في أواسط سبعينات
القرن الماضي، تحوَّل النادي العربي الأرثوذكسي في بيت ساحور إلى فضاء ثقافي يتنفسه
المتعطشون الذين يطرحون الأسئلة ويبحثون عن سبلهم تحت الاحتلال، ولا أعرف من الذي
كان يقف خلف تنظيم المحاضرات في النادي.
ما زلت أذكر حضوري في
سني المبكرة تلك مع الأصدقاء بعض المحاضرات، وكيف كان من يركب الدراجة الهوائية
منا يسبق الباص في نزلة بيت ساحور الحادة.
من المحاضرين أتذكر الدكتور
جورج رشماوي، المحاضر في جامعة بيت لحم، الذي قدم عرضا وتعريفا لكتاب الدكتور صادق
جلال العظم (نقد الفكر الديني) الذي صادرته السلطات اللبنانية، وتعرض مؤلفه إلى
المحاكمة. كيف يمكن أن يؤثر مفكر نقدي في عقل الطفل الذي كنته؟
اختفى رشماوي، وظلت
ذاكرتي الصغيرة تحتفظ بصورة ذلك المحاضر النقدي، الذي غاب عن المشهد الثقافي
الفلسطيني، الذي كان بأمس الحاجة لأمثاله من المثقفين النقديين. سألت عنه مرات،
ولم أظفر بإجابات.
من المفاجآت أنه حضر
بعد كل هذه السنوات لقاءنا في كلية تراسنطا، ليناقش، بكل جدية ومعرفة واطلاع، بعض
ما كتبت، وعلمت منه أنه تغرب في بلاد العرب والغرب. أتساءل الآن لماذا جامعة بيت
لحم لم تتمسك به؟ ماذا لو أن تيارًا نقديا ساد في الساحة الثقافية الفلسطينية في الأراضي
المحتلة، هل كنا لنصل إلى غابة الأعلام الفصائيلية، وثقافة الولاء، بينما أصبحت الأرض
المحتلة مجرد أرخبيل من أكثر من 200 جزيرة، أو غيتو يصغر مع الوقت؟
سعدت بالدكتور رشماوي
كثيرًا..ما أجمل المفاجأت!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق