في القرن
التاسع عشر، كان لدى الشاب حنّا شاهين ما يشغله عن كل شيء حوله يدور في بيت لحم،
لأن كل اهتمامه انصب على عروسه جميلة، التي جلبها من مدينة حلب لتعيش معه في منزل
العائلة في حوش شاهين في حارة العناترة، على بعد 200م عن كنيسة المهد.
لا نعرف كيف
تعرف حنّا على جميلة، ولكن ما نعرفه أن حنّا اهتم اهتمامًا شديدًا بالغرفة المخصصة
لعروسه، لتكون بأجمل حللها. تحتوي الغرفة، كما يمكن معاينتها الآن، حجارة مزخرفة
على النوافذ، وتفاصيل عمرانية كتلك التي عرفتها عمارة بيت لحم التقليدية في القرن
التاسع عشر.
غرفة جميلة،
تسمى الآن غرفة عروس بيت لحم، وتقع في مبنى عثماني، يسمى دار ستي عزيزة، الذي حوله
نبيل رشماوي أحد أحفاد حنّا، إلى نُزل جميل، في بلدة بيت لحم القديمة.
على مدخل
الدار نقش باللون الأسود مكون من سطرين يفصل بينهما صليب أرثوذكسي:
"الرّب
معنا
الملك لله"
يخلو النقش من
ذكر التاريخ، وأسفله حجر يبدو انه كان عليه كتابة، ولكن تم ازالتها، كما يظهر بشكل
واضح. وغير واضح أيضا إن كانت الكتابة باللون الأسود تعليما لنقش أم لا.
لم يستطع نبيل
تحديد تاريخ النقش، وإن كان يقدم الدار باعتبار أن عمرها 400 سنة، وهو أمر من
الصعب التسليم به بسهولة، ويحتاج لنقاش.
وأقدر بان هذا
النقش يعود لنهاية القرن التاسع عشر وبدابة القرن العشرين، فهو يتميز بوضوحه،
ومباشرته، وسلامته اللغوية.
يقول نبيل
الذي بذل جهدًا ليضع النُزُل على الخارطة السياحية في بيت لحم: "نُزل دار ستي
عزيزة، هو فندق تقليدي حضري من العصر العثماني، يقع في قلب مدينة بيت لحم القديمة،
قريبا من كنيسة المهد ومغارة الحليب".
ويضيف مبينا
السلالة العائلية لأصحاب الدار، التي تشهد على تاريخ المكان: "جدتي عزيزة، هي
زوجة عيسى شاهين، ابن حنّا شاهين وجميلة، المرأة السورية الجميلة الحلبية، وقد عاش
العديد من النَّاس في البيت على مدار الأجيال المختلفة، ولكن جدتي عزيزة كانت فردًا
مميزًا في العائلة، وكان البيت، في ظلها، في أفضل حالاته من خلال الدفيء والرعاية
اللذين قدمتهما له".
من أصغر أبناء
عزيزة شاهين، إميلي التي تزوجت في بيت ساحور من عائلة رشماوي، ونبيل الذي يدير النُزُل
هو ابنها.
إميلي الآن
إمرأة مسنة، ولكنها ما زالت قادرة على زيارة النزل، ورواية الحكايات التي لا تنتهي
عن بيت لحم.
عندما فكر
نبيل بإحياء منزل جدته، كان المنزل في الواقع في حالة صعبة جدًا، وكانت البلدية،
كما يقول تخطط لهدمه لتوسيع الشارع أمامه.
اكتسب نبيل
خبرة من خلال أسفاره المتعددة، في ابتكار الأفكار الخلاقة التي يمكن أن تنقذ منزلاً
عثمانيا قديما، وتقديمه من خلال مشروع طموح، يختلف عن الفنادق العصرية، فبدأ في
مشروع ترميم المنزل، ولأنه يؤمن، كما يقول بالتخصص، فقد أولى عملية الترميم لمركز
حفظ التراث الثقافي في بيت لحم، وموّل ذلك بنفسه.
عائلة شاهين
إحدى العائلات العريقة في بيت لحم، ولكنها مثل معظم العائلات أصابها داء الهجرة،
فتركت خلفها حوش شاهين الذي تعتبر دار ستي عزيزة، واحدة منه، وأسماء على مواقع في
المدينة مثل وادي شاهين.
يبدو نبيل
رشماوي متحمسا، وهو يشير إلى تفاصيل قديمة في دار ستي عزيزة، كالبئر، وزخارف
الشبابيك المستوحاة من كأس القربان، وربما الأهم حجر قديم عليه تاريخ 1675م.
في داخل النُزُل،
يوجد حديقة لأشجار الفستق الحلبي، الذي كان منتشرا في فلسطين، ويعيد رشماوي
الاعتناء بها من جديد، ويحرص على نشر ثقافة الطعام والشراب التقليدية في بيت لحم،
من خلال تقديم الإطباق التقليدية، وحلوى المعمول، والنبيذ المحلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق