في
منتصف التسعينات، شهدت مدينة حيفا، تظاهرات لمنع عرض فيلم (الإغواء الأخير
للمسيح)، وأتذكر أن شوارع المدينة الفلسطينية المحتلة شهدت حوادث عنف احتجاجية،
والآن يمكن مشاهدة الفيلم، الذي أخرجه الأميركي مارتن سكورسيزي عن رواية اليوناني نيكوس
كازانتزاكيس، بكل حرية على مواقع لا تحصى على الانترنت، ولا يمكن النظر إليه إلَّا
من وجهة نظر فنية إبداعية، ولم يسجل أن عدد المؤمنين بالمسيح تناقصوا بعد عرض
الفيلم.
اليوم
وصلني بيانين، ينددان بتشويه صورة السيّد المسيح، والسيدة مريم العذراء في حيفا،
الأوّل أصدرته حركة فتح-إقليم بيت لحم، والثاني صادر عن بلدية المدينة، وفيهما
كلام كثير عن الاحتلال والوطنية والوحدة الوطنية الراسخة الفلسطينية-المسيحية،
وعندما بحثت تبين لي بأنه لا علاقة بماء جاء في البيانين، عن الموضوع، الذي يتلخص
بمعرض فني في متحف حيفا، ينتقد ثقافة الاستهلاك، مستوحيا صور السيّد المسيح.
من
حق كل شخص أو جماعة أن تعترض على ما تراه مسيئا لها، حتّى لو كانت من الجهل بما
يحدث فتصبغ ذلك بملامح وطنية، وتحمل الاحتلال كل الأوزار، ولكن يبدو أن مسلمي
ومسيحي فلسطين والعالم العربي، لا يريدون أن يدركوا، أن الشخصيات الدينية وغيرها،
لطالما كانت موضوعات لإعمال فنية، وأنه يجب قبول ذلك، ومعرفة أن إثارة الزوابع،
التي لا جدوى منها حول هذه المواضيع لا تسهم إلَّا في الدعاية لها.
لا
أعرف إذا كان سيأتي يوم يقتنع فيه المؤمنون بالأديان المقدسة، أن حرية الرأي هي الأجدر
بالقداسة، وهي مفتاح تطور البشرية.
التعصب
هو الذي يسيء، والفن هو من يرتقي..!
لا
أحد يقتل باسم الفن، ولكنه يمكن أن يقتل باسم الدين، ويصادر حرية التفكير والخيال..!
**
الصورة
من صفحة رازي نجار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق