تُحرق
الكتب على درجة 451 فهرنهايت، هكذا على الأقل في رواية الكاتب الأميركي راي
برادبوري الشهيرة (فهرنهايت 451). وقبل أيام رحلت واحدة من آخر الشهود على جريمة
حرق كتب نفذها الاحتلال في مخيم الدهيشة.
تزوجت
توحة المناضل إبراهيم يوسف في عام 1947م، وعاشت أقل من عام معه في قريتهما زكريا،
قبل أن يُنكبا، ولم تكن أولى النكبات، حيث أمضى زوجها نحو 10 سنوات في السجون
الأردنية، وكتب محاميه جودة شهوان قصته، التي ترمز إلى واقع عربي متخلف ومتآمر
ومرير، وهي تصلح لفلم سينمائي، ولكنها بالتأكيد لا تناسب السينما الفلسطينية
السطحية الشائعة منذ سنوات.
اعتقلت
سلطات الاحتلال، إبراهيم يوسف عدة سنوات، وبعد رحيله، في أوائل ثمانينات القرن
الماضي، أغارت قوة احتلالية على منزله في مخيم الدهيشة، بقيادة أبو الفهد، وكانت
مهمتها جمع كتبه وأوراقه وكل ما له علاقة بالكتابة، وحرقها بجانب المنزل.
إنه
الانتقام الأخير من مناضل، أراده المحتلون ثقافيا، ولا يخلو من دلائل.
في
المقالة التي كتبتها عن توحة (أم محمد) ونشرت بتاريخ 18 تشرين ثاني 1982م، في
جريدة الطليعة المقدسية، لم أجد ذكر لواقعة الحرق، لعلها الرقابة الاحتلالية
شطبتها، لم أعد أذكر.
قبل
فترة، جرب مخرج شاب، أولى محاولاته الفنية في شريط مرئي، فيّ، وتحدثت كثيرًا في
أكثر من مكان وذكرت واقعة حرق الكتب، وبعد أيّام، سألني، كأي مخرج مجد، إذا كان
هناك أي دليل على كلامي عن الواقعة، كالصور مثلاً، فقلت له: لا يوجد غير روايتي..!
قبل
أيام رحلت واحدة من الرواة..!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق