وكأنني،
كنت أحتاج إلى هذا الكتاب: أكتب لكم من إيران للصحافية الفرنسية-الإيرانية دلفين
مينوي، لأدرك بأن الشرق الأوسط ما هو إلَّا بحيرة منتة، يقودها مجانين، وسيظل
ناسها يسبحون فيها إلى ما لانهاية، وكأنهم إلا شخوص قدرية لواحدة من حكايات الشرق
القديم، التي اقتبست مرات لا نعرف عددها في الكتب المقدسة.
تعود
مينوي، التي ولدت ونشأت في فرنسا، إلى إيران لمدة أسبوع للتعرف على بلدها، فتمكث
عشر سنوات، تغطي فيها أخبار البلاد. وتعود بعد فترة انقطاع لمدة عامين.
ما
يلفت النظر، ذكرها تفاصيل سلسلة الاغتيالات التي طالت مفكرين ومثقفين إيرانيين، ما
يذكّر بسلستي الاغتيال في لبنان: حسين مروة، ومهدي عامل، وسهيل طويلة وغيرهم،
والثانية: سيمر قصير، وجورج حاوي، وجبران تويني وغيرهم.
كيف
يمكن أن تكون سلطة وطنية بالمعنى العميق (وغير العميق) وتغتال مثقفًا، أو مواطنًا،
أو عابر سبيل؟
تروي
مينوي على لسان ضحايا هجوم صدام الكيماوي على بلدات إيرانية، وترصد التظاهرات
المؤيدة لخاتمي، وتلك التي رافقت ترشيح أحمدي نجاد لولاية ثانية. الدم المسفوح الذي
لم ينته مع انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية. تكتب مينوي أيضًا عن لبنان، والعراق.
إنه
كتاب عن الذات، والجماعة. عن الشجاعة والصحافة، والنجاحات والإخفاقات، وعن الحرية
والاستبداد.
ما
يمكن قوله، لو أن النّاس في هذا الشرق ظلوا، سلطات ومعارضة، يمارسون نفس ما
يمارسونه، فلن يحصل تقدم، ولو خطوة واحدة إلى الأمام، وسنظل نعيش دوامة لا تنتهي
من إعادة إنتاج الذات: قتل، وثورات، وانتفاضات، وقمع وحروب بين دول الجوار وغير
الجوار، ومعارك داخلية لا تنتهي.
تذكرت
وأنا اقرأ الكتاب، بأن ما اعرفه عن إيران في السنوات الأخيرة، مصدره كتب بأقلام
نساء إيرانيات، ومنها:
*جواز
سفر على الطريقة الإيرانية-نهال تجدد.
*بنات
طهران-نهال رشدان.
*أشياء
كنت ساكتة عنها-آذار نفيسي.
*أن
تقرأ لوليتا في طهران-آذار نفيسي.
والكتاب
الأخير، كان ملهما لتأسيس نادي للقراءة في القدس. من قال بأن الطغاة ينتصرون أمام
الكتب؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق