بقامته
الطويلة، وابتسامته العريضة، ولحيته البيضاء الكبيرة غير المشذبة، التي تصلح رمزًا
للسنوات الطويلة التي أمضاها الأسير محمود جبّارين في السجن، صافح مستقبليه في
مدينة بيت لحم، التي احتفت به في حفل حضره عدد كبير من أهالي الأسرى الذين عرفوا جبّارين
وعائلته خلال زيارات أبنائهم في السجون.
جبّارين
أمضى ثلاثين عامًا في سجون الاحتلال، وأفرج عنه مؤخرًا، وعاد إلى مدينته أم الفحم،
بعد غياب طويل، فقد خلاله والدته، التي زار قبرها، وخاطبها بكلمات مؤثرة، ولكنه أراد
أيضًا أن يزور مدينة بيت لحم، ليعلن أن التشابه بين المدينتين ليس في التشابه
الصوتي، وإنما في حقيقة أن شعبنا شعب واحد، ووطن واحد.
وأعلن
جبّارين فخره بمسيرته النضالية مستشهدا بقول الشاعر:
مشيناها
خطى كتبت علينا
ومن
كتبت عليه خطى مشاها
وقال:
"نحن لا نعد الخطى، بل نشق الطريق إلى الحرية".
جبّارين
الذي أهملته صفقات التبادل السابقة، مع زملائه من الأسرى في الأراضي المحتلة عام
1948م، بدا وكأن السنوات الثلاثين لم تؤثر على معنوياته، ونبرة صوته وخطابه، كما
لاحظ الوزير السابق عيسى قراقع الذي ألقى كلمة ترحيبية باسم حركة فتح.
وخاطب
جبّارين مستقبليه: "أنتم دائما في القلب، كنا هناك في مقابر الأحياء، عشنا
اللحظات الصعبة، لأننا كنا ندافع عن أرضنا الطيبة، أرض الرسالات، الأرض المباركة،
أرض مسجدنا الأقصى، وإنشاء الله معا وسويا سنصلي في الأقصى".
وأضاف:
"هناك خطوط مصطنعة بين بيت لحم وأم الفحم، وستمحى هذه الخطوط، ونحن شعب واحد،
لقد جئناكم من مسافات بعيدة، ولكن قلوبنا معكم دائمًا، في جنين القسام، وفي نابلس
جبل النار، وفي خليل الرحمن، وفي بيت لحم أرض سيدنا عيسى عليه السلام، نحن دائما
معا وسويا، ندافع عن أرضنا ومقدساتنا، وهناك في السجن كنا نتابع أخباركم، ما
يحزنكم يحزننا، وما يفرحكم يفرحنا، نحن إخوة وسنكون كذلك دائما".
وأشار
إلى عدد من الأسرى الذين دخلوا العقد الثالث على وجودهم في السجن: "وعلى
رأسهم عميد الأسرى كريم يونس، وماهر يونس، والقائمة طويلة منهم أخوتي ناصر ومحمود أبو
سرور، ومحمد سليمان جبّارين، وزياد جبّارين، وظافر جبّارين، وأبو شادي الطوس،
وصالح أبو مخ، وإبراهيم أبو مخ، ووليد دقة، وإبراهيم بيادسة، ومحمد الصيفي، ورياض
العمور، وجميع آل عبيات، نقول لكم سيأتي اليوم سيفرج عن الجميع، وسنحتفل بتحرير
أخر أسير، وسيكون احتفالا للكل الفلسطيني".
واقتبس
جبّارين، المحب للشعر، من الشاعر اليمني محمد محمود الزبيري، قوله:
خرجنا
من السجن شم الأنوف/كما تخرج الأسد من غابها
نمر
على شفرات السيوف/ونأتي المدينة من بابها
وغير
كلمة في البيت الثاني، فجعل المدينة بدلاً من المنية، في إشارة تفاؤل، مؤكدا:
"إن فجر الحرية آتٍ"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق