القُدْس
أيضًا، مدينة المتسولين، في شهر رمضان، ترتفع وتيرة التسول، ويتنوع، وفي الأيام
العادية، يتداخل التسول، بين القُدْسين.
التسول،
في رمضان، يمكن أن يضطلع به ممثلو جهات يفترض أنها تجمع أموالاً لغايات خيرية
ودينية، ويتسول نظرائهم اليهود في كل الأوقات.
طريقة
التسول مختلفة، يحمل اليهود عادة كاسات يخرخشونها، لإشعار أصحاب الخير الذين
يريدون الدفع، لدفع النيات الشريرة عنهم.
ولكن
كل هؤلاء، لا يمكنهم مجاراة، ذلك العربي المسن الذي يرتدي طاقية سوداء، ويجلس في
مكان حَجَزه، في سوق محني يهودا. ويبدو كيهودي عتقته السنين، وطبعت التجارب،
بصماتها على وجهه الحاد.
قبل
أعوام، تمكّن من خلال جلوسه قبالة الباب المفضي الى حائط البراق أو حائط المبكي
(وهي تسمية لم تكن حصرًا على اليهود، قبل أن تسيس الغزوة الصهيونية كل شيء) من جلب
انتباه الورعين وغير الورعين اليهود، ولكنّه الآن، رضي بموقعه في السوق.
تحبه
كبيرات السن من اليهوديات، وتضع الواحدة منهن في كاسته، ما تيسر لها من أوراق
نقدية، بينما يهز رأسه مبتسمًا، راضيًا، وكأنه فعلا آخر الناجين من الهولوكست.
في
يوم السبت يرتدي الكوفية، ويبسّط في سوق إحدى المدن الفلسطينية، يبيع أغراضًا منحت
له بفضل حسّ التضامن اليهودي، ويرطن مع الزبائن العرب، بالعبرية، بينما يبتسمون، ربما
كنوع من التدريب، على عمل اليوم التالي في سوق محني يهودا.
عندما
تلتقي أعيننا، مساء في طريق العودة، أو وهو جالس يعمل، أبتسم، ولكنّه يبقى متجهمًا،
إنه لا يحب الضحك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق