة الفلسطينية والى أبناء شعبنا استشهاد عودة: "أثناء تأدية واجبه الوطني في حماية الأمن والسلم الأهلي في بيت لحم".
وأصدرت عائلة المشتبه به بالقتل، بيانا، استنكرت فيه الجريمة، ونعت المغدورة باعتبارها "أم أطفالنا وأولادنا"، وكشفت أن المشبه به بالقتل: "كان يعاني من مرض نفسي منذ ثلاث سنوات وكان مقيم في مستشفى الأمراض النفسية لفترات متقطعة".
وقدمت العائلة، التعازي، بوفاة المغدورة، وطالبت الجهات المختصة ولأجهزة الأمنية: "أخذ المقتضى القانوني بحق ابننا القاتل".
بينما كان الهدوء يعود إلى بيت لحم، كانت المدينة مغلقة، وبينما كانت في الصباح تتأسى لفاجعة مقتل أم، وما تلاها من أحداث، أضحى خبر استشهاد العقيد عودة، مؤلما ومؤثرا، والسماء لا تكف عن "البكاء" كما قالت سيدة، في وصفها للأمطار الغزيرة التي لم تتوقف عن الهطول، وهي تلحق بحافلة تنقلها إلى قريتها غرب بيت لحم، امتلأت عن آخرها، مِن مَن تقطعت بهم السبل، تاركين المدينة، حائرة في سبلها.


الخميس، 14 مارس 2019

حياة تحت احتلال لا ينتهي


قبل سوات، تبدو بعيدة الآن، ذهبت إلى الخليل لمشاركة الزميل فوزي الشويكي فرحه بزواج ابنه، وبالامس ذهبت إلى الخليل، لأعزي باستشهاد الابن الذي ارتقى بالأمس برصاص جيش الاحتلال، وهو يوزع تباليغ لمحكمة الخليل، حيث يعمل.
لا كلام يمكن أن يحكى في حضرة أهل الشهداء. الحاج فوزي يقول: "العيش في وطننا، يستلزم دفع ضريبة، وفي الواقع نحن دفعنا الضريبة".
أطلقوا النّار على ياسر، بدعوى محاولته تنفيذ عملية طعن، وعندما سقط على الأرض، تناثرت الأوراق التي تحويها حقيبته الرسمي...ة، بجانبه، وكأنّها الوحيدة، التي آثرت توديعه، وعدم تركه وحيدًا في رحلته الأخيرة، المفاجأة، وغير المتوقعة.
الاحتلال قتل ياسر، وسجن جثمانه، والجواب عن موعد تسليمه، بأن المسألة، سياسية..!
في ديوان آل الشويكي، يمكن رؤية صور لشهداء من العائلة، ارتقوا خلال الانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة، انضمت إليهم صور الشهيد ياسر فوزي الشويكي.

الاثنين، 11 مارس 2019

جداريات الحج الملونة في القدس































تعبّر الرسوم المتعلقة بالحج الإسلامي إلى الديار الحجازية، في القدس وضواحيها، عن مفاهيم دينية ووطنية، تربط بين المدينة الفلسطينية المقدسة، ومكة المكرمة، والمدينة، استمرارًا للربط الذي جاء به القرآن الكريم في سورة الإسراء.
وتذكّر، هذه الرسوم، بماضٍ القدس، كمدينةٍ، كان كثير من الحجاج المسلمين إلى الديار الحجازية، يقصدونها، بعد إنهاء مناسك الحج هناك، ليستكملوا، وفقا، لمعتقدات الدين الشعبي، رحلة الحج ومناسكه، "بتقديسها" أي تقديس الحجة، بزيارة القدس، والتبرك بأولى القبلتين، وفي زمن مضى، كان الحجاج الذين يصلون إلى القدس، يحصلون على شهادة، تفيد بأنهم قدّسوا حجهم، ورفدت رحلات التقديس هذه، على مدى قرون، تنوع ناس القدس، فبعض الذين وصولوا المدينة، فضلوا الإقامة الدائمة فيها، من دول المغرب العربي، إلى دول افريقية، إلى أوزبكستان، وحتى الصين، والهند، وغيرها.

السبت، 9 مارس 2019

من حمص إلى القدس..!


















اعتاد الزوار والحجاج الذين يأتون إلى بلادنا الخربشة على جدران المساجد والكنائس ومداخل العيون والأضرحة، ولعل أوَّل شخص نعرف أنه تخصص في الخربشة، هو الهروي، صاحب كتاب (الإشارات في معرفة الزيارات).
فيما يتعلق بمصلى باب الرحمة، الذي يحتل اهتمامات الرأي العام في القدس الآن، تزعم الباحثة الإسرائيلية شولاميت جيرا، أنها وجدت كتابات بالعبرية على الجدران الداخلية، تعود لألف عام على الأقل، ونشرتها في دراسة.
يمكن أن نكون، أكثر تواضعًا منها، ونشير إلى كتابات على أعمدة المصلى القديمة تعود إلى فترة أقرب بكثير من ألف عام، وعلى ثقة أكبر بصحتها، مثل ما خطه شخص اسمه عبد الرزاق اجنيدي، وبجانب اسمه كتب سوريا حمص والتاريخ أوّل شوال 1355ه، أي سنة 1936-1937م، وثمة اسم آخر زكي ابن نجيب الزهراني، مع إشارة: "من أهالي حمص"، ولعلهما جاءا معا أو ضمن مجموعة وفلسطين تشهد ثورتها الكبرى. ربما جاءا في زيارة عادية، أو لها علاقة بدعم الثورة.
في البحث العلمي، لا يوجد أطول، وأقدم، وأكبر، مثلما هو الحال، في الرياضة، وهوس الأبراج، والأطعمة، وإنما بحث مستمر، موضوعي، وصادق. ولو كانت فلسطين تعيش ظروفًا طبيعية، لشكرنا شولاميت على جهدها وكشفها الذي يؤكد بأن بلادنا كانت مقصدًا لفئات مختلفة من الزوار والحجاج، كانوا يشعرون بالحرية ولديهم الوقت ليخطوا على الجردان، وهذا يدل على حيوية لافتة، أو أنها أيضا كانت متنوعة دينيًا، وترك لنا الذين يكتبون بالعبرية من سكانها، مثلما فعل، الذين يكتبون بالعربية، كتابات على الجدران.
ولكن فلسطين تحت الاحتلال، وكان على شولاميت أن تطلب إذنا لتجري أبحاثها، من أصحاب المكان، لتعطي بحثها صدقية، خصوصًا وأن أية أبحاث من هذا النوع، تصطدم بالمناخات السياسية والدعوية السائدة.

الجمعة، 8 مارس 2019

القدس؛ في انتظار ما هو آت..!













لم يكن لدى رجال شرطة الاحتلال، المحتلين لسطح مصلى باب الرحمة، ما يشغلهم أوّل أمس الأربعاء (6-3-2019)، بعد أن أنهى المصلون صلاة العصر في المصلى المهدد من قبل الاحتلال، وبعد أن اطمئنوا أن الأمور تسير بهدوء، أخذوا بالتقاط صورا ذاتية لأنفسهم، في الموقع الذي شغله في يوم ما، الإمام أبو حامد الغزالي، حيث كتب جزءا من كتابه (إحياء علوم الدين).