هذه
الصورة لسماء القدس، قبل ساعات من دخولها عام جديد آخر تحت الاحتلال. تعيش القدس
على قلق، ولكنّها قد تتعايش مع الاحتلال، سنة أخرى، من سنوات عمرها المديد، الذي
ودعت فيها احتلالات واستقبلت أخرى. الشباب والصبايا، والأجانب، انتثروا على درجات
باب العمود، في محاولة للاستفادة، بأكبر قدر من دفء الشمس، وفي مقاعد أرصفة المصرارة،
أُكلت الساندويتشات بأنواعها، وشربت كاسات القهوة والشاي، وبدا النّاس والأجانب، في
أكثر حالتهم حرية، بدون عقد ارستقراطية، وكأنهم بروليتاريا العصر، بينما الحمام
أصبح أكثر اطمئنانًا، وهو يتناول طعامه على الأرض، بدون خوف، مقلدًا الحمام في ميادين
العالم الآمنة، وسار اليهود الحريديم بهدوء وكأنه المدينة لم تشهد حالة حرب منذ
قرون، ورأيت ما أظنه موردخاي فعنونو، يمشي مع شقراء أخرى (الأشهر هي التي أودت به إلى
القفص)، قاطعًا المصرارة نحو الشمال، وفي عينيه قلق. ربما يخططان لسهرة رأس سنة في
قدس الحجر والبشر، التي يرنو إليها الله مرتين في اليوم، على الأقل، وفق
الميثولوجيا الإسلامية.
أمّا
بالنسبة لمحلل ثاقب، أكثر مني، مثل محمد عليّان (أبو البهاء)، فإن الانفجار آت في
القدس. متّى وكيف؟ ربما أجهزة الاحتلال، تراقب وتتوقع وتحلل المعلومات الكثيفة
التي لديها.
ولكن
فلسطينيًا، هل يستعد أحدٌ لمثل هذا الاحتمال؟ وهل ستركب الفصائل التي انتهت مدة
صلاحيتها الموجة؟ وكيف يمكن قيادة وإدارة الانفجار، بحيث يحقق أفضل النتائج بأقل
كلفة، خصوصًا فيما يتعلق بالدماء؟ وإلّا فان الانفجار، إذا أتى لن يعني سوى مزيد
من الدم والدموع، بينما سيمتد عمر الاحتلال.
الانتفاضة
العظيمة الكبرى أدت إلى هزيمة أوسلو، والانتفاضة الثانية الكبرى، أفضت إلى انقسام
مؤبد، والقادة، في كراسيهم، ما زالوا يديرون صراعاتهم البينية..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق